اتخذ جانب من الجمهور موقفا عدائيا من الفنان المصري محمد رمضان، بعد سلسلة الأفلام التي قدمها بالتعاون مع المنتج محمد السبكي، حيث اعتبرها البعض تسير في طريق مختلف وغريب رَسمه رمضان لنفسه منذ الوهلة الأولى، فنوعية الأفلام التي قدمها مثل "الألماني، عبده موتة، قلب الأسد" كلها رَسَخت في أذهانهم مفهوم الانحدار الأخلاقي الذي يتعمد البطل افتعال ما بوسعه حتى تزداد حدة الانتقاد ومن ثم إعطاء المزيد من الشهرة للفيلم على حساب الشباب الذي بات رمضان قدوتهم في أفلامه، من أجل شهرة زائفة في سينما شبيهة إلى حد كبير بسينما المقاولات التي كانت تقدم في فترة الثمانينيات من القرن الماضي، سينما بدون قصة، خاوية المضمون، مجرد مجموعة من الفنانين يحاولون التسلق سريعا على أكتاف أعمال خالية من المحتوى. وعلى الرغم من أن أفلام محمد رمضان صارت ظاهرة مؤكدة ومنتشرة في المجتمع العربي، لكننا لن نُعير الأمر اهتماما، فالرفض الدائم هو حليف تلك النوعية من الأفلام سواء كانت من بطولة رمضان وتوقيع السبكي أو غيرهم، المهم هو الابتعاد عنها، محمد رمضان وبعد أن وقف على أرض صلبة وكون شعبية جارفة بهذه الأفلام أحس بقدر المسؤولية الملقاة على عاتقه وسواء خطط لذلك أم لم يخطط فالشهرة جاءته من أوسع أبوابها فأصبح حليف الشباب بأعماله، عدو الأسرة بحواراته ومشاهد العنف التي قدمها ولا ندري هل أراد الفنان المصري الذي صُنف بالفنان الشعبي إرضاء الأسرة المصرية والعربية بعد فترات الجفاء التي حدثت بينهم جراء أفلامه أم لا؟ المهم أنه قدم لنا عملاً درامياً رائعاً "ابن حلال" أراد من خلاله الوصول لقلوب وعقول الأسرة البسيطة بكل مناحي حياتها فاستحضر المؤلف حسان دهشان والمخرج إبراهيم فخر، اللذين استغلا شهرة رمضان بطريقة صحيحة، الأشخاص والرموز البسيطة في الحارة المصرية والأسر المتوسطة والميسورة الحال واستعرض بقمة من الذكاء بعض من أهل السلطة المتسلطين ليفاجئ رمضان ونجوم الدراما المشاركين في العمل المشاهدين. مشهد من المسلسل. لقد جزم بعض المشاهدين أن المُشاهدة من البداية كانت من باب الفضول لا غير، لكنهم جميعا بلا استثناء أثنوا على العمل، حيث أخرج النجوم مِن جعبتهم الأداء السليم والتلقائية في التعبير مما دفعنا أن نعترف أننا لم نشاهد الوجبة الشعبية الدسمة هذه منذ زمن، فقط رمضان أراد أن ينقلها من الشاشة الكبيرة إلى الصغيرة وهو ما رفضه البعض في بادئ الأمر ولكن الفنان المعجون بالتمثيل أثبت العكس نحن لا نمدح هنا في شخص رمضان وإن كان يستحق ولكننا نعطي علامات التميز له ولفريق عمله فالفنان الشاب وعلى الرغم من شهرته وشعبيته الجارفة لم يستحوذ على مشاهد العمل الدرامي لم يقل أنا ومن بعدي الطوفان كما قالها الكثير من قبله، بل ربما تكون مشاهده في العمل عادية قاربت أي فنان آخر مع أنه بطل العمل، وبالفعل حقق "ابن حلال" ما لم يتوقعه أحد فالمسلسل به حبكة درامية وبناء محكم ومشاهد من الحارة المصرية بكل تناقضاتها