بقلم: علي باقر . مملكة البحرين أفجعت دولنا الخليجية والعربية بنبأ انتقال فناننا المسرحي الكويتي الكوميدي الكبير عبدالحسين عبد الرضا إلى جوار ربه (رحمه الله ) في لندن مساء الجمعة الموافق ١١ أغسطس ٢٠١٧م. هو الفنان المتفرِّد بكوميديا الموقف و المتفنن فيها، فكان القريب إلى قلوب النَّاس بمختلف فروقاتهم، فعشقته الجماهير الخليجية و العربية .هذا الفنان المحبوب ( رحمه الله ) ما أن تقع عينك عليه أو تراه ماثلا أمامك لابد و أن تبتسم و خيال فكرك يستعرض شريط شخصيته التمثيلية و حواراته في مسلسلاته ، و كأنك مع الجمهور ترى تفاعلهم في الضحك و التصفيق. لقد باتت أعمال الفنان الراحل الفنية خالدة في قلوب الجماهير و أصبحت إنجازاته الفنية بمثابة مدرسة يستقي منها الدَّارسون في مجال الفنِّ التمثيلي. نعم .. للفنان الرَّاحل أهمية فنية و وطنية لايمكن تغافلها و نكرانها من خلال تقديمه للعروض المسرحية الاجتماعية بقوالبها المضحكة أو إسقاطاتها السياسية السَّاخرة الناقدة التي لم يكن هدفها إلا التصحيح المغموس في حب الوطن و سموه و علو مكانته، ففطن بحنكته لهذا التّوجه فوضعه نهجاً و نبراساً فقدم أعمالا فنية ذات مضمون في النقد فأحبه الجميع. و من هنا بات الكويتيون ينظرون إليه و لمسيرته الفنية بمختلف طبقاتهم و فروقاتهم بأنه ” رمز ” بما يحمل من تاريخ تأسيسي للفن المسرحي في الكويت و الخليج أيضا. فحقبته التاريخية و مسيرته مهمة لأي ناشط فني أو باحث أكاديمي في البحث داخل أدبيات المسرح الخليجي و المسرح المعاصر لا يمكن تناسيها ، و الحمد لله أن الحكومة الكويتية قدرت هذا الفنان الوطني بالدرجة الأولى فأطلقت على أكبر المسارح المشيَّدة في العاصمة الكويتية بمنطقة السالمية ” مسرح عبدالحسين عبد الرضا ” تكريما و عرفانا لهذا الفنان ، و الأجمل أن هذا التكريم جاء في حياته فطوبي لأهل الكويت التقدير لأبنائهم المجدين المجتهدين في مجالات المعرفة و الفنون .. و شكراً شكراً لحكومة الكويت و لشعب الكويت التقدير للمبدعين. و يطيب لي أن أتقدم لأسرة الفنان عبدالحسين عبد الرضا و للحكومة الكويتية و شعب الكويت الأصيل بأحر التَّعازي و المواساة ، سائلا الله أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته ، وأن يلهم أسرته ومحبيه الصَّبر والسَّلوان. ” إنا لله وإنا إليه راجعون “ ———- – السيرة الفنية للفنَّان الرَّاحل ” عبدالحسين عبدالرضا ” ( رحمه الله ) درس لإبداع و حب الوطن .ولد الفنان عبدالحسين عبدالرضا في دروازة عبدالرزاق بفريج العوازم في منطقة شرق عام 1939 لأب يعمل بحارًا، وهو السابع من بين أخوته الأربعة عشر، وتلقى تعليمه في الكويت حتى مرحلة الثانوية العامة في مدرستي المباركية والأحمدية و عمل في وزارة الإرشاد والأنباء في قسم الطبع، ثم سافر في بعثة إلى مصر على نفقة الوزارة عام 1956 لتعلم فنون الطباعة، وفي عام 1961 سافر في بعثة إلى ألمانيا لاستكمال الدراسة في فنون الطباعة. وتدرج في الوظائف الحكومية حتى وصل إلى منصب مراقب عام قسم الطباعة في وزارة الإعلام عام 1959 إلى أن تقاعد في 30 سبتمبر 1979.