< أضاف الطفل نواف على مقولة «أبناؤنا أكبادنا تمشي على الأرض»، جزءاً جديداً لتصبح «وكلياتنا تمشي على الأرض»، بعد أن ضم جسمه الصغير كليتي والديه، اللذين تنافسا على التبرع بهما له، لينقذا حياته التي كانت في خطر أكده الطبيب المعالج، ولم يمهل الأب وهو الزميل في «الحياة» إبراهيم المبرزي، الطبيب ليحدد موعده النهائي للعثور على كلية، حتى قاطعه بأن كليته ستنتقل إلى جسم ابنه الصغير لتجاور كلية زوجته التي تبرعت بها قبل نحو 12 عاماً، ليمثلا بذلك نموذجاً لتضحية الأبوين تجاه الأبناء. ولد نواف وهو يعاني من تشوه خلقي في كليتيه، وبعد سنتين قرر الطبيب المعالج حاجة الطفل إلى متبرع يهبه كليته، فلم تتردد الأم وطالبت الطبيب بنقل كليتها لجسم طفلها النحيل الذي كان يعاني آلاماً لم تحتمل مشاهدتها، يقول الزميل المبرزي: «تفاجأت من قرارها وإصرارها فسألتها هل أنتِ مقتنعة من بقائكِ بكلية واحدة، فأجابتني مبتسمة، هذا ابني وسأهبه قلبي لو استطعت، في مشهد أقل ما يقال عنه أنه تضحية الأم، لإنقاذ حياة ابنها». وقال: «عشت مراحل ألمه على مدى 12 عاماً، وكنت مرافقاً دائماً له، وكانت لديه أسئلة كثيرة يرددها متى ما كنا لوحدنا، مثل متى سيزيلون القسطرة عني؟ متى سأستطيع لعب كرة القدم مع الأطفال فأنا أعشقها؟ وكان دوري متمحوراً في إخفاء الألم الذي بداخلي والدموع التي تغرق عيني، وأطمئنه بأن الفرج قريب»، مضيفاً «ذات مرة خرجت معه من جلسة غسيل الكلى في الأحساء، وكان يتألم بصورة مخيفة جداً، اتصلت بالطبيب على الفور وأخبرني بأنه وضع له دواء وبعد نصف ساعة سيزول الألم تدريجياً، إلا أن أضعاف الألم والصراخ والبكاء كان في جسدي أنا». أخبر الأطباء قبل ستة أشهر والدي نواف بخطورة وضعه الصحي، وأن كلية والدته التي زرعت له تعمل بنسبة 20 في المئة فقط، وتوقفت بشكل مفاجئ، وأنه يحتاج لمتبرع بصورة مستعجلة، لم يتردد والده من توقيع أوراق التبرع بكليته، وعاد مشهد الأم قبل نحو 12 عاماً من جديد، وتبدلت الأدوار، وجاء سؤال الزوجة: «هل أنت مقتنع بهذا القرار؟»، فكان الرد: «لو أراد قلبي سأمنحه إياه من دون تردد»، وأخبرها بأن يبقى الأمر سراً إلى حين انتهاء الجراحة، ويقول المبرزي: «خفت من أن يصل الخبر لأمي فتثنيني عن هذا القرار، لأنها وبلا شك ستخاف عليّ لذا أبقيت الأمر سراً حتى انتهاء التبرع». ويقول: «انتظرنا حتى انتهاء شهر رمضان لأن نواف يحبه ويحب أجواءه، وقمت بعمل الفحوص التي استمرت 20 يوماً، وبعد الانتهاء منها وخروج النتائج بأنها إيجابية، دخلنا أنا وابني غرفة العمليات وأنا مبتسم وفخور بما أقوم به، وكنت أردد أن أجر الله تعالى أكبر، ولم أقم بذلك طلباً للشهرة، فلحظة واحدة أشاهد فيها ابني يتألم تكفي لأن تنقص من أيامي أياماً عديدة». عرف عن الزميل المبرزي رصده واهتمامه الدائم بالحالات الإنسانية التي ينقلها للقراء من فترة لأخرى، إلى جانب تفعيله لتطبيق «سناب شات» ليكون منصة لنقل معاناة المحتاجين وحل أزماتهم، ما جعله واحداً من أهم وجوه الإحسان في منصات وسائل التواصل الاجتماعي، وهو ما جعل هاتفه لا يتوقف من تنبيهات الرسائل والاتصالات من تلك الأسر التي حاولت الاطمئنان على صحته. وقال: «تلقيت اتصالات وزيارات كثيرة جداً من رؤساء الأندية السعودية واللاعبين والإداريين، وأخص بالشكر رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للرياضة محمد عبدالملك آل الشيخ، الذي كان دائم الاتصال بي، وأوفد اثنين من مكتبه الخاص للاطمئنان علي، فهو رجل يستحق الشكر والامتنان، وأيضاً اتحاد كرة القدم، والإعلاميين على مستوى المملكة، والاتحادات الرياضية، واللجنة الأولمبية، ومواطنين، سائلاً الله بأن يمن عليهم بالصحة الدائمة».
مشاركة :