النائبة الكويتية تكره اللهجة العراقية فهل تحب اللهجة السعودية؟ بقلم: أسعد البصري

  • 8/13/2017
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

هل نسي هؤلاء الكويتيون مواقف الرياض حين ألغى صدام حسين هوية الكويت وعلمها والقضاء على شرعيتها واختراع شرعية بديلة واستبدال عملتها عام 1990؟ حرص الملك فهد حينها على وجود أسرة آل صباح الحاكمة وتماسكها لأنها رمز الشرعية الكويتية. واستقبل السعوديون الكويتيين في بيوتهم بينما استقبلت العراقيين اللاجئين بعد الحرب بمخيمات في الصحراء.العرب أسعد البصري [نُشر في 2017/08/13، العدد: 10721، ص(4)] كاتب سعودي يقول إن هناك حساسية عالية جداً لدى الكويتيين من أيّ تحذيرات خليجية أو إقليمية، وليست العلاقة مع إيران أولها. الكويت طردت مؤخرا دبلوماسيي السفارة الإيرانية ولَم تبقِ إلا على أربعة فقط، وأغلقت ملحقياتها التي ثبت أنها كانت أوكاراً للتجسس وترتيب العمليات الإرهابية. زار أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح طهران قبل ثلاث سنوات ثم استقبلت الكويت بترحاب الرئيس حسن روحاني، وتم تشكيل لجان تعاون وصداقة متعددة في وقت كانت فيه علاقة طهران مع الرياض في انحدار. بعد سنة واحدة فقط من هذا الانفتاح والسياسة الإيجابية الكويتية اكتشفت أجهزة الأمن كميات ضخمة من الأسلحة، مع خلية إرهابية كويتية متكونة من 20 شخصاً تابعين لإيران. وجاء هروب المساجين من أعضاء الخلية الإيرانية، واحد فقط إيراني والبقية كويتيون. تم تهريب الإرهابيين المسجونين ونقلهم بزوارق سريعة من المياه الكويتية إلى إيران. السعوديون ينظرون إلى مواقف الحياد الكويتية سواء مع إيران أو مع قطر ويقولون “هناك دَين أخلاقي كبير على الكويت ونتوقع أن تحفظ شيئاً منه”. قطر تقوم بتمويل المعارضة ضد السعودية في لندن وتركيا، معارضة تدعو لإسقاط الحكم السعودي. قطر كانت شريكاً في التآمر لاغتيال الملك عبدالله، وتعترف بأنها تآمرت أيضاً مع القذافي لإسقاط النظام في الرياض. وكويتيون يتبادلون القبلات مع الدوحة ويستقبلون جدارية موقعة من القطريين على صورة أمير بلادهم في رسالة غير موفّقة إلى الرياض. هل نسي هؤلاء الكويتيون مواقف الرياض حين ألغى صدام حسين هوية الكويت وعلمها والقضاء على شرعيتها واختراع شرعية بديلة واستبدال عملتها عام 1990؟ حرص الملك فهد حينها على وجود أسرة آل صباح الحاكمة وتماسكها لأنها رمز الشرعية الكويتية. واستقبل السعوديون الكويتيين في بيوتهم بينما استقبلت العراقيين اللاجئين بعد الحرب بمخيمات في الصحراء لا يستطيعون الخروج منها إلى المدن السعودية. وبسبب موقف الحكومة السعودية الشجاع والتضامن مع الكويت ظهرت لأول مرة في شوارع الرياض ومساجدها أصوات ضد الحكومة وسارت مظاهرة معادية وجاهر رجال دين شباب بمعارضتهم وبأنه “لا يجوز القتال من أجل الكويت التي لا تحكم بشرع الله”! وضجّت شوارع العواصم العربية ضد السعودية وليس ضد الكويت.