حثت الصين كلا من الولايات المتحدة وكوريا الشمالية الجمعة على تخفيف التصعيد وسط تنامي المخاوف من أن برنامج بيونغ يانغ التسلحي قد يشعل حربا كارثية. وجاءت دعوة بكين عقب تصعيد في الحرب الكلامية بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونظام كيم جونغ - أون الذي يملك سلاحا نوويا. ودعا المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية غينغ شوانغ في بيان واشنطن وبيونغ يانغ إلى الابتعاد عن "المسار القديم في تبادل استعراض القوة ومواصلة تصعيد الوضع" معتبرا أن "الوضع الحالي في شبه الجزيرة الكورية في غاية التعقيد والحساسية". وأضاف "ندعو الأطراف المعنية إلى توخي الحذر في أقوالهم وأفعالهم، والمساهمة بشكل أكبر في تخفيف التوترات وتعزيز الثقة المتبادلة". ودعت الصين مرارا إلى حل الأزمة المتفاقمة سلميا، ولكن اقتراحها بتعليق كوريا الشمالية برامج أسلحتها مقابل وقف التدريبات العسكرية المشتركة بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية لم يلق اذانا صاغية. ويوم الخميس، أشار ترامب إلى أن الاكتفاء بتصعيد اللهجة حيال الدولة المعزولة ربما "لم يكن قاسيا بما فيه الكفاية" بعدما كان حذر بمواجهتها بـ"الغضب والنار" في حال واصلت تهديداتها للولايات المتحدة. وفي تصريحاته الجديدة، حذر ترامب كوريا الشمالية من أن عليها "أن تقلق جدا جدا" من نتائج حتى التفكير في ضرب الأراضي الأميركية، بعدما أعلنت بيونغ يانغ أنها تحضر خططا لإطلاق صواريخ تجاه جزيرة غوام الأميركية في المحيط الهادئ. ورفض الرئيس الجمهوري الانتقادات الموجهة للتحذير الذي أطلقه الثلاثاء، مشيرا إلى تهديدات نظام كيم لواشنطن وحلفائها. وقال ترامب "حان الوقت لأن يدافع شخص ما عن سكان بلادنا وسكان دول اخرى". وأضاف أن الصين، حليفة بيونغ يانغ الأبرز، تستطيع ان تفعل "اكثر من ذلك بكثير" لممارسة ضغوط على كيم لوضع حد لبرامج بلاده النووية والبالستية، في انتقاد لم يعلق عليه غينغ في بيانه. ولكن وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس ابتعد عن خطاب الرئيس المتشدد مؤكدا ان نتائج اي حرب محتملة ستكون "كارثية" وأضاف أن الجهود الدبلوماسية لحل أزمة كوريا الشمالية المرتبطة ببرنامجها النووي تؤتي ثمارها. وجاءت تصريحات ترامب بعدما أعلنت كوريا الشمالية عن خطة مفصلة لإطلاق أربعة صواريخ عبر اليابان إلى غوام، حيث يتواجد 6000 جندي أميركي. وأشارت كوريا الشمالية إلى أن خطتها لاستهداف محيط الجزيرة التي تعد موقعا رئيسيا للجيش الأميركي غرب المحيط الهادئ، تشكل "تحذيرا أساسيا للولايات المتحدة" حيث أنّ "القوة المطلقة وحدها" سيكون لها تأثير على الرئيس الأميركي "الفاقد للإدراك". وفي إشارة إلى أن الصين قد تتخلى عن دعم الدولة التي تحالفت معها خلال الحرب الكورية، أفادت إحدى الصحف الصينية الحكومية الجمعة أن على بكين عدم التدخل لصالح بيونغ يانغ في حال أشعلت الأخيرة نزاعا. وأشارت افتتاحية صحيفة "غلوبال تايمز" أن على "بكين أن