نفتخر بعرض قصص الأغنياء من أمثال بيل غيتس، أغنى أثرياء العالم في السنوات القليلة الماضية وهذا العام، وربما لن يتجاوزه أحد في السنوات المقبلة. عندما سأل غيتس حسب ما نشر في مدونة «People in Canada» يوم 17 أبريل 2011 هل هناك من هو أغنى من بيل غيتس؟ فأجاب: نعم... قبل سنوات طويلة٬ كنت في مطار نيويورك وشد انتباهي عنوان في إحدى الصحف، وأحببت أن أشتريها، لكن لم أجد «خردة» في جيبي، وإذا بالصبي الأسود يقول «خذها إنها مجانا لك»! وبعد مضي ثلاثة أشهر مررت عبر المطار ذاته وحصل الموقف نفسه، ورفضت لكن الصبي أهداني الجريدة من دون مقابل، وقال «إنها من أرباحي... خذها». وبعد 19 عاماً عندما أصبحت غنياً، حاولت البحث عن ذلك الصبي كي أعوضه وبعد البحث وجدته، وسألته: هل تعرفني؟ فأجاب الشاب: نعم بيل غيتس المشهور. فقلت له: أعطيتني جريدة مرتين منذ سنوات مضت والآن أريد أن أعوضك... فرد على الفور: لا تستطيع تعويضي، فأنا أعطيتك عندما كنت فقيراً جداً وأنت تريد أن تعطي وأنت غني جداً... فكيف لك أن تعوضني؟ وقال غيتس للحضور: أعتقد بأن ذلك الشاب المسلم الصغير أغنى مني! أحبتنا يتناقلون هذه القصة عبر قروبات «الواتس آب»... إنهم يطبقون قول «مزمار الحي لا يطرب»؟ نحن أمة الإسلام حبانا الله بدين عظيم وقصص أعظم بكثير من حكاية الصبي وبيل غيتس قبل 1400 عام... لكن قليلا من أحبتنا من حاول نشر ثقافة العطاء واحتساب الأجر من رب عظيم وبعضهم يرفض عطاء محتاج ومستعد لصرف الآلاف على سفرة أو «عزومة» فيها من البذخ والرياء الشيء الكثير. الكرم والجود موجودان منذ عهد الرسول، ومعلوم حديث الرسول صلى الله عليه وسلم، عندما طالب الصحابة بالتصدق، وفي توزيع الغنائم، وقصة الإعرابي الذي شد النبي صلى الله عليه وسلم مطالبا منه العطاء من مال الله، وأعطاه... وتواضع الرسول صلى الله عليه وسلم وحلمه لكبيرين حيث قال تعالى «واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين»...! معجبين ببيل غيتس؟ طيب لكم عندي اقتراح: لماذا لا نسترد الأرباح الربوية التي تترك للمؤسسات الاجنبية وننفقها عبر تبرعات إنسانية عوضا عن تركها... وبيل غيتس يقوم بها... لماذا لا نحسن لمن أكرمنا بجوده وكرمه رغم فقره مثل ما فعل الشاب المسلم الفقير ونعوض البسطاء ممن أعطوا من دون مقابل وغيرهم... مع أي خبر فيه عطاء «يكاد لا يذكر نسبة وتناسب» يكثرون التلميع لهم. نحن لو أردنا أن نتحدث عن مكامن الخلل والسرف والترف والتجاوز الحاصل على المال العام، لقيل عنا أكثر مما قال مالك في الخمر. الجزاء من جنس العمل... ونحن كثير من أحبتنا قد أعطى وبعضهم وهب روحه فداء للوطن، وفي المقابل لم يجد تقديرا لعطائه. هنا... نكتب ما أعاننا الله عليه٬ فقراء مقارنة بـ «فحش» ثراء البعض٬ بسطاء رغم تكلف البعض٬ ناصحين رغم «اللعب على المكشوف والتسلق» من قبل الكثير٬ وندرك ان لا الزمان زماننا ولا الرجال رجالنا، ومع هذا وذاك على قناعة كاملة بأنه «لا يصح إلا الصحيح»... فالتراجع عن الخطأ فضيلة: فماذا أنتم فاعلون؟... الله المستعان. terki.alazmi@gmail.com Twitter: @Terki_ALazmi
مشاركة :