العجز عن الاستثمار في الرضاعة الطبيعية يصيب الأم وطفلها بالإحباط أكدت منظمات دولية، أنه لا وجود لدولة في العالم تفي تماما بالمعايير المُوصى بها للرضاعة الطبيعية، وهي ضرورة حصول الرضّع دون سن ستة أشهر على إرضاع حصري من الثدي.العرب [نُشر في 2017/08/10، العدد: 10718، ص(21)]الرضع دون سن ستة أشهر في حاجة إلى إرضاع حصري من الثدي نيويورك – لا يوجد أي بلد في العالم يستوفي تماماً المعايير المُوصى بتطبيقها بشأن الرضاعة الطبيعية، وفقاً لما ذكره تقرير جديد من إعداد منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) ومنظمة الصحة العالمية بالتعاون مع المبادرة العالمية الجماعية بشأن الرضاعة الطبيعية، وهي مبادرة جديدة رامية إلى زيادة معدلات الرضاعة الطبيعية في العالم. وبيَّنَ تقرير عن نتائج معدلات الرضاعة الطبيعية على الصعيد العالمي التي جرى فيها تقييم 194 بلداً أن نسبة الأطفال الذين تقلّ أعمارهم عن ستة أشهر ممّن يجري إرضاعهم طبيعياً حصراً (لا يُعطون سوى حليب الأم) اقتصرت على 40 في المئة، وأن هناك 23 بلداً لا غير تجاوزت فيها معدلات الرضاعة الطبيعية نسبة 60 في المئة. وأثبتت البيانات أن الرضاعة الطبيعية تعود بفوائد إدراكية وصحية على كلّ من الرضّع وأمهاتهم، وأن هذه الرضاعة لا يُستغنى عنها تحديداً خلال الأشهر الستة الأولى من عمر الرضيع، لأنها تساعد على وقايته من الإصابة بالإسهال والالتهاب الرئوي، وهما سببان رئيسيان يوديان بحياة الرضع. وتقلّ لدى الأمهات اللاتي يرضعن صغارهن طبيعياً خطورة الإصابة بسرطان المبيض وسرطان الثدي، وهما سببان رئيسيان يحصدان أرواح النساء. وأوضح الدكتور تيدروس أدهانوم غبرييسوس المدير العام لمنظمة الصحة العالمية قائلاً "إن الرضاعة الطبيعية تمنح الرضيع أفضل بداية ممكنة في حياته، لأنها تقوم مقام أول لقاح يُعطى له ويحميه من احتمالات الإصابة بالأمراض القاتلة ويُزوّده بكل ما يلزمه من تغذية لكي يبقى على قيد الحياة وينمو".الرضاعة الطبيعية عامل يساعد في القضاء على الفقر وتعزيز النمو الاقتصادي للمجتمعات والحد من أوجه عدم المساواة وشدد تحليل جديد على ضرورة توظيف استثمار سنوي بمبلغ 4.70 دولار أميركي لا غير لكل مولود من أجل إحداث زيادة نسبتها 50 في المئة بحلول عام 2025 في معدلات الرضاعة الطبيعية الحصرية بالعالم في ما بين الأطفال دون سن ستة أشهر. ويشير التقرير الذي جاء تحت عنوان “رعاية صحة البلدان وثرواتها: مبرّرات الاستثمار في مجال الرضاعة الطبيعية”، إلى أن تحقيق تلك الغاية قد ينقذ أرواح 520 ألف طفل دون سن الخامسة، ومن المُحتمل أن يحقّق مكاسب اقتصادية بمبلغ 300 مليار دولار أميركي على مدى 10 سنوات بفضل تقليل تكاليف الإصابة بالأمراض وتقديم الرعاية الصحية وزيادة الإنتاجية. وبيّن المدير التنفيذي لمنظمة اليونيسف أنتوني ليك، قائلاً “إن الرضاعة الطبيعية واحدة من أكثر الاستثمارات فعّالية وأعلاها مردودية يمكن أن توظفها البلدان في مجال صحة أصغر فئة من سكانها وسلامة اقتصاداتها وصحة مجتمعاتها في المستقبل. وإذا عجزنا عن الاستثمار في مجال الرضاعة الطبيعية فإننا سنتسبب في إصابة الأمهات وأطفالهن بالإحباط، وسنسدّد فواتير مضاعفة عمّا يُحصد من أرواح ويضيع من فرص". وتبيّن مبرّرات الاستثمار أن هناك خمسة اقتصادات من أكبر الاقتصادات الناشئة في العالم – هي الصين والهند وإندونيسيا والمكسيك ونيجيريا – يؤدي فيها نقص الاستثمارات المُوظفة في مجال الرضاعة الطبيعية إلى حصد أرواح عدد يُقدّر بنحو 236 ألف طفل سنوياً، وتكبّد خسارات اقتصادية تبلغ 119 مليار دولار. وتتدنّى للغاية مستويات الاستثمار في مجال الرضاعة الطبيعية على الصعيد العالمي، وتُنفق سنوياً حكومات البلدان المنخفضة الدخل وتلك المتوسطة الدخل 250 مليون دولار أميركي تقريباً على