على الرغم من تصريح نقيب الصحفيين المصريين، عبد المحسن سلامة، يوم الإثنين الماضي، بأن أزمة حجب المواقع الإخبارية في طريقها للحل، إلا أن الأزمة تفاقمت هذا الأسبوع، حيث انضم موقع "الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان" لقائمة المواقع المحجوبة، كما أوقفت السلطات طباعة صحيفة "المصريون" وأحالت رئيس تحريرها عصام سلطان للتحقيق أمام نيابة أمن الدولة العليا يوم الخميس. وأكد جمال سلطان، في تصريحات صحفية، أن النظام يتحرش بالصحيفة بسبب دفاعها عن الحريات، لافتا إلى وقف طباعة العدد الأخير من الصحيفة منذ يومين، كما تم الحجز على مقرها بحجة تنفيذ حكم صادر منذ خمس سنوات بتعويض مالي لصالح قناة "أون تي في" الفضائية.•تطور خطير من جهتها، أعلنت "الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان"، في بيان لها الأربعاء الماضي، أن حجب موقعها الإلكتروني يمثل تطورا خطيرا للغاية، كونه أول موقع تابع لجهة حقوقية ينضم لقائمة المواقع المحجوبة في مصر، مما يخشى معه أن تمثل هذه الخطوة مقدمة لهجمة جديدة نوعية هذه المرة ضد مواقع منظمات المجتمع المدني وحقوق الإنسان". ومضى البيان يقول: "لم يعد من المنطقي أن ننتزع هذا التطور السلبي من سياقه الذي بدأ منذ أربع سنوات مع مولد ما يعرف بنظام 3 تموز/ يوليو، حيث شهدت مصر خلالها انتهاكات بالغة لحقوق الإنسان كمّا وكيفا من قبل السلطة الجديدة، وصولا إلى استخدام القانون والقضاء للانتقام من المعارضين والحقوقيين وأحكام الإعدام الجماعية عبر المحاكمات غير العادلة والتوسع في استخدام الحبس الاحتياطي المطول، حتى انتهى الأمر بحجب عشرات المواقع دون أن تكلف السلطة نفسها هذه المرة عناء التبرير والكذب"، وفق البيان.•انتهاكات بالجملة وفي هذا السياق، أصدرت مؤسسة حرية الفكر والتعبير المصرية، الخميس، تقريرها ربع السنوي عن حالة حرية التعبير في مصر للربع الثاني من عام 2017، والذي وثق 108 انتهاكات لحرية الصحافة والإعلام، و169 انتهاكا لحرية التعبير الرقمي، و44 انتهاكا لحرية الإبداع، كما أشار التقرير إلى حجب 134 موقعا إخباريا على الأقل. كما أصدر "المرصد العربي لحرية الإعلام" تقريره عن شهر تموز/ يوليو الماضي، أكد أن هذا الشهر شهد انتهاكات قاسية تؤكد تصعيد السلطات في مصر لحملتها المعادية لحرية الإعلام والصحافة. وبحسب التقرير، الصادر الأربعاء الماضي، فقد شهد تموز/ يوليو 41 انتهاكا، أبرزها غلْق عدة قنوات وبرامج لشخصيات كانت معروفة تقليديا بدعمها للسلطة الحالية منذ انقلاب 3 يوليو/ تموز 2013، ووقف برامج إعلاميين محسوبين على النظام، كما تم فصل صحفيين تعسفيا من صحيفة "اليوم السابع" وصحيفة "التحرير" أو إجبارهم على إجازة بدون راتب، بسبب تعبيرهم عن آرائهم الشخصية على فيسبوك.•الكشف عن أعداد المعتقلين وتعليقا على هذه الانتهاكات، قال المحامي الحقوقي إسلام مصطفى؛ إن ما يحدث في مصر في السنوات الأخيرة هو امتداد لحالة القمع الشديد والقبضة الأمنية التي يحكم بها عبد الفتاح السيسي البلاد، مشيرا إلى أن النظام لا يريد أن يسمع أي صوت يعارضه في البلاد. وأضاف مصطفى، في حديث لـ"عربي21" أن النظام اتخذ قرارا بحجب موقع الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان بسبب دورها البارز في كشف انتهاكات الأجهزة الأمنية طيلة السنوات الماضية، مشيرا إلى أن الشبكة هي التي أصدرت تقريرا بوصول عدد المعتقلين في السجون المصرية إلى 60 ألف معتقل منذ انقلاب يوليو 2013، "ولذلك أصبح النظام يرى أن الشبكة ورئيسها جمال عيد؛ خطر عليه ويهدد مستقبله"، وفق قوله. وتابع: "النظام كرر نفس القمع مع صحيفة المصريون بسبب موقفها المعارض له"، مؤكدا أن ما يحدث هو "استمرار لحالة الفجور السياسي الذي لم يسبق لها مثيل في التاريخ السياسي المصري"، على حد وصفه.•عودة لإعلام الستينات بدوره، قال أستاذ العلوم السياسية محمود السعيد؛ إن السيسي "يحوّل الإعلام المصري إلى إعلام تعبوي، كما كان الحال في حقبة الستينات، حينما كان النظام يُسمع الناس صوتا واحدا فقط وقت الحروب مع إسرائيل، حتى لو كانت المعلومات التي ينقلها للشعب مغلوطة وكاذبة". وأكد السعيد لـ"عربي21"؛ أن "النظام الحالي حجب كل المواقع ووسائل الإعلام التي تعارضه أو تقول له أنك تسير في الطريق الخطأ؛ لأنه يريد أن يبث الإعلام الأخبار الإيجابية عنه فقط، أو التبريرات لفشله عبر تعليق الأخطاء على شماعة محاربة الاٍرهاب، مثلما كان يفعل المذيع الراحل أحمد سعيد في إذاعة صوت العرب وقت نكسة يونيو 1967 حينما كانت حالة الكذب هي المسيطرة على المشهد السياسي"، كما قال. وتابع: "النظام يعتقد أن من حقه مصادرة الحريات العامة واعتقال الآلاف وحجب عشرات المواقع الإخبارية حتى تنتهي الحرب على الاٍرهاب، حيث يتعامل مع الأمر على طريقة السادات حينما آلاف السياسيين في سبتمبر 1981، لكن الأمر انتهى في النهاية بكارثة سياسية على البلاد بأكملها"، بحسب تعبيره.;
مشاركة :