دفتر التلفزيون بقلم: علي السوداني

  • 8/12/2017
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

ممثلتان وحيدتان جميلتان ظهرتا في هذا الشريط الممتع وقد أحببتهما معا، ولو كانت واحدة منهن ابنة خالي والثانية ابنة عمي لتزوجتهما بليلة واحدة.العرب علي السوداني [نُشر في 2017/08/12، العدد: 10720، ص(24)] يحدث هذا دائما. ربما كثيرا وليس دائما. أشغل التلفزيون وبقوة المصادفة وحسن الحظ، سأحظى بمشاهدة شريط رائع عنوانه هذه المرة “الكلمات” وفق ترجمتي القادمة من الصف السادس الابتدائي. أظن أن الفيلم كان قد بدأ بثه قبل عشر دقائق، لكن هذا لم يثلم شيئا من متعة المشاهدة. كانت القصة مشوّقة وتتحدث عن كاتب غض مغمور وفاشل، تشتري له زوجته حقيبة عتيقة من دكان أنتيكات، وفي واحدة من الصبحيات المباركات، يهم الكاتب الأحمق بوضع بعض هراء مسوداته فيعثر على مخطوط روائي ويبدأ بقراءته بلذة ودهشة شيطانية، فيقرر سرقته وانتحاله ونشره باسمه فينال بسببه شهرة عظيمة ومالا كثيرا. الثيمة هنا مربوطة بواقعة حقيقية وقعت لصاحب “الشيخ والبحر” أرنيست همنغواي، لكن ليس هذا بأمر هام بالنسبة إلي على الأقل، إذ كنت أتلذذ بالحوار الهائل والأداء الرائع لجوق الممثلين الذين كنت تفرجت على شرائط أخرى لهم لكنني لا أعرف اسما واحدا منهم. تتعقد أحداث الفيلم شيئا فشيئا وتتحول إلى قصة داخل قصة ثانية والثانية تصير ثالثة، وهذا أمر أكرهه جدا لأنني أفضل الأفلام السخيفة البلهاء على الأعمال التي تستدعي كدا فكريا قويا ومزاجا رائقا لا ينام بخانة التنبلة التي أنا عليها الليلة. أحببت كثيرا الكاتب الأصلي للرواية ونفرت من الكاتب الذي سرقها. لم أتعاطف أبدا مع الكاتب الثالث الذي كان يقص على الجمهور المندهش، حياة السارق والمسروق، كدت أشم أنفاسه المنتنة وهو ينفخ بوجه فتاة خلاسية كانت تجري معه لقاء أدبيا. يبدأ الحدث بباريس مدينة الأدباء والفنانين والصعاليك النبلاء، وينتهي بنيويورك التي كانت رحيمة وطيّبة وهي تدشن أربعينياتها بالأسود والأبيض. سأصف لكم صديقي الكاتب الأصلي وهو يظهر هنا على هيئة عجوز ستيني بائس يخيم على وسامة لم تنطفئ بعد. يتراوح وجهه بين عبدالوهاب البياتي وجان دمو والكثير من كلاسيكية وجه ولباس جمال البستاني، وقد يتطور المخيال فأضيف لوجهه أثاثا من وجوه أصدقائي الطيّبين كزار حنتوش وعقيل علي وضياء سالم، والنادل الشيوعي الطويل مزهر، الذي كان يوزع الشاي على زبائن مقهى حجي خليل بواحدة من درابين الميدان ببغداد العباسية العليلة. ممثلتان وحيدتان جميلتان ظهرتا في هذا الشريط الممتع وقد أحببتهما معا، ولو كانت واحدة منهن ابنة خالي والثانية ابنة عمي لتزوجتهما بليلة واحدة، فأنتج من الأولى رواية هائلة ومن الثانية سبع محاولات فاشلة للانتحار. رأيت أيضا أجواقا من الجنود والأطفال ومعاتيه محطة القطار وحديقة وبحيرة ودبابة وطيور حب ونكد وسيارة إسعاف راكدة، وناشرَ كتب وجهه مثل خلقة مصاصة دم ناشز. علي السوداني

مشاركة :