أنشطة الترويج للرضاعة الطبيعية؛ ولا تزيد الجهات المانحة مبالغ إسهاماتها فيها إلا بمقدار 85 مليون دولار أميركي. وعليه، تدعو المبادرة العالمية الجماعية بشأن الرضاعة الطبيعية البلدان إلى القيام بزيادة التمويل اللازم لرفع معدلات الرضاعة الطبيعية من مرحلة الولادة وحتى بلوغ عامين من العمر. ونبهت إلى ضرورة التنفيذ الكامل للمدوّنة الدولية لتسويق بدائل لبن الأم والقرارات ذات الصلة الصادرة عن منظمة الصحة العالمية من خلال اتخاذ تدابير قانونية رصينة تتولى إنفاذها ورصدها بشكل مستقل منظمات لا تعاني من حالات تضارب المصالح. كما دعت إلى رسم سياسات بشأن منح إجازات الأمومة مدفوعة الأجر وممارسة الرضاعة الطبيعية في مكان العمل، وذلك بالاستناد إلى المبادئ التوجيهية الصادرة عن منظمة العمل الدولية بشأن حماية الأمومة بوصفها الحد الأدنى من المتطلبات، بما فيها الأحكام المتعلقة بالقطاع غير الرسمي.نقص الاستثمارات في مجال الرضاعة الطبيعية يؤدي إلى حصد أرواح عدد يُقدّر بنحو 236 ألف طفل سنوياً، وتكبّد خسارات اقتصادية تبلغ 119 مليار دولار بالإضافة إلى تطبيق الخطوات العشر بشأن تكليل الرضاعة الطبيعية بالنجاح في مرافق الأمومة، بوسائل منها تزويد المواليد الجدد والضعفاء منهم بحليب الأم. وتحسين إتاحة المشورة المتمرسة في مجال الرضاعة الطبيعية في إطار إتباع سياسات وتنفيذ برامج شاملة بشأنها في المرافق الصحية، وتوثيق عُرى الروابط القائمة بين المرافق الصحية والمجتمعات المحلية. هذا بالإضافة إلى تشجيع الشبكات المجتمعية التي تحمي الرضاعة الطبيعية وتروّج لها وتدعمها، وتعزيز نظم الرصد التي تتبع أثر التقدم الذي تحرزه السياسات والبرامج ومصادر التمويل صوب تحقيق الغايات المُحدّدة بشأن الرضاعة الطبيعية على المستويين الوطني والعالمي على حدّ سواء. ولا يُستغنى عن الرضاعة الطبيعية من أجل بلوغ العديد من أهداف التنمية المستدامة، فهي تحسّن التغذية (هدف التنمية المستدامة 2) وتمنع وفيات الأطفال وتقلّل خطورة إصابتهم بالأمراض غير السارية (هدف التنمية المستدامة 3) وتعزّز قدراتهم المعرفية أثناء نمائهم (هدف التنمية المستدامة 4)، كما أن الرضاعة الطبيعية عامل يساعد في القضاء على الفقر وتعزيز النمو الاقتصادي والحدّ من أوجه عدم المساواة. وتتجسد مهمة المبادرة العالمية الجماعية بشأن الرضاعة الطبيعية التي تشترك في رئاستها اليونيسيف والمنظمة هي حشد الدعم السياسي والقانوني والمالي والشعبي من أجل الرضاعة الطبيعية التي تعود بفوائد على كلّ من الأمهات والأطفال والمجتمع. ويُحتفل بالأسبوع العالمي للرضاعة الطبيعية في الفترة بين 1 و7 أغسطس في أكثر من 170 بلداً من أجل تشجيع الرضاعة الطبيعية وتحسين صحة الرضّع في جميع أنحاء العالم. ويُحتفل بهذا الأسبوع تخليداً لذكرى إعلان إينوتشينتي الصادر عن مسؤولي منظمة الصحة العالمية واليونيسيف في عام 1990 والدّاعي إلى حماية الرضاعة الطبيعية وتشجيعها ودعمها. وأكدت منظمة الصحة العالمية أنّ الرضاعة هي أحسن وسيلة لتزويد المواليد بالعناصر المغذية التي يحتاجونها. وتُوصي بالاقتصار على الرضاعة الطبيعية بدءاً من الساعة الأولى بعد الولادة حتى يبلغ الرضيع ستة أشهر من عمره. ينبغي بعد ذلك إضافة الأغذية التكميلية مع الاستمرار بالرضاعة الطبيعية حتى يبلغ الطفل سنتين من العمر أو أكثر. ويُعرّف مصطلح “الاقتصار على الرضاعة الطبيعية” بالامتناع عن إعطاء الرضّع أيّ أغذية أو مشروبات أخرى- حتى الماء- باستثناء لبن الثدي. غير أنّ ذلك المفهوم يجيز إعطاء الرضّع القطرات والمحاليل (الفيتامينات والمعادن والأدوية). والجدير بالذكر أنّ لبن الثدي هو الغذاء الأمثل لنموّ الرضّع ونمائهم بطريقة صحية؛ كما أنّه عنصر أساسي من العملية الإنجابية له انعكاسات هامة على صحة الأمهات.
مشاركة :