جون جابيرالمبدأ العام لضريبة المبيعات هو مبدأ إيجابي ومن الضروري تطبيقه. لكن الحكومة الهندية ذات التوجه الإصلاحي لا يمكنها تجاهل الطبيعة الخاصة للسياسة الهندية القائمة على تقاسم النفوذ.تطبيق قانون ضريبة مبيعات على المستوى الوطني في بلد يزيد عدد سكانه عن 1.3 مليار نسمة ويعاني مشاكل إدارية وفنية مثل الهند، لن يكون مهمة ميسرة، خاصة في ظل تعقيدات التركيبة السياسية وتعارض مصالح قوى الضغط السياسي والفعاليات الاقتصادية فضلاً عن أن مستويات تطور اقتصادات دول المنطقة ليست واحدة.ومن هنا فإن وضع قانون ضريبة السلع والخدمات موضع التطبيق الفعلي بعد أقل من ثلاثة أشهر على إقراره رسمياً يعتبر بلا شك خطوة رائدة. وسوف يعزز قانون الضريبة سهولة ممارسة الأنشطة التجارية بين الولايات الهندية التي تعرقلت في ما مضى بسبب تعارض الأنظمة والقوانين.ولكن على الرغم من أن عملية تحديد الرسوم والضرائب تمت بشكل واضح وشفاف، ألقى بطء تنفيذها بظلال من التعقيد على النظام الضريبي وبخّر الآمال التي كانت معقودة عليه.وإيجابيات نظام ضريبة المبيعات والاستهلاك في بلد مثل الهند واضحة تماما. فنظام المداخيل والضرائب المعمول به حاليا يختلف من ولاية لولاية وهو مرتع للفساد والتجاوزات.يضاف إلى ذلك أن الإدراك الدقيق لآثار تباين الأسعار وتأثيرها على دخل الأسر في الهند خاصة أسعار السلع الأساسية وحساسية الشعور بالاستقلالية في كل ولاية، شكلت عقبات رئيسية في وجه وضع قانون ضرائب على المستوى الوطني. وكما هو الحال في دول أخرى (بريطانيا مثلاً حيث تعتبر تبدلات نسب تغطية القيمة المضافة حقل ألغام في الموازنة) خضعت تصنيفات السلع من حيث التكليف الضريبي لضغوط ومداولات أفضت إلى مشاكل معقدة، قبل الاتفاق على فرز المكلفين إلى خمس فئات تتراوح النسب الضريبية بينها من الصفر إلى 28%.وأبدت حكومة مودي انفتاحا مدهشا حول تلك المداولات وذلك باعتراف خصومها السياسيين. إلا أن إصرار الحكومة على وضع القانون موضع التطبيق قبل موسم أعياد «ديوالي» الذي يصادف في شهر أكتوبر/تشرين الأول، ويترافق بطفرة تسوق واستهلاك، يعني أن عملية صنع القرار اتسمت بالتسرع.وفي دول أخرى طبقت قانون ضريبة المبيعات مثل أستراليا حيث كانت الفترة الفاصلة بين صدور القانون ووضعه موضع التنفيذ أكثر من عام. أما في الهند فقد أفسح المسؤولون المجال أمام حكومات الولايات للتفاوض وممارسة الضغوط من أجل الحصول على ميزات ضريبية لبعض المنتجات. وانتهى الأمر إلى رفع معدلات الضريبة على السلع التي لا تحظى بدعم أو مساندة لوبيات سياسية أو اجتماعية معينة.وجاءت نتائج تلك الممارسات مثيرة للدهشة. فقد فرضت على المنظفات والأصباغ والألعاب اللوحية مثل الشطرنج أعلى معدلات الضريبة. وقد اضطرت الحكومة للتراجع عن اقتراحاتها الأساسية خاصة فيما يخص ضريبة مصادر الطاقة تلك الاقتراحات التي كان من المفترض أن تفرض معدلات ضريبية أعلى على ألواح الطاقة الشمسية مقارنة مع الفحم. وفيما يتعلق بالخدمات فقد عقد قانون ضريبة المبيعات والاستهلاك مشاكلها الضريبية بدل أن يبسطها. فهناك أساساً ضريبة خدمات موحدة في كافة الولايات سيتم استبدالها بنظام يقوم على تعدد المعدلات الضريبية.لا شك أن المبدأ العام لضريبة المبيعات هو مبدأ إيجابي ومن الضروري تطبيقه. لكن حكومة مودي ذات التوجه الإصلاحي لا يمكنها تجاهل الطبيعة الخاصة للسياسة الهندية القائمة على تقاسم النفوذ، ولا يمكنها تجاوز مصالح قوى نافذة ولها امتيازاتها المفضلة. كما أنها عاجزة عن استئصال البيروقراطية المنتشرة في كافة أجهزة الدولة بين عشية وضحاها.وليست الشكاوى المتعلقة بالآثار السلبية لضريبة المبيعات والاستهلاك وعدالة تكليفاتها جديدة كليا. فقد خضعت التجربة الأسترالية لانتقادات دامت سنوات بعد بدء تطبيق الضريبة خاصة احتساب النقاط التي يتم على أساسها تحديد سقف الضريبة على كل منتج. ولا بد للهند أن تراجع الخطة العامة لضريبة المبيعات والاستهلاك بكل هياكلها وتفصيلاتها خلال السنوات المقبلة ولن تكون هذه المهمة سهلة. ومع ذلك تحسب لحكومة مودي جرأتها في اتخاذ أول خطوة عملية على هذا الصعيد. * كاتب في فاينانشال تايمز
مشاركة :