شاب سعودي يتغلب على متلازمة «داون» بالرسم

  • 8/14/2017
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

شكّل خبر حملها الثاني بطفل مصاب بمتلازمة «داون» صدمة قاسية لها، كان ذلك قبل 24 عاماً، وعلى رغم عدم توافر المعلومات الكافية عن المرض ولا كيفية التعامل مع المصابين به، إلا أنها سرعان ما تجاوزت كل ذلك، بإيمانها وإصرارها على رعايته والبحث عن السبل الكفيلة التي تساعده وتدعمه كي يشق طريقه في الحياة وينسجم مع وضعه الصحي بصورة مرضية. أصبح محمد المهنا الآن شاباً (23 سنة)، ويتمتع بشخصية ودودة، محبوباً من أفراد أسرته وأصدقائه، والفضل يعود في شكل كبير إلى العائلة التي دعمته وزرعت الثقة بنفسه، وقالت والدته في حديثها إلى «الحياة»: «ابني شغوف بالرسم والتلوين، ولاحظنا ذلك عليه كما رأينا السعادة التي تعتريه حين ينجز لوحة، ويرى إعجاب من حوله فيها». وتشير والدة محمد إلى أنه يمارس هذه الهواية التي يستمتع بها كثيراً في شكل يومي، بإشراف شقيقته التي تدعمه وتساعده، وتشرف على حسابه على «أنستغرام»، وتطبع له رسوماته على ملفات وبطاقات، كما أنه يعشق الألعاب على «الأيباد» وجهاز الحاسوب ويمارس رياضة المشي، ويتابع بعض البرامج والمسلسلات، ويتميز بشخصية اجتماعية، إذ يفضل الألعاب الجماعية مثل الأونو والكيرم وغيرهما. وأضافت أن أكبر مشكلة تواجه محمد ضعف النطق والتخاطب، فهو يتحدث معنا ويعبّر عن مشاعره، إنما بعض الجمل تكون غير واضحة لمن يتعامل معه لأول مرة، والحمد لله هو الآن قدوة لكثير من الأسر والأطفال من متلازمة «داون» من خلال مجموعة «غروبات» الدعم الأسري عبر الصور والفديوات التي نصورها له. أما عن تعليم محمد، فبينت والدته أنه «تلقى تعليمه في مدارس الدمج الحكومية»، لافتة إلى أن هذه المدارس في حاجة إلى «لفته من وزارة التعليم لوضع مناهج وبرامج خاصة، كما أنها في حاجة إلى تأهيل الكوادر التعليمية وتهيئة المباني اللازمة، وقالت إن الحكومة تساهم وفي شكل كبير في الدعم المادي للأطفال، وخصصت البدلات لمعلمي التربية الخاصة، لكن من المهم أن تستفيد المدارس الحكومية من تجارب المراكز الخاصة والدول التي لها تجارب متقدمة في تأهيل مصابي متلازمة «داون»، من أجل تأهيل هؤلاء الأطفال عوضاً عن تسربهم من التعليم. وتابعت: «بعد أن وصل ابني إلى المرحلة الثانوية بدأنا نفكر في عمل يوفر له الاستقلال، إذ يعاني من بعض المشكلات الصحية التي قد تعوّقه عن العمل المهني، رأينا أن نستغل هواية الرسم في عمل ينمي قدراته ويطوّر من نفسه ويحقق ذاته، فخصصنا له الوقت لممارسة الرسم والتغليف في شكل يومي، فيما تتولى عملية التسويق شقيقته»، كاشفة عن أنها تخطط للعمل على مشروع يخدم المصابين بمتلازمة «داون» ويوفر لهم الاستقلال وفرص عمل ومصدر رزق لكثير منهم، ولم ترغب في الإفصاح عنه في الوقت الحالي. وطالبت أم محمد على لسان ابنها «المؤسسات الحكومية والخاصة بدعمهم، وذلك بتوفير تعليم جيد ونشاطات وفرص عمل مناسبة»، فيما وجهت رسالة إلى كل أب أو أم لديه طفل متلازمة «داون»: «اختارك الله وميّزك بإعطائك هذا الطفل، لتنال خير الدنيا والآخرة بإذن الله، فابحث عن موهبة يمتلكها طفلك ويتميّز بها مهما كانت بسيطة، وتنميتها والاستفادة منها، حتى تسير حياته كفرد نافع وفعال في المجتمع». يذكر أن الجمعية السعودية لمتلازمة «داون» أفادت في وقت سابق بأن عدد المصابين بمتلازمة «داون» في المملكة لمن هم دون سن 17 عاماً بلغ 20 طفلاً، فيما أشار المركز العربي للدراسات الجينية عبر موقعه الإلكتروني إلى أن نتائج الأبحاث المجراة في تسع دول عربية تظهر بوضوح أن لدى ستة من هذه البلدان معدلات إصابة بمتلازمة «داون» أعلى من نظيراتها على المستوى العالمي، فمثلًا يبلغ هذا المعدل 2.225 بين الإماراتيين في دبي، وهو رقم عالٍ نسبياً، ولكنه قريب من الأرقام المسجلة في عمان 2.988 وقطر 2.964، وفي شكل مشابه سجلت كل من السعودية والكويت معدلات مرتفعة نسبياً، وهي على التوالي 2.996 و2.902.

مشاركة :