شاهدنا البسيط والعادي والمُعاق وذوي السلطة استمتعنا بالجميلة هالة فاخر في دور الأم الصعيدية التي تتحمل الشدائد والصعاب تَحنو بقلبها وتقرر بعقلها والفنان محمود الجندي "الجار الجشع" الذي صدقه المشاهد لدرجة الكره وهذا هو قمة التشخيص الفني. محمد رمضان والمذيعة ريهام سعيد في كواليس المسلسل. وكما يقول الكاتب محمود الطوخي تلك الشخصية التي يؤديها الجندي هي عكس حقيقته تماما، ووفاء عامر "الفنانة الشهيرة" وسهر الصايغ "شقيقة حبيشة" وريهام سعيد "الصحفية المناضلة" ومحسن منصور "مساعد رجل السلطة" الذي يؤدي الدور بإتقان شديد يستحق عليه الثناء، أما الفنان أحمد فؤاد سليم الذي يقدم دور "رجل السلطة الفاسد" والمعروف في الحقيقة للكثير، فقد قدم الدور باقتدار لامس به الواقع المرير الذي يعيشه البسطاء المهمشون بقلة الحيلة وضيق اليد وقسوة بعض رجال السلطة، ووجد المشاهدون ضالتهم في هذا العمل الذي يَعتقد البعض أنه النسخة الدرامية من القصة الحقيقة الغامضة لمقتل ابنه الفنانة المغربية التي تقيم في مصر ليلي غفران بعد مرور خمس سنوات على الحادث ومرور شهرين على الحكم بإعدام العيساوي الذي اتُهم بالجريمة وهذا ما دفع القائمين على المسلسل أن يكتبوا تنويها مع بداية كل حلقة يُفيد أن أي تشابه مع أبطال العمل هو من وحي الخيال والمصادفة ولا علاقة للعمل بالواقع، لكن يبقى تفكير الناس مجرد تكهنات واستنتاجات كما هي العادة، بعدما أكد صناع العمل أن القصة بعيدة تماما عن هذا الأمر ولكن يبقى ذكاء المشاهد الذي يجزم بأنها القصة الحقيقية، وحتى ولو كان ما نشاهده هو محاكاة لما حدث فعلياً فجميل أن نرى الفن يُجسد هذا على الشاشة الصغيرة بمزيد من الحبكة الفنية وكثير من البناء الدرامي، مع قصة مشوقة استحضرت الواقع وأضاف عليها مؤلفها بإتقان. في النهاية، نحن أمام عمل مُحكم البناء مكتمل العناصر من الإضاءة والديكور والملابس مرورا بالواقع الذي تعيشه هذه الطبقة الشعبية البسيطة نافس به المخرج، والمؤلف، والبطل "عبده موتة" كما يلقبه عُشاقه، النجوم الكبار التي تعج الشاشات العربية بأعمالهم. ومع فرحة القائمين على العمل بالأصداء الإيجابية التي حصدها المسلسل أقام المنتج السعودي محمد عائض القحطاني دعوى قضائية طالب فيها بوقف عرض المسلسل؛ مستنداً في دعواه إلى أن العمل به إساءة للمواطن السعودي بعد قيام المخرج بإسناد دور للممثل الكويتي عبد الإمام عبد الله على أنه رجل سعودي يرغب في الزواج من فتاة تنتمي لطبقة فقيرة ويحاول استغلالها جسدياً ويعاملها معاملة سيئة. وقد أشار القحطاني في عريضة الدعوى إلى أن مخرج المسلسل تعمد إبراز جواز السفر السعودي، ما اعتبره إهانة لما تترتب عليه الأحداث بعد ذلك، حيث سيظهر الوجه السيئ للشخصية. فيما طالب نبيه الوحش المحامي المصري، بالرقابة على المصنفات الفنية باتخاذ قرار عاجل بوقف العمل خلال 48 ساعة وهدد أنه في حال عدم الاستجابة سيصعد الأمر للنيابة العامة.
مشاركة :