لاشك ان للغة الانكليزية مكانة في غاية الأهمية في حياتنا الثقافية وعالمنا المتحضرعلمها من علمها وجهلها من جهلها. فالإنكليزية هي لغة العلم والتكنولوجيا، لغة الطب والتجارة، التداول والتواصل بين مختلف الثقافات والمجتمعات...هذه حقيقة يجب على الإنسان المتحضر أن يعييها ويدركها ويقدرحجمها، لا أن يعجب بها ليقف أمامها مكتوف الأيدي متمنياً تحقيقها دون بذل جهد كاف ووقت وافر. وكثير منا يقول نحن نعي هذه الحقيقة، ولكن لم نكن محظوظين في المدرسة بأساتذة أكفاء يفسرون المادة بطريقة سلسة ويدرَسونها بأسلوب لغوي صحيح نطقاً وكتابة وقراءة وسمعاً. لا أريد أن أتوجه هنا إلى الجهات الحكومية المعنية بذلك، بل أريد أن أعترف بأن جزءً كبيراً من المسؤولية يقع في الحقيقة على كاهل أولياء الأمور منذ دخول أولادهم المدرسة. فلا ينبغي لدور أولياء الأمور أن يقتصرعلى إرسال أولادهم إلى المدارس، بل عليهم البحث في كفاءة أساتذتهم بشكل دوري قبل أن تؤول الأمورإلى خارج سيطرتهم فإذا وجدوا المقدرة والمهارة اللغوية لدى هؤلاء الأساتذة فهذه بشارة خير، وإلا فعليهم البحث في تغيير هذا الوضع حرصا منهم على مصلحة أولادهم، هذه المصلحة التي لاشك أنها ستصب أخيراً في مصلحة المجتمع ككل فتزيد من رخائه وازدهاره وتقدمه. ولاننسى المثل القائل: «العلم في الصغر كالنقش في الحجر». نقابل الكثيرمن الشباب الطموحين في هذا البلد الطيب ممن يحملون مؤهلات علمية راقية، إلا أنهم يحظون بمستوى لغوي متواضع، وهم يعربون عن أملهم في تقوية لغتهم الإنكليزية لأن عليهم الخضوع لامتحان التوفل (TOEFL) أو الأيلتز (IELT) أوغيرها من الامتحانات العالمية التي ستؤهلهم في نهاية المطاف للحصول على منحة دراسية سخية تضمن لهم مستقبلاً زاهراً ومكانة مرموقة في مجتمعهم من خلال إكمالهم الدراسات العليا في اختصاصات مختلفة في الجامعات العالمية خارج البلاد. في هذه الحالة يقف طالبنا على مفترق طرق. كيف له أن يحسَن من مستواه اللغوي الذي طالما أهمله سنين طويلة في إطار زمني قصير لايجاوز اسبوعين؟ هذا أمر لاشك صعب المنال، فترى كثيراً منهم يعانون ويصابون بالاحباط ويمضون أوقاتاً عصيبة يعملون فيها الذهن بحثاً عن مخرج من هذا المأزق الذي يشكل حجرعثرة على طريق مشوارهم التعليمي المستقبلي وأنا لاشك أني أتعاطف معهم وأشعر كم أنهم محبطون وهم في داخلهم يوجهون اللوم لأولياء أمورهم الذين لم يساعدوهم في المراحل الأولى من تعليمهم على مراعاة هذه المسألة ومعالجتها منذ الصغر، ويشعرون أن هذه المشكلة أضحت بمثابة مرض تعليمي استفحل لديهم، ولم يلق الوالدان بالاً له في الوقت المناسب بل أهملوه كل الإهمال في وقت كان يمكن تداركه. وأنا كأستاذ متخصص في اللغة الإنكليزية أشعر بهم، وأتفهم مشكلتهم، ولكن لا أجد الكثير مما يمكن فعله لمساعدتهم وخاصة في فترة وجيزة كتلك فالامتحانات العالمية كالتوفل والأيلتز وغيرها تعمل على سبر حصيلة معلومات الطالب، وتفترض أنه أمضى كل سنوات دراسته باحثاً ومستقصياً ومطوراً لمهاراته اللغوية في الكتابة والقراءة والاستماع والتكلم، وماعليه الآن إلا التدرب على أسلوب الامتحان ومراجعة المعلومات التي قام باكتسابها أصلاً على مدى كل السنوات الدراسية الماضية. فكيف له أن يحسَن استعمال اللغة كتابة ولفظاً ويحفظ مئات المفردات غيباً في غضون أسبوعين أو ما شابه؟ وأنا كأكاديمي ولدي خبرة طويلة ومستفيضة في تعليم اللغة الانكليزية، أود أن أنصح أفراد الجيل الجديد من هذا المجتمع الطيب بأن يأخذوا حذرهم من هذه المشكلة ويتداركوا مخاطر إهمالها، ويعملوا على متابعة أولادهم في إتقانهم للغة الانكليزية والنهوض بها منذ نعومة أظافرهم، فهذا بلا شك سيتطلب منهم جهوداً عظيمة، إلا أنه سيختصرعليهم مشاكل تعليمية مستقبلية عدة وشعورا بالندم والاحباط لا حد له ولا مفرمنه. أستاذ اللغة الإنكليزية في جامعة الخليج للعلوم والتكنولوجيا
مشاركة :