لا يوجد في وزارات التخطيط في البلدان العربية من ينظر إلى مستقبل البلاد بعد عشرين سنة مثلا عندما تصل درجة الحرارة فيها صيفا إلى معدلات مرتفعة تجعل من المستحيل على الإنسان السير في الطرقات. وتحترق الحقول ويذوب إسفلت الشوارع، ربما تنقطع عندها صلة البلدان الساخنة بالعالم ويهاجر الناس هربا من إصابتهم بسرطان الجلد وتصبح الأراضي قفارا غير صالحة للعيش. لست متشائما، لكنني أشعر بآلام الآخرين كلما رأيت مشهدا تحت شمس تموز المغموسة في جهنم، أو سمعت شكوى من أهلنا هناك. مسنة تونسية اشتكت بمرارة بأنها لا تستطيع تشغيل المروحة الوحيدة التي تمتلكها خشية من فاتورة الكهرباء نهاية الشهر، رب أسرة عراقي أعترف إن الحر اللاهب فاقم من التذمر والكراهية داخله حتى من أقرب أفراد أسرته. فالطقس الحار سبب لتوتر الأعصاب وتأثيرات ذلك على المجتمع خطيرة. الأسبوع الماضي اضطرت طائرة ركاب قادمة من فرانكفورت إلى بغداد إلى قطع رحلتها إلى العراق والعودة إلى ألمانيا بسبب ارتفاع درجة الحرارة التي وصلت إلى خمسين درجة مئوية. وعلينا أن نتخيّل الحال بعدها عندما تصل درجة الحرارة إلى معدلات أعلى؟ الحكومات التي تعمل من أجل شعوبها، تدرك أن الطقس الساخن سبب لتأخر البلدان، وانخفاض الإنتاجية وتوقف الأعمال ويتسبب بموت كبار السن والأطفال، لذلك تكون جاهزة لمواجهة هذه الكارثة. لكن كارثة الطقس الساخن التي جعلت الناس في البلدان يزدادون تذمرا وأفقدتهم أعصابهم، لم تحظ إلى اليوم باهتمام حكومي يشعر بمخاطرها. بلاد الشمس الساخنة التي يتوق إليها السائحون من البلدان الباردة ستصبح مدنا لا يمكن تحملها من سكانها، فكيف بعدها يتوق لها الزائرون الأجانب! كرم نعمة karam@alarab.co.uk
مشاركة :