رحلة في البحث عن السعادة

  • 8/11/2017
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

كلما خطر في بالنا مفهوم السعادة يعود إلى أذهاننا صراع المال والصحة في تنافسهما الأزلي. ليبدأ كل واحد بإقناع الآخر بأنّه سبب سعادة الإنسان. فما بين المال الذي يرى نفسه أنّه صاحب السبق في رسم ابتسامة الإنسان، وصحّة البدن النفسية والجسدية، يستمر ذلك الجدال «البيزنطي»، حيث لن نجد إجابة عما هي السعادة، وسرّها الدفين. ليبقى الجواب حائراً بين عناصر تلك الحياة المادية، وأُخرى روحانية لا تلمسها الأيدي بقدر ما يشعر بها القلب. رحلة البحث عن السعادة ستستمر جيلاً يتبعه جيل، ومع اختلاف الأجيال سيبقى هدفها واحد، وهو البحث عن السعادة، هو هدف كل إنسان منذ ميلاده حتى وفاته. فكلُ منّا يبحث عن السعادة، فمنذ ظهورنا الأول داخل المشهد الإنساني على كوكب الأرض تكون غاية سعادتنا في حضن دافئ لا ندركه إلا لدى أمهاتنا، نكبر ونبتعد عن أحضان أمهاتنا، فنراه صغيراً، ونرى الحياة أكبر، فتبدأ رحلة البحث عن السعادة خارج أحضان الأم. وكلما زاد الإنسان عُمراً، تنوعّت أسباب سعادته. فتارة المال، وتارة أخرى يكمن سر السعادة في عدد الأبناء، أو يرتبط ظهورها في زيادة الرصيد الاجتماعي وارتفاع القيمة الاجتماعية للإنسان. ومع تعقيدات الحياة المادية واندماج العالم الإلكتروني، فقد اتّسعت عناصر السعادة وتعددت خياراتها، وزاد شغف النفس البشرية بحثاً عنها، ومعه دخلت عقل الإنسان حيرة في فكّ رموز مفهوم السعادة، وفهم أبجدياتها وبالتالي ما السبيل إليها؟! السعادة تنشأ من داخل الإنسان بالتالي يكمن سرها في الوصول إلى حالة «النفس المطمئنة». فهي غاية الإنسان إن أراد الحصول على السعادة وإدراك معانيها، فالسعادة لا تقاس بالحجم والنوع، ولا تخضع لمعايير «الأيزو» البشرية، هي ذلك القادم من ذواتنا ليرسم على قلوبنا قبل وجوهنا تلك الابتسامة التي تنطق بالسعادة دونما كلام، في نهاية رحلة البحث عن السعادة سيكتشف الإنسان أنّه قد استهلك حياته الزمنية بحثاً عن شيء هو موجود في داخله، فالوصول لتذوّق حلاوة السعادة يبدأ عندما يرضى الإنسان بما كتبه الله تعالى له. يغفل الإنسان أنّ حياته على الأرض قد ارتبطت بالشقاء والتعب، وأنّه بمجرد أن غادر حضن والدته، وابتعد! فقد انتهت رحلة السعادة قبل أن تبدأ. فالسعادة لن يجدها في عناصر الحياة المادية، فهي لم تدخل في حسابات علم الفيزياء والأحياء، فالسعادة لا يمكن رؤيتها بالعين المجرّدة، ولا حتى بأحدث الأجهزة الميكروسكوبية. فهي إحساس لا يقدّر بثمن، قيمة يستشعرها القلب وترتقي بها النفس وتسمو، هي التي تدفعنا نحو المزيد من العمل والإنجاز…! د. عبدالفتاح ناجي

مشاركة :