متى ستنتهي التغريبة العراقية وكانت تلك شرارة تمرّد أسامة بن لادن وتفجّر الإرهاب الداخلي في التسعينات من القرن العشرين حتى عملية سبتمبر 2001 في نيويورك هي من آثار موقف المملكة الحازم من غزو الكويت واستقبال مئات الآلاف من الجنود الأميركيين وتحمّل نفقاتهم، ما زالت تداعيات ذلك الموقف الشهم لأجل الكويت عبئا على المملكة ورأينا هجمات الإعلام الأميركي على السعودية العام الماضي وصدور قانون جاستا سيّئ الصيت. كاتبة سعودية تقول إن الكويت تعلم أن الاتهامات الموجهة لقطر والمتعلقة بالتساهل مع جمع التبرعات للإرهابيين تشمل الكويت أيضا. وإن الذي نبش موضوع التسريبات بين القذافي وقادة قطر يستطيع نبش موضوعات العلاقة الكويتية مع إيران. وحدثتني بمرارة سيدة نجدية مطعونة من أخ وصديق عن تشويه نائب سابق في مجلس الأمة الكويتي يدعى عبدالحميد دشتي لسمعة السعودية عالميا، وكيف تم تهريبه من الكويت بعد الحكم عليه العام الماضي بـ14 سنة سجنا. هناك شكوك حول هذه الأحكام والتهريبات والبعض يشكك في قصة خلية العبدلي أيضا. البعض يقول إن سبب السكوت عن النائب دشتي وبذاءاته هو خشية من الشماتة وسماع كلمة “هذه بضاعتكم ردت إليكم”. دبلوماسي سعودي كتب بأنه كان بمؤتمر دولي بحضور إيراني وكانت إحدى أقارب دشتي تتحدث ضد المملكة بحديث ملؤه السم والحقد والتحريض إلى درجة أن الإيرانيين كانوا أفضل منها. ويضيف “صحيح أن الإيرانيين طوال عقدين قد نجحوا في شيطنة المملكة وسمّموا العلاقات السعودية الأميركية لكن الجهد الأكبر كان من حزب الدشتيين الكويتيين”. عموما إحصائية السفارة الأميركية تقول إن نسبة شيعة الكويت تصل إلى 35 بالمئة ومنهم مَن يقلد خامنئي مرجعا دينيا وإذا أضفنا “البدون” قد تصل النسبة إلى 40 بالمئة وهذا مفهوم لولا أنهم يمسكون الاقتصاد وأصحاب أموال طائلة ويتعرّضون لتسييس وتنظيم إيراني مستمر. لهذا حذر كاتب سعودي مؤخرا قائلا “فالكويت على خط الزلازل، وهي أكثر دولة تحتاج إلى وحدة المجلس واستقراره. لقد رحل صدام وخلفه من هم أسوأ منه وأعظم شراً”. ما يهمّني هو كيف نشرح للكويت جوهر المشكلة وأهمية الوقوف مع السعودية؟ النائبة الكويتية في مجلس الأمة الكويتي صفاء الهاشم صرحت خلال الأيام الماضية بأنها تعتبر الغزو عام 1990 “عراقيا” وليس “صداميا” وأنها تكره اللهجة العراقية ولا تحب العراقيين وأن مساهمة الكويت في إعادة إعمار العراق هي “دفعة بلاء”. ولأنني من البصرة التي تتحدث بلهجة هي نفس اللهجة الكويتية فكلمة “دفعة بلاء” تعني الصدقة والازدراء بالعراقيين. يأتي هذا التصعيد الكويتي مع العراقيين في وقت تقوم فيه السعودية بالتقارب مع قادة العراق ومداواة الجراح بين العراقيين وأشقائهم العرب. أليس هذا النشاط الكويتي منظما وعلى النقيض من المساعي السعودية دوما؟ تكرهين اللهجة العراقية وتعلنين ذلك على الهواء وأنت نائبة؟ بينما الإمارات العربية المتحدة قدمت لنا أغنية حسين الجسمي “كلنا العراق” في وقت نحن بأمسّ الحاجة إلى المساعدة والحب من العرب. سوف أبلغ 650 ألف طفل مشرّد في الموصل أعلنت المنظمات الإنسانية أنهم مصابون بالصدمة بأن بعض الكويتيين لا يحبون سماع صوتهم وعليهم البكاء بصوت منخفض. سأبلغ بنات الأنبار الحزينات في الليل بأن بعض الكويتيين فرحون بدموعهن. صحف كويتية أصدرتها الكويت أيام الغزو كانت تشتم العراقيين رجالا ونساء وأطفالا، وكانت تستشهد بغربة السياب حين كتب من الكويت قصيدته “غريب على الخليج”. يقولون هذا السياب يشهد بأنه غريب والعراقي ليس منا “وعلى الرمال على الخليجِ/جلس الغريبُ يسرّحُ البصر المحيّر في الخليجِ/ويهدّ أعمدة الضياء/بما يُصعّدُ من نشيجِ”. كان السعوديون ينصحونهم بعدم شتم الشعب العراقي إلى درجة أنهم في لقائهم مع الجواهري بدمشق كان منزعجا منهم فقال لهم “ماكوشي اسمه كويت”. ربما نتفهم الجرح الكويتي قبل ربع قرن ولكن ماذا الآن ونحن العراقيون ننزف دما كل يوم؟ يذكروننا بأنهم ساعدوا صدام حسين في حربه ضد إيران وقدموا له 60 مليار دولار في ذلك الوقت الذي يعتبر فيه هذا المبلغ فلكيا ثم غدر بهم. السؤال هو لو لم تساعدوا صدام لقامت إيران باحتلال بغداد وما هي المشكلة؟ إيران تحتل العراق اليوم وأنتم على أحسن العلاقات معها. ثم إن وقفتكم انحصرت بالأناشيد للدكتاتور والمال وليست مثل وقفة الإمارات مع السعودية حيث يقاتلان كتفا لكتف وشهيدا بشهيد. متى تنسون الماضي؟ مَن كان سيُصدّق أن الألمان سيُصبحون أصدقاءً لأميركا بعد 15 عاما فقط من توقف الحرب العالمية الثانية وهي التي قامت بقصفهم قصفا شنيعا لدرجة أن مدينة كولن لم يبق منها إلا ثلثها وفي هامبورغ دُمّر 300 ألف منزل، أما مدينة دريزدن فإن بعض الدراسات تُقارنها أحيانا بهيروشيما. كان هناك اعتقاد لدى بعض الأميركيين بأن كل ألماني هو “نازي” وتم تقديم اقتراحات مثل تهجير مليون ألماني كعبيد إلى أفريقيا أو “خطة كوفمان” التي تنصح بتجنيد 20 ألف طبيب لإخصاء 45 مليون ألماني لقطع النسل. وهناك خطة الوزير الأميركي مورجيناتو لتحويل ألمانيا إلى بلد زراعي ومنعهم من التحوّل مرة أخرى إلى بلد صناعي. البيت الأبيض رفض كل هذه الخطط وقرر كسب صداقة الشعب الألماني وعدم إهانته حتى لا تتكرّر مأساة ما بعد الحرب العالمية الأولى. أنفقت أميركا المليارات من الدولارات لاحتواء ألمانيا اقتصاديا وأنتجت الأفلام وسخّرت الثقافة للقضاء على الفكر النازي، وتم في النهاية احتواء ألمانيا داخل العائلة الغربية الأوربية بنجاح. معظم الألمان اليوم يحبون أميركا ويؤمنون بقيم التسامح والديمقراطية والأخوّة بين الشعوب. وهذا الدرس الإنساني تحاول نقله السعودية اليوم بكل الطرق إلى الكويتيين والعراقيين دون جدوى. النائبة صفاء الهاشم تضر الكويت قبل العراق بتحريضها على الكراهية بين الشعبين. إذن يمكن استيعاب ومساعدة ألمانيا بعد 15 سنة من الحرب رغم أنها مسؤولة عن مقتل 30 مليون إنسان في الحرب، واحتلت باريس وأحرقت لندن واجتاحت روسيا وقامت بإبادة أجناس بشرية مع أطفالهم. كل هذا تجاوزته البشرية بوقت قصير فلماذا لا يمكن مساعدة ومحبة العراقيين بعد غزو الكويت؟ وإلى متى نحن نعاقَب؟ أميركا رفعت شعارا بعد الحرب “ألمانيا مشكلتنا” فلماذا لا ترفع الكويت شعارا مثل “العراق مشكلتنا” وتساعدنا؟ إن احتضان الكويت للنائب عبدالحميد دشتي الذي قاد حملة كبيرة ومنظمة لتشويه سمعة المملكة العربية السعودية ووشمها بالإرهاب لا يختلف عن احتضانها للنائبة صفاء الهاشم وتشجيعها على بث مشاعر الكراهية والإهانة للعراقيين. هذه أعمال تصب في صالح إيران. شيعة الكويت لن يكرهوا شيعة العراق بسبب تصريحات النائبة الهاشم فهم يجلسون معا على الأرض في زيارة كربلاء ويأكلون في قدر واحد. الذي سيتأثر هو أطفال الموصل النازحين وبنات الأنبار اليتامى لأنهم يتوقعون من العرب كلمة محبة ومواساة. وإذا كانت النائبة الهاشم لا تحب اللهجة العراقية فهل تحب اللهجة السعودية يا ترى؟ تقول الشاعرة سعاد الصباح: “أنا امرأةٌ من جنوب العراق فبين عيوني تنامُ حضارات بابلْ وفوق جبيني تمرُّ شعوبٌ وتمضي قبائلْ”. كاتب عراقيأسعد البصري

مشاركة :