بعد نحو 194 عاما من اكتشاف بقاياها، وعلى بُعد نحو 45 كيلومترا من مدينة سفاجا غربا، وعلى جانب طريق سوهاج- سفاجا الجديد، تقع بقايا أكبر محجر ومدينة رومانية لجلب الرخام الإمبراطورى، وتسمى مدينة «مونس كلوديانوس»، التى كانت أهم محجر رومانى فى الصحراء الشرقية، لمدة تراوحت بين 100 و150 عاما، ومن هنا جلبت روما أعمدة الرخام إلى معابدها وقصورها، حيث كانت تُدار هذه المدينة من قِبَل الجيش الرومانى، وكان يزورها العشرات من علماء الآثار الأجانب، وتعرضت للسرقة ونهب محتوياتها، وبالرغم من أهميتها التاريخية والأثرية، فإنها دون حراسة من جانب وزارة الآثار. وتجذب بقايا هذه المدينة العديد من رحلات السفارى، التى يتم تنظيمها للسائحين الزائرين لمدينة سفاجا للتعرف على أهمية هذه المدينة خلال الحكم الرومانى لمصر. ويقول بشار أبوطالب، نقيب المرشدين السياحيين بالغردقة، إن مدينة «مونس كلوديانوس» كانت فى الأساس محجر رومانيا فى الصحراء الشرقية، ويشرف على إدارتها الجيش الرومانى، وكان رجال المحجر من القوى العاملة الماهرة، وكانوا يحصلون على أعلى الرواتب، والمتبقى منها حاليا العديد من القطع الأثرية والأعمدة الضخمة وبعض الأحواض وعدد من النصوص المكتوبة على الفخار والحجارة المكسورة، وقد بُنى مختلف المبانى فى روما من رخام هذه المنطقة. وأضاف «أبوطالب» أن الأعمدة الموجودة بالمدينة الرومانية يبلغ طول الواحد منها 20 مترا، وقطره 2.5 متر، ويزن نحو 200 طن، والعديد من المبانى مازال باقيا على حاله، وجدران وأبراج المدينة مازالت متواجدة، وكانت المدينة تضم ما يُقدر بنحو 1000 شخص من الحرس، كما توجد المنازل الرومانية للعمال، وأنقاض الكنائس التى بُنيت من الجرانيت، والآبار الدائرية التى كانت تملؤها المياه المعدنية. حتى الآن المنازل مترابطة مع الأزقة الضيقة بجدار 70 مترا مربعا، خارج هذا الجدار فيلا خاصة كان يقيم بها مسؤول المحجر، وهى مميزة عن بقية المنازل، بالإضافة إلى معبد لم يكتمل، واسطبلات لاستيعاب ما يصل إلى 400 رأس من الثيران، ومشروع الأعلاف الخاصة بهم، وخزان مياه. وحول رحلة الأعمدة الرخامية المستخرجة من وسط الجبال من «مونس كلوديانوس» إلى روما، كشف «أبوطالب» أنه بسبب وزن الأعمدة كان يتم تحميلها على عربات ذات عجلات متنوعة العدد، تجرها الثيران، وتبدأ رحلة الأعمدة إلى روما من «مونس كلوديانوس» إلى نهر النيل بمدينة قنا بطول يصل إلى 120 كيلومترا، بعد استخراجها عن طريق حفر خوازيق طوليا داخل الجبل، ويتم وضع ألواح خشبية فيها، ثم تُزود بالماء حتى تنتفخ، ويتم الفصل بين الأعمدة وبعضها البعض، ويتم حفرها بعد ذلك باستخدام وضعها على الطابية، وكانت الرحلة تستمر أكثر من 5 إلى 7 أيام من محطة إلى أخرى. وكشف محافظ البحر الأحمر، اللواء أحمد عبدالله، أنه تلقى خطابا من مسؤولى عدد من المنشآت التاريخية فى روما، يطلبون فيه الحصول على رخام من منطقة مونس كلوديانوس، لترميم الأعمدة التى تعرضت للكسر ومذبح إحدى الكنائس الشهيرة بروما. وأضاف «عبدالله» أنه ستتم الموافقة على الخطاب وتوفير الرخام المطلوب.
مشاركة :