تخشى كثيرات من عدم تنفيذ القانون مهما تم تغليظ العقوبة أمام ألاعيب محامين لا هم لهم سوى تبرئة المتهم بغض النظر عن عمق جرح الضحية الذي قد يحرم بعض الفتيات من الزواج.العرب رابعة الختام [نُشر في 2017/08/14، العدد: 10722، ص(21)] ما أجمل النساء، رقيقات، صديقات، يأخذن عقول الرجال إلى أبعد نقطة في الكرة الأرضية ثم تعود بالعقل إلى أرضه مغيبا تماما بسحرها الأخاذ، هكذا أرى المرأة ويراها الكثيرون، ولكن تأخذ العقل بذكائها وفتنة نضوج عقلها، لا بجسدها. أعتقد أن كلماتي ستكون صادمة للبعض، ومنبهة للبعض الآخر ومرفوضة من الكثيرين، لكنها كالقهوة منبهة وموقظة لبعض العقول. لا أرى المرأة مجرد جسد يتزين لنيل قلب الرجل، أو قطعة قماش “مرمية” بدلال على بعض معالم الجسد لتبرز مفاتنه الجذابة وتخفي بعض عيوبه، المرأة عندي ليست أداة متعة، ولم يخلقها الله سبحانه وتعالى لهذا الغرض فقط، بل كرمها ورفع من شأنها، المرأة شريك الرجل في الحياة بالمعنى الكامل للكلمة، هي مخلوق أرقى وأعظم من تلك النظرة الدونية التي خلعها عليها بعض مرضى النفوس، وألبسوها رداء المتعة مرغمة، رجال يفكرون بنصفهم السفلي، لا هم لهم سوى إشباع غرائز ورغبات مريضة بصورة أكثر مرضية. التحرش الجنسي يزداد بصورة مرعبة في المجتمعات العربية التي هي بالأساس “بيت الرجولة والشهامة”، مجتمعات تعاني انفصاما في الفكر، فلم تعد قيم النخوة والشهامة والجدعنة تحكم تصرفات البعض إلا في حديثهم السطحي فقط، ولكن غياب الوعي وإنعدام الأخلاق هما الحاكمان لتصرفات بعضهم على أرض الواقع، ازدياد الظاهرة المخزية في مصر يدق ناقوس خطر لا يقل بشاعة وتهديدا للأمن القومي عن الإرهاب، فالتحرش لم يعد مرتبطا بعمر الضحية ولم تعد الفتيات في سن الشباب هن الأكثر تعرضا للتحرش والاغتصاب وهتك أعراضهن من قبل مرضى النفوس، فقد تخطى الأمر هذا الحاجز إلى نساء متقدمات في العمر قد يصل عمرهن إلى عمر أم الجاني أو جدته! وأقسى ما جرح كرامة المجتمع بأسره ما تعرضت له رضيعة للاغتصاب بقسوة وبشاعة على يد جان تجرد ليس من معاني الرجولة، ولكن من معاني الإنسانية ذاتها، لم يكن “بني آدم” بالمرة، وحتى الحيوانات نفسها لا تفعل ما فعله هذا المخلوق الذي تربى على أن المرأة مجرد “وسيلة للمتعة” أو جسد ينتهكه كيفما شاء، كالتلفاز أو التنزه في حديقة، أو مشاهدة فيلم سينمائي، أو كمن يكافئ نفسه بقطعة شيكولاتة. التحرش الجنسي في الوطن العربي يحتل مركزا متقدما للغاية، وتحتل مصر تحديدا المركز الثاني على مستوى العالم في نسبة التحرش الجنسي بنسبة تصل إلى 64 بالمئة من النساء اللاتي يتعرضن لمضايقات ما بين الاعتداءات الجنسية والاغتصاب والتحرش الجسدي واللفظي، وأقرت جمعيات حقوق المرأة أن ما تتعرض له المصريات كارثة أخلاقية تدمر نفسية المرأة وتجعلها غير آمنة على نفسها في الشارع المصري. وعلى الرغم من تضمن القانون المصري لنصوص تشريعية لمعاقبة مرتكبي جرائم الاغتصاب والتحرش إلا أنها لا تجدي نفعا وغالبيتها غير مفعلة لعدة أسباب أهمها صمت الضحية نفسها وعدم إفصاحها عما تتعرض له من اعتداءات. والمثير للجدل أن التحرش بالمرأة لم يعد بسبب تبرجها كما كان يروج له من قبل، ولكن أصبح يطال أي امرأة، سواء كانت ترتدي ثيابا تظهر مفاتنها أو نقابا لا يظهر غير عينيها، فلم يعد طول الفستان يعني للمتحرش عنصر إثارة، فكثيرات هن النساء اللاتي تعرضن لانتهاك خصوصياتهن. وكان المخرج والمؤلف محمد دياب قد تعرض لظاهرة التحرش الجنسي في فيلمه “678” والذي يناقش القضية من خلال حكايات لثلاث نساء من طبقات اجتماعية مختلفة تعرضن للتحرش، ويحكي الفيلم حكايات من واقع الحياة تحمل بداخلها الحزن والأسى، حتى أن بعض المتحرشين متزوجون ولا يعانون من الحرمان كما يروج البعض. وتخشى كثيرات من عدم تنفيذ القانون مهما تم تغليظ العقوبة أمام ألاعيب محامين لا هم لهم سوى تبرئة المتهم بغض النظر عن عمق جرح الضحية الذي قد يحرم بعض الفتيات من الزواج نتيجة ما يعانينه من رهاب العلاقة بالرجل الذي تتحول نظرتها له كذئب يتربص بفريسته. في هذه الفترة من العام تزدهر الظاهرة المزرية بشكل لافت خاصة مع انتشار الأجساد اللامعة على الشواطئ، وأشعة الشمس تعبث بها لمنحها لونا ذهبيا ملفتا. كاتبة مصريةرابعة الختام
مشاركة :