فيما تشكل الحرائق في المباني قيد الإنشاء معضلة لرجال الإطفاء لصعوبة التعاطي معها، لأنهم يتعاملون مع حريق لا يعرفون مسبباته ويشكل خطورة عندما يدخلون الموقع دون خريطة توصلهم إلى مكان اندلاع النار، خصوصاً إذا كانت مساحة المشروع كبيرة حيث تنتشر النار بشكل سريع، طالبت قيادات الإطفاء بتطبيق عقوبات رادعة على المقاولين الذين يتهاونون بتوفير شروط الأمن والسلامة. وقال المدير العام للإدارة العامة للإطفاء الفريق خالد المكراد إن الحريق عندما تكون مساحته كبيرة يشكل خطورة على المنطقة المحيطة، وقد تؤدي إلى انتشار الحريق لمبانٍ محيطة، مبينا أن «الحريق الذي اندلع في منطقة شرق أخيراً نشأ عنه عدة حرائق في مبانٍ مجاورة، مما أربك رجال الإطفاء وأصبحوا يتعاملون مع 6 حرائق في مكان واحد، وربما تصبح الأمور لا قدر الله خارج نطاق السيطرة»، لافتا إلى أن «الحرائق في المباني قيد الإنشاء من الحرائق الصعبة والتي وإن ندر فيها خسائر بشرية إلا أن خسائرها المادية عادة ما تكون كبيرة». وأضاف المكراد، خلال ندوة «السلامة في المباني قيد الإنشاء» أمس أن الإدارة العامة للإطفاء تهدف إلى تسخير كافة طاقاتها وخبراتها في سبيل العمل على زيادة فعالية الوقاية من الحريق في المباني قيد الانشاء، بغرض الوصول إلى رؤية موحدة وخارطة طريق تساهم بالعمل على حماية الأرواح والممتلكات، مشيراً إلى أن ذلك يستلزم من الجهات الحكومية ذات العلاقة المشاركة الفعالة والعمل يداً بيد وتنسيق الجهود والاستفادة من التجارب لدعم وحماية المشاريع التنموية، سواء تلك التي تقوم بها أجهزة الدولة المختلفة أو ما يقوم به القطاع الخاص. وبين أنه «لا بد للجهات الحكومية المعنية أو القطاع الخاص أو جمعيات النفع العام، من وضع أسس ومعايير لشروط الأمن والسلامة وكل جهة بما يخصها»، مؤكداً أن الأسباب الرئيسية للحوادث وراءها خطأ بشري وعدم التزام باشتراطات الأمن والسلامة. ولفت إلى أن الحوادث التي حصلت أخيراً 90 في المئة من أسبابها كانت بسبب عمليات قطع الحديد أو اللحام داخل المشروع، موضحاً أن «تقارير الإدارة العامة للإطفاء فنية بحتة، معتمدة على أدلة وبراهين مثبتة وضع على أساسها التقرير». وتابع «إذا كان الحريق بفعل متعمد، فليس لدينا ما نخفيه فنعمل بكل شفافية، وقد أعلنا في تقارير كثيرة عن حرائق متعمدة، ولكن الحرائق التي حصلت أخيراً كانت هناك كاميرات في موقع الحريق، وأدلة جمعت وشهادات شهود، أثبتت أن هذه الحرائق للأسف حصلت من أخطاء بشرية، وأهمها استخدام قص الحديد أو اللحام وسقوط كتل حرارية على مواد سريعة الاشتعال»، متمنياً الخروج بتوصيات تلزم الجهات بتعهدات تقضي بعدم تكرار هذه الحرائق مسبقاً. وأشار أن الإدارة العامة للإطفاء تعمل جاهدة لتطوير أدواتها التشريعية لتتيح لرجالها صلاحيات أكثر أثناء ممارسة أعمالهم، مبيناً أنه تم إغلاق أكثر من 21 منشأة خلال هذا العام، متمنياً «عدم اللجوء إلى هذه الأدوات، ولكننا وجميع الجهات الحكومية حريصون على الأمن المجتمعي وحريصون على ألا نرى في بلادنا هذه الحرائق التي للاسف أصبحت ظاهرة حتى الدول الخليجية والاخرى تتساءل لماذا تتكرر في الكويت؟». من جانبه، تقدم مدير عام البلدية أحمد المنفوحي بالشكر والتقدير لرجال الاطفاء على التضحية والشجاعة في مكافحة الحرائق وحماية الأرواح والممتلكات. وقال المنفوحي، في مداخلة له في الندوة، إن اسباب الحرائق عديدة لهذا لابد من تشريعات وسن قوانين تساهم في حماية الأرواح والممتلكات والمباني قيد الانشاء، مشيراً إلى أنه يجب تطبيق هذه القوانين بقوة لتساهم بردع المخالفين ومنع تكرار نفس الخطأ مرة أخرى. موضحاً أنه لابد كذلك من وجود إدارات أمن وسلامة في كافة وزارات ومؤسسات الدولة بحسب قانون البلدية. وأشار أن «المقاولين نوعان، نوع يتبع البلدية، وتطبق عليه قوانينها، ونوع يتبع لجنة المناقصات، لهذا لابد من لجنة المناقصات أن تسن عقوبات على المخالفين». من جهته، شدد نائب مدير عام المؤسسة العامة للرعاية السكنية لشؤون التخطيط والتصميم ناصر خريبط على العمل بتجرد تام في ما يخص الأمن والسلامة والوقاية من حرائق المباني قيد الإنشاء، وأن تحتوي مرحلة التخطيط والتصميم على سلامة المشروع أثناء التنفيذ بشكل تام، من خلال اعتماد الشروط التي تضمن ذلك ومواصفات «الشدة والسقالة وطرق