تعرض الفنان عبدالحسين عبدالرضا لعدة أزمات صحية، فتعرض لأزمة قلبية عام 2003 أثناء تصويره لمسلسل الحيالة، نقل على إثرها إلى المستشفى، وتبين إصابته بانسداد في الشرايين، وسافر بعدها إلى لندن لإجراء جراحة عاجلة وعاد بعد شفائه لإكمال تصوير المسلسل كما تعرض لأزمة حادة في عام 2005 إثر إصابته بجلطة في المخ أدخل على أثرها العناية المركزة بمستشفى مبارك الكبير ونقل بعدها للعلاج في ألمانيا. وبعد الانتهاء من مسلسل العافور، أجرى عمليتي قسطرة للقلب في لندن عام 2015، وفي 9 أغسطس الجاري تم نقله إلى المستشفى حيث قد تعرض لوعكة صحية شديدة في العاصمة البريطانية لندن، وقد دخل العناية المركزة. يعتبر الفنان عبدالحسين عبدالرضا من مؤسسي الحركة الفنية في الخليج مع مجموعة من الفنانين منهم خالد النفيسي وعلي المفيدي وسعد الفرج وإبراهيم الصلال وغانم الصالح وغيرهم.كانت بداياته الفنية في أوائل ستينيات القرن العشرين، وتحديدًا في عام 1961، وذلك من خلال مسرحية صقر قريش بالفصحى، حيث كان بديلاً للممثل عدنان حسين، وأثبت نجاحه أمام أنظار المخرج زكي طليمات، وتوالت بعدها الأعمال من مسلسلات تلفزيونية ومسرحيات لتنطلق معها الإنجازات والشهرة والجوائز وغيرها. وقدم أشهر المسلسلات الخليجية على الإطلاق، ولا يزال المسلسل الأول بالخليج هو مسلسل درب الزلق مع سعد الفرج وخالد النفيسي وعبد العزيز النمش وعلي المفيدي، وكذلك مسلسل الأقدار الذي كتبه بنفسه، وعلى جانب المسرح كانت له مسرحيات كثيرة أشهرها «باي باي لندن» و«بني صامت» و«عزوبي السالمية» و«على هامان يا فرعون» وغيرها الكثير. كما الفنان عبدالحسين عبدالرضا بكتابة بعض أعماله المسرحية والتلفزيونية بنفسه، منها «سيف العرب» و«فرسان المناخ» و«عزوبي السالمية» و«30 يوم حب» و«قاصد خير» وغيرها، كما أنه خاض مجال التلحين والغناء والتأليف المسرحي والتلفزيوني وأصبح منتجا. اشتهر بالشخصية الساخرة المرحة التي تنتقد وتسخر من الأوضاع العربية بقالب كوميدي، وهو أحد مؤسسي «فرقة المسرح العربي» عام 1961 و«فرقة المسرح الوطني» عام 1976، كما قام بعام 1979 بتأسيس «مسرح الفنون» كفرقة خاصة، وفي عام 1989 أسس «شركة مركز الفنون للإنتاج الفني والتوزيع»، وكان قد قام في عام 1971 بتأسيس «شركة مطابع الأهرام». اشتهر الفنان عبدالحسين عبدالرضا بجمال صوته وهذا ما أعطاه تميزًا عن بقية الفنانين في جيله، مما جعله يخوض تجربة «الأوبريتات» كأول فنان يقوم بعمل الأوبريتات التمثيلية الغنائية والتي لاقت نجاحًا كبيرًا، بالإضافة إلى أنه قام بالغناء ضمن أعماله التلفزيونية والمسرحية عندما كان العمل يستدعي ذلك، كما أنه قدم أغنية بمناسبة زيارة الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش للكويت بعد التحرير بعنوان «مستر بوش» شاركه بها حياة الفهد وداوود حسين. قدم الفنان عبدالحسين عبدالرضا العديد من الثنائيات في الإذاعة والتلفزيون لعل أشهرها مع الفنان سعد الفرج، والذي اتضح في مسلسل «درب الزلق» و«مسلسل الأقدار» وعدد من المسرحيات، وكذلك مع الفنان خالد النفيسي في مسلسلات محكمة الفريج وديوان السبيل والحيالة، علمًا بأن بدايته مع الثنائيات كانت مع عبد العزيز النمش ومحمد جابر في مسلسلات «مذكرات بوعليوي» و«الصبر مفتاح الفرج»، ومن أشهر الثنائيات التي قدمها كانت مع الفنانة سعاد عبد الله في عدد من الأوبريتات. مرتبط
مشاركة :