توضح أنه في حال أطلقت كوريا الشمالية صواريخ تهدد الأراضي الأميركية وردت الولايات المتحدة، فستبقى الصين محايدة". - استنساخ لأزمة الصواريخ الكوبية –وتسبب السجال الأخير في تراجع أسعار الأسهم في الأسواق العالمية. وتشهد العلاقات بين واشنطن وبيونغ يانغ توترا منذ عدة أشهر، عقب التجارب الصاروخية التي أجرتها كوريا الشمالية، والتي تضمنت تجربتين لإطلاق صواريخ بالستية عابرة للقارات في تموز/يوليو وقد أثبتتا قدرتها على بلوغ الأراضي الأميركية. وأثارت هذه الحرب الكلامية مخاوف من خطأ في الحسابات قد تترتب عنه عواقب كارثية لا تقتصر على شبه الجزيرة الكورية. وقال البروفسور في جامعة "يونسي" في سيول، جون ديلوري، لوكالة فرانس برس إن المنطقة تواجه "أزمة صواريخ هي أشبه بنسخة مصغرة عن تلك التي واجهتها كوبا" في الماضي. وفي كاليفورنيا، أصر ماتيس على تخفيف حدة التوتر موضحا أن مهامه ومسؤوليته تتطلب أن يكون لدى بلاده خيارات عسكرية جاهزة "في حال كانت هناك حاجة لها" فيما أصر أن جهود واشنطن لا تزال منصبة على الدبلوماسية. وأضاف أن "الحرب مأساة معروفة جيّدًا ولا تحتاج توصيفًا آخر سوى أنها ستكون كارثية". وأقر مجلس الأمن الدولي السبت الماضي حزمة جديدة من العقوبات ضد بيونغ يانغ على خلفية برنامجيها النووي والبالستي، تتضمن حظرا على تصدير الدولة الشيوعية للفحم والحديد وخام الحديد والرصاص وخام الرصاص إضافة إلى الاسماك والمأكولات البحرية. ويرجح أن تكلف العقوبات الجديدة، التي وضعت مسودتها واشنطن ووافقت عليها الصين، كوريا الشمالية حوالي مليار دولار كل عام. وأكد ترامب "من الأفضل أن تحسن كوريا الشمالية من تصرفاتها وإلا سيكونون في مأزق شبيه بذلك الذي تعرضت له دول قلة حول العالم". - "على الصين التزام الحياد" - وبحسب خطة كوريا الشمالية المرتبطة بغوام والتي نشرت بيونغ يانغ تفاصيلها بخلاف العادة، سيتم إطلاق أربعة صواريخ بصورة متزامنة حيث ستعبر فوق مناطق شيمان وهيروشيما وكويشي اليابانية. وأفادت الخطة أن الصواريخ ستحلق 17 دقيقة و45 ثانية على مسافة 3356,7 كلم وتسقط في البحر على مسافة 30 أو 40 كلم من غوام، مباشرة خارج المياه الإقليمية الأميركية. وأوضح محللون أنه في حال تم فعلا إطلاق الصواريخ، فستجد واشنطن نفسها في موقف حرج. فإن لم تحاول اعتراضها، ستتضرر مصداقيتها وسيدفع ذلك بيونغ يانغ إلى المضي قدما واختبار صاروخ بالستي عابر للقارات. ولكن إذا حاولت اعتراضها ونجَحَ صاروخ في اختراق دفاعاتها، عندها ستكون فاعلية المنظومة الدفاعية الأميركية موضع تشكيك. أما في كوريا الجنوبية، فتعالت الدعوات لسيول من أجل تطوير أسلحة ذرية خاصة بها في ضوء الوضع، حيث أكدت صحيفة "كوريا هيرالد" أن "الوقت قد حان لإعادة النظر في التسلح النووي". ولكن تطوير كوريا الجنوبية لقنبلة سيغضب جارتها الشمالية التي تصر على أنها تحتاج للأسلحة النووية لحماية نفسها من خطر اجتياح، وسيجعل من شبه المستحيل إقناعها بالعودة إلى طاولة المفاوضات.
مشاركة :