ومواد البناء» على سبيل المثال لا الحصر، واتباع ما يحدده المكتب الهندسي، بدءاًَ من فترة إعداد المستندات للمشاريع، بحيث يتم إلزام المقاول باستخدام أحدث أنظمة وسبل ضمان الأمن والسلامة أثناء فترة التنفيذ، مشيراً إلى أن «بعض الجهات لا تأخذ جزئية الأمن والسلامة بعين الاعتبار حتى أن بعض المشاريع لا يوجد فيها مهندس أمن وسلامة يعمل على متابعة الشروط والاحتياطات اللازمة لذلك خصوصاً في المشاريع الصغيرة نوعاً ما». واشار خريبط إلى أن «مشروع مدينة جنوب المطلاع السكني يحوي قرابة 30 ألف بيت، وهو تحت التنفيذ حالياً، فإن تعرض لحريق لا قدر الله فستكون الخسائر مكلفة جداً وتصل لملايين الدنانير، جراء التأخير، أي إننا نتحدث عن أهمية بالغة جداً وعلى مستوى عالٍ لتوفير أنظمة واشتراطات السلامة في جميع المشاريع بشكل حازم، لما لها من تبعات وخسائر مادية كبيرة ناهيك عن الخسائر الكبرى والتي قد تتمثل بخسائر في الأرواح»، مشيراً إلى «تطور التكنولوجيا بهذا المجال وتوفر المتابعة الالكترونية لأنظمة الامن والسلامة وكاشفات الحريق بهدف الوقاية والحماية من الحرائق قبل وقوعها». بدوره قال أمين سر اتحاد العقاريين قيس الغانم إنه «يجب أن نولي اشتراطات الأمن والسلامة أهمية على مستوى عالٍ، وهذا الأمر هو محط اهتمام على مستوى العالم واتحاد العقاريين يدعم ذلك للحفاظ على الأرواح والممتلكات، ويجب أن نضع قوانين تعمل على إيجاد هذا النوع من الوقاية، وفي نفس الوقت لا ترهق المتعهد أو التاجر وتحمله من النفقات الزائدة الذي قد ينتج عنه أضعاف النشاط الاقتصادي الكويتي»، مشيرا إلى عدم وضع قوانين كثيرة تربط دون حلول جذرية لواقع أسباب اندلاع الحرائق. من جانبها، قالت أمين سر اتحاد المكاتب الهندسية فتوح العصفور «للمكاتب الهندسية دور كبير للأسف يغفل عنه الكثيرون في إرساء قواعد الأمن والسلامة والوقاية في مواقع عمل المباني قيد الإنشاء، ونقترح عمل لجنة مشتركة للخروج باشتراطات تلزم المكاتب الهندسية بوضع مواصفات على الشركات المنفذة مع إيجاد مكاتب مؤهلة لتتولى مسؤولية الإشراف على الأمن والسلامة، كما على المكاتب الاستشارية أن تكون مُلمة بالاشتراطات بشكل تام، حتى تستطيع محاسبة المقاول إذا أخل بأدنى شرط منها، والحرص على أن تتم عمليات القص واللحام خارج موقع العمل»، لافتة إلى أن «الكفالات البنكية رغم وجودها، ليست بحجم الخسائر التي تنتج عن الحرائق وأهمها الخسائر في الأرواح، وتجب اعادة النظر بأمرها بالإضافة إلى إعطاء الحق للاستشاريين بأخطار البلدية او لجنة المناقصات بإهمال المقاول أو قصورة في شأن الأمن والسلامة مباشرة في حال إنذاره وعدم اتخاذ الجهة المالكة للمشروع إجراءات رادعة بشأنه». من الندوة الأهداف والرؤى قال نائب المدير العام لقطاع الوقاية العميد خالد فهد إن الندوة تهدف إلى الوصول لرؤية موحدة وخارطة طريق تساهم في حماية الأرواح والممتلكات، لهذا لابد من العمل بيد واحدة لحماية المشاريع التنموية الحكومة والخاصة. متطلبات الوقاية وبيّن العميد فهد إن المتطلبات العامة التي تساهم في الوقاية هي تقديم واعتماد خطط لمراحل المشروع، ووضع خطة طوارئ، وتوفير معدات المكافحة ووسائل الإنذار، ومراقب سلامة دائم، وكذلك وضع علامات إرشادية وأضاف أنه يحب كذلك عمل تمديدات مطابقة لمواصفات الاطفاء -وزارة الكهرباء والماء، وتنظيم عملية التخزين، وتوفير الحماية اللازمة للمواد الخطرة وفضلها عن بقية مواد البناء ومنع التدخين والأعمال الساخنة والمحافظة على النظافة الداخلية وتوفير طرق مناسبة لسيارات الاطفاء. أسباب... وأضرار أوضح العميد خالد فهد الى أن من اهم أسباب الحرائق في المباني قيد الإنشاء وجود مواد قابلة للاشتعال، وعدم وجود وسائل مكافحة الحرائق، وتراكم المخلفات، وعدم توفير حاويات مناسبة، ووجود العديد من الأعمال الساخنة مثل قص الحديد، واستخدام تمديدات ردئية، وعدم وجود ضوابط للتدخين ودرجات حرارة العالية. وأشار إلى ان اضرار الحرائق التي تقع كبيرة، اولها الوفيات، والاصابات التي تؤدي إلى استبدال العمالة المصابة وهذه تحتاج إلى وقت للتدريب ما يعطل المشروع، والدخول في تحقيقات مع الاطفاء والداخلية وشركات التأمين، وكذلك تلفيات المباني والأجهزة والمعدات، وكل هذا يساهم بعدم ثقة العمال والملاك بالمقاولين.
مشاركة :