الحيدري وتغيير المسار الشيعي

  • 8/18/2013
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

--> التفكير في أبسط صوره اختيار بين بدائل، ويفكر الإنسان عندما يتحدث إلى نفسه، فمساحة التواصل مع الذات هي أكبر المساحات التي يمكن أن يتحرك فيها الإنسان بحيث يعيد ترتيب الأفكار وتحديد الخيارات، ولذلك فان قناعات هذا الإنسان النهائية كمحصلة لهذا الاعتمال الفكري تتطابق مع موضوع التفكير، وذلك ما تفسره الفلسفة النتشوية التي تجد أن التفكير وطريقة التعبير عنه بالضرورة تستوجب أن يكون بينهما تطابق واتصال، وأن كل شيء ينضوي تحت مظلة المحظورات نستطيع بشكل جازم التعبير والافصاح عنه بفضل قوة الحجة والبرهان، وأن الحقيقة لا تقوم في الشفافية أو في الوضوح في سياق عرض الأفكار، لأن كل وضوح مخادع! في المحصلة نستطيع التأكيد أن الفكرة المنظمة والمتمكنة لابد أن تجد لها مسوغات البقاء، ولكن الاختلاف فيها والتأرجح بين القبول والرفض ربما يدلل على صحة تلك الفكرة أكثر من ضعفها إذا أسقطنا الفكر النتشوي بشكل مجرد على كل فكرة سوف نجد أن الأفكار التي تولد في الظلام هي الأقدر على مجابهة النور في حالة الظهور، وحيال ذلك ربما يكون الاندفاع في خروج الفكرة وأدا للفكرة في مهدها، وهذا ما ذهب له ماركس عندما قسم الأيدلوجيات الى خفية وظاهرة، حين أشار الى أن الأيدلوجية الخفية تستطيع الظهور كظاهرة إذا ما ظهرت عوامل حاضنة قادرة على تنشئة الفكر والعمل على صقلها بحسب المقتضى الذي تفضي اليه الطبيعة السيسيولوجية والسيكولوجية الفردية في المناخ الضام لهذه الفكرة الناشئة والتي في حالة الافصاح عنها في التوقيت الملائم ربما تكون لديها القوة في القضاء على الأيدلوجية الظاهرة والمتعارف على قبولها بين المجموع. ذلك كله يفسر تتابع الدعوات والتيارات الفكرية التي تولد وتنتهي ويولد بعدها بديل يلاقي الصدى ذاته وربما أقوى، وهذا ما سارت عليه الديانات الإبراهيمية في نشأتها السرية وأنذر عشيرتك الأقربين وحتى المذاهب الفكرية الوضعية سارت على ذات النهج، وفي المحصلة نستطيع التأكيد أن الفكرة المنظمة والمتمكنة لابد أن تجد لها مسوغات البقاء، ولكن الاختلاف فيها والتأرجح بين القبول والرفض ربما يدلل على صحة تلك الفكرة أكثر من ضعفها، فالفكرة التي تجد لها قبولا من كافة الأطياف إنما هي سطحية وغير عميقة ولم تستطع تحريك المجموع، وفي المقابل نجد أن الفكرة التي تلاقي الرفض الكامل هي فكرة معتلة منذ التكوين. ولذلك فإن الوسطية في التقبل هي النصاب الصحيح الذي تقاس في إطاره مدى صحة الفكرة ومعقولية المضمون والمعنى الذي تحتويه، وهذه الأخيرة تبدو هي الملائمة الى ما ذهب اليه رجل الدين الشيعي كمال الحيدري، وهو لمن لا يعرفه مرجع عراقي معاصر مقيم بمدينة قم الإيرانية، اشتهر بمناظراته العقائدية مع المذاهب والفرق الأخرى عبر برامجه التلفزيونية كبرنامجي مطارحات في العقيدة والأطروحة المهدوية اللذين يبثان على قناة الكوثر. الحيدري استطاع أن يحرك المياه الراكدة في الموروث الشيعي بنبش المسكوت عنه ومحاولة تنقيته بقوله أنا أدّعي أن كثيرا من الموروث الروائي الشيعي مدسوس إلينا، من اليهودية والنصرانية والمجوسية. ما ذكره الحيدري دعوة لتعديل مسار الفكر الشيعي الذي اختطف بالخرافة والمزاج الجماهيري، وهذه الدعوة التصحيحية هي بداية اعتدال المسار، وعدم تقبل طرح هذا المرجع ربما يعود الى الصدمة التي أحدثها للجمهور دون تمرحل، فالتعرية الكاملة التي قام بها بمثابة طعن في معتقد من الموروث المحظور الاقتراب منه دون مراعاة للجمهور الذي يرى في هذا المعتقد الصحة الكاملة، وهذا لا يعني بالضرورة خطأ ما قام به الحيدري، ولكوني بعيدة عن الساحة الشيعية وما يعتمل فيها من أحداث فقد أجهل الى حد ما المتغيرات التي أحدثها المرجع بطرحه، ولكن من خلال ردات الفعل التي أحدثها من خلال ما وصلني نجد أن التعويل على الفكر التجديدي الذي نادى به هو مطلب شريحة لا يستهان بها من الطائفة الشيعية، فبحسب الملحوظ بأن الصفوية عاثت كثيرا في المذهب وأساءت له بتحريف وتزييف كثير من مبادئه وطقوسه، وما يقوم به هو المطلوب لإعادة المذهب الى المسار الصحيح وحمايته من التجديف الخاطئ. @sukinameshekhis مقالات سابقة: سكينة المشيخص : -->

مشاركة :