نحبّ كلنا تناول المثلجات. ولكن عندما ننكبّ أحياناً على تلك الحلوى الباردة ونلتهمها بسرعة، نصيح ألماً. نضغط بيدينا على رأسنا، ونغمض أعيننا بقوة، وننتظر ما يبدو لنا دهراً إلى أن تزول نوبة الألم المفاجئة تلك وراء أعيننا-. ثم نعود إلى طبيعتنا ونتناول قضمة أخرى. طلبنا من بعض الأطباء تحليل رد الفعل البيولوجي المتسلسل وراء صداع المثلجات هذا أو تجمّد الدماغ، كما يدعوه البعض. لا شك في أن المحفز الأول لصداع المثلجات هو البرد، ثم تبدأ التفاعلات بالتراكم. توضح د. جسيكا هيرينغ، خبيرة في التحكم في الصداع وداء الشقيقة في عيادة مينيابوليس لعلم الأعصاب: «يعتقد العلماء أن رد فعل الجسم الأول، عندما تحتكّ تلك المثلجات الشديدة البرودة بسقف الحلق، يشمل انقباض الأوعية الدموية في تلك المنطقة». صدمة تشبه هذه الصدمة التي يتعرض لها جهازك وضع يديك على موقد حامٍ. يشعر الجسم بأن ثمة خطباً ما. ولكن بخلاف الموقد، يعجز عن حل المشكلة بالإبعاد. لذلك يدفع بدفق كبير من الدم إلى تلك المنطقة لتدفئتها. في هذه الأثناء، تشعر الأعصاب الممتدة على طول الأوعية الدموية القريبة من سقف حلقك أن هذه الأوعية المجاورة تقلّصت وتمدّدت، فتتفاعل بدورها. «عندما تتقلّص الأوعية وتتمدّد على هذا النحو، تحاول الأعصاب المجاورة لها إرسال إشارات إلى الدماغ تخبره فيها أن الأوعية تتمدّد فعلاً وأن أمراً ما يحدث داخل فمك»، وفق هيرينغ. لكن الدماغ يسيء فهم موقع الألم. ويعود ذلك إلى أن تلك الإشارات العصبية القادمة من فمك تبلغ مركزاً عصبياً كبيراً في الدماغ يتلقى مزيداً من المعلومات من أعصاب الوجه. ولجزء من الثانية، يعتقد الدماغ أن ألم الحرارة الباردة في فمك قادم حقاً من وجهك. يشير الدكتور روهان لال، عالم أعصاب من مستشفى «فيرفيو ساوثدايل» بإدينا، إلى أن هذه العملية تُدعى «الألم المنقول». ولكن ما هي إلا ثوانٍ حتى يحل الدماغ هذا اللغط ويدرك أن البرد الشديد والأوعية المتمددة تقع فعلاً في الفم. تقول هيرينغ: «يصل الدم إلى تلك المنطقة وتكفّ الأعصاب عن إرسال الإشارات، فتعود الأمور كافة إلى طبيعتها السعيدة». تختلف حدة الألم ومدته باختلاف الأشخاص، فيعاني البعض ألماً شديداً يمنعه من الحراك ويدوم دقائق كاملة. لكن معظمنا لا يشعر بهذا الألم إلا ثوانٍ قليلة، وفق لال. ولا ننسى أيضاً أولئك القلائل الأقوياء الذين لم يختبروا يوماً صداع المثلجات. يضيف لال: «لا يختبر البعض هذا الإحساس مطلقاً في حياته، في حين يعيشه آخرون في كل مرة يتناولون فيها المثلجات». الحل إذاً، ما الحل لتفادي هذا الصداع، خصوصاً إن كنتَ من محبي المثلجات؟ يؤكد البعض فاعلية هذه الحيلة: ضع لسانك على سقف حلقك عندما تبدأ بالشعور بالألم. «لما كان اللسان يتمتع بدفق دم كبير، فيستطيع أن يدفئ سقف حلقك بسرعة. كذلك تحدّ من هذا الألم بتناول مشروب أقل برودة في الحال»، حسبما تنصح هيرينغ. لهذا السبب، يُعتبر مَن يشربون القهوة مع مثلجاتهم أقل عرضة لهذا النوع من الصداع، وفق الخبيرة. مقاربة أخرى تقوم مقاربة أخرى على التروي وتناول قضمات أصغر من المثلجات لأن قضمة كبيرة منها تزيد احتمال أن تحتك تلك المواد الباردة بسقف حلقك وتسبِّب صدمة لجسمك. أما إذا كنت تلتهم طعاماً مثلجاً، فاستخدم الملعقة بدل القشة، ما يقلِّل إمكان أن يصطدم الطعام بسقف حلقك، وفق هيرينغ. تختم: «التبدُّل السريع في الحرارة سبب هذه العملية كلها».
مشاركة :