«توتر مكتوم»بين عمّان وتل أبيب: رسائل بالجملة..على الجسر الفاصل بين ضفتي نهر الأردن

  • 8/9/2017
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

كشفت زيارة العاهل الأردني، الملك عبد الثاني، ظهر الإثنين الماضي، 7 أغسطس / آب، للمقاطعة في رام الله ، عن مؤشرات «التوتر المكتوم» بين عمان وتل أبيب .. ولم تحمل الزيارة الثانية التي قام بها  ملك الأردن الى رام الله منذ الزيارة التي قام بها كأول زعيم عربي وعالمي الى رام الله في السادس من يناير/ كانون الأوّل 2012، بعد حصول دولة فلسطين على صفة مراقب في الأمم المتحدة. لم تحمل فقط رسائل أردنية «ترفض محاولات الاحتلال الإسرائيلي تغيير الوضع القائم في المسجد الأقصى والمدينة المقدّسة، وهو ما أفشله المقدسيون والفلسطينيون»، إضافة الى رسالة تكريس وتعزيز قنوات الاتصال مع الجانب الفلسطيني، من خلال التحرك المشترك في مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية والعمل على إيقافها ومنعها،  و«تشكيل خلية أزمة مشتركة» فلسطينية ـ أردنية، تتواصل في ما بينها لتقويم المرحلة الماضية والدروس والعبر، وأي تحديات قد نواجهها في الأقصى.                 و رسالة دعم «صريح» لرئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، والحاجة الملحة لزيارة تكسر مبكراً ملامح الحصار الذي يتشكل على المقاطعة ورئيسها، وبعد أن تلقت وزارة الخارجية الأردنية الإشارة الأولى بعنوان «الإسرائيليون بدأوا بفرض تكتيكات أمنية تمنع الرئيس الفلسطيني من السفر والمغادرة بذريعة تجميد التنسيق الأمني» .               ولكن الزيارة جاءت في وقت لم يسبق للقيادة الأردنية أن أظهرت حجم هذا التشاؤم في عملية السلام..فقد لاحظ المراقبون، «حجم هذا التشاؤم»  في تعبير الملك عبدالله الثاني قبل يومين فقط من زيارته لـ «رام الله»عندما قال بحضور قادة كتل البرلمان في بلاده بأن القضية الفلسطينية تمر بتحديات كبيرة، وبأن التوافق مع المؤسسات الفلسطينية ضروري جداً للمـواجهة، معتبراً في رسـالة تخـص مباشـرة اليمين الإسـرائيلي بأن تحديات عمليات السـلام والتوصـل إلى حلـول أصبحـت أكبـر.             بات واضحا ، قبل زيارة رام الله، أن هناك خلالا في المعادلات التي أسست «علاقات ثنائية» بناء على انحياز الأردن للسلام والهدوء مع إسرائيل منذ توقيع اتفاقية وادي عربة عام 1994 وساهم الأردن في تأمين أوضاع مستقرة حول ضفتي نهر الأردن، ويتصرف على أساس طاقاته وإمكاناته .. ولكن ما حدث  أن الأردن رصد مؤشرات ووقائع تؤكد تآمر إسرائيل على شريك السلام الأردني، عندما تقيم جدارا عنصريا عازلا في حدود الأغوار، و لاتزال، بين حين وآخر، تعيد الإسطوانة «المشروخة»  وطن للفلسطينيين في الأردن ، من خلال مشروعها في تصفية القضية الفلسطينية، ومنع قيام دولة للفلسطينيين كان الأردن دوما يدعم قيامها.           وأخيرا حاول رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إحراج الأردن عندما تعامل بفوقية وغرور، وبانهيار أخلاقي، على حد وصف وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، مع واقعة جريمة السفارة الإسرائيلية قبل نحو ثلاثة أسابيع.. وخذل «نتنياهو» الحكومة الأردنية، وشارك في استفزاز الرأي العام الأردني. عندما ترجم مضمون المكالمة بينه والحارس القاتل إلى اللغة العربية بقصد إحراج الحكومة الأردنية !           وقبل زيارة  المقاطعة في رام الله، كان مكتب نتنياهو يستفسر عن إمكانية عودة السفيرة، «عينات شلاين»، إلى عمان  فيما كانت الخارجية الأردنية تبلغ الجانب الآخر «في هذه المرحلة نفضل بقاء السفيرة ، وإذا تغيرت مواقفكم نفضل استبدالها أيضاً». وتحدث أيضا وزير الاتصال الناطق الرسمي الأردني، الدكتور محمد المومني، علنا عن خيارات وبدائل في مواجهة التجاهل الإسرائيلي لبنود اتفاقية فيينا.. ثم منعت الحكومه بقرار ملكي عودة طاقم السفارة الإسرائيلي إلى عمله في عمان قبل التأكد من محاكمة الحارس والدبلوماسي الذي قتل أردنيين في جريمة السفارة.             وعلى المستوى الشعبي ممثلا في البرلمان الأردني، رد الأردنيون بطريقة غير مسبوقة ضمن المجال الحيوي للأزمة مع إسرائيل، فأرسل رئيس مجلس النواب، عاطف الطراونة، ولأول مرة في تاريخ البرلمان الأردني مذكرة لبرلمانات العالم تتحدث عن 155 تشريعاً وقانوناً أقرها الكنيست الإسرائيلي بعنوان التمييز العنصري خلال عامين.. ويرى سياسيون أردنيون، أن  مذكرة  رئيس البرلمان، تشكل نقطة تحول في استعداد الأردنيين لهجومات معاكسة سياسيا ودوليا ودبلوماسيا.             ويؤكد مصدر أردني، أن الممارسات الإسرائيلية الرامية إلى تغيير الواقع في الأقصى، والتي ترافقت مع استقبال نتانياهو الاستثنائي والاستفزازي لحارس السفارة الذي قتل مواطنيْن أردنيين، جعلت الملك عبدالله يزور رام الله ويلتقي القيادة الفلسطينية للبحث في تنسيق الجهود لمواجهة السياسة الإسرائيلية التي ألحقت أضراراً فادحة بكل من الأردن وفلسطين.. وترافقت الزيارة مع تقديم الملك عبدالله الثاني دعماً مالياً بقيمة مليون دولار لموظفي الأقصى، وتخصيص مبالغ مالية إضافية لخدمة المسجد.           ويرى محللون سياسيون ومراقبون في العاصمة الأردنية عمّان، أن إسرائيل التي يسيطر عليها اليمين المتطرف، «تتحرش»  بالأردن، وتقف في الاتجاه المعاكس لإتفاقية وادي عربة،  وقد سطت على وثائق وزارة الأوقاف الأردنية في المسجد الاقصى، وضايقت واعتقلت الموظفين الأردنيين، وأظهرت مشاعرها الحقيقية تجاه الأردن، وهي تسمح للمتطرفين فيها بالحديث العلني بعد جريمة السفارة المشهورة عن كيفية تقديم الحماية للأردن من قبل إسرائيل !!

مشاركة :