ابتزاز أوروبا بملف اللجوء..هل يصبح حفتر "اردوغان ليبيا"؟

  • 8/15/2017
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

بعد مطالبة رجل ليبيا القوي خليفة حفتر الاتحاد الأوروبي بـ20 مليار دولار لإيقاف تدفق اللاجئين، عادت إلى الأذهان الصفقة التركية-الأوروبية. فهل يعيد التاريخ نفسه ويجعل الأوروبيين أنفسهم عرضة للابتزاز؟ ومن سيدفع ثمن أي صفقة؟ طالب الرجل القوي في شرق ليبيا، خليفة حفتر، الاتحاد الأوروبي بميزانية ضخمة لوقف تدفق المهاجرين إليه. وقال حفتر، في مقابلة مع صحيفة "كورييري دولا سيرا" نشرت السبت (12 آب/أغسطس 2017)، إن كلفة الجهود الأوروبية الضرورية للمساعدة في وقف تدفق اللاجئين على الحدود الجنوبية لليبيا، تقدر ب"20 مليار دولار على امتداد 20 أو 25 عاماً". وعلى سبيل المقارنة، قال إن "تركيا تحصل على ستة مليارات" من بروكسل "للسيطرة على عدد من اللاجئين السوريين وبعض العراقيين". وأضاف "أما نحن في ليبيا، فيجب أن نعمل على احتواء دفعات كبيرة من الأشخاص الذين يصلون من كل أنحاء إفريقيا". بؤرة الأزمة...على الساحل أم في الحدود الجنوبية؟ تنطلق قوارب وسفن تهريب اللاجئين من منطقتي زوارة وصبراتة، الواقعتين غرب العاصمة الليبية، وليس بعيداً عن الحدود مع تونس، باتجاه أوروبا، وتحديداً جنوب إيطاليا. وتبعد زوارة وصبراتة مئات الكيلومترات عن مناطق سيطرة حفتر في شرق ليبيا. يرى الإعلامي التونسي باسل ترجمان "أن أي كلام عن دور مستقبلي لحفتر في إبعاد اللاجئين عن أوروبا في قادمات الأيام يعني أن هناك ضوء أخضر أوروبي يسمح بوصول قوات حفتر إلى ما بعد طرابلس غرباً وصولاً للحدود التونسية". ويرى أن كل كلام حالي عن احتمال عقد صفقة على غرار الصفقة الأوروبية - التركية "مجرد تكهنات بلا أساس متين تستند إليه". تسيطر قوات حفتر على أجزاء واسعة من ليبيا وكان حفتر قد قال في المقابلة الصحفية إن المشكلة "لا تحل على شواطئنا (...) يتعين علينا العمل سوية لوقف موجات تدفق اللاجئين على امتداد 4000 كلم من الحدود الصحراوية الليبية في الجنوب. جنودي على أهبة الاستعداد. أسيطر على أكثر من ثلاثة أرباع البلاد. لدي العناصر، لكن تنقصني الإمكانيات". وفصّل حفتر أكثر في ما ينقصه: تدريبات لخفر الحدود، وذخائر وأسلحة، وخصوصاً آليات مدرعة، وسيارات جيب للرمل، وطائرات من دون طيار، وأجهزة كشف الألغام، ومناظير للرؤية الليلية ومروحيات. وأضاف حفتر أن الهدف هو إقامة معسكرات متحركة تضم 150 رجلاً كحد أدنى كل مئة كيلومتر. ابتزاز أم واقعية سياسية؟ يؤيد الصحفي والخبير في الشؤون الأوروبية، علي أوحيدة، وجه نظر حفتر بأنه يجب التعامل مع الأزمة وحلها على الحدود الجنوبية، وليس في الساحل. غير أنه يعود ويستدرك بأن "لا مؤشرات على استعداد أوروبي للتعاون في هذا المجال". وينفي الصحفي أوحيدة، المقيم في بروكسل، "وجود ابتزاز من قبل حفتر للأوروبيين". ويتابع أن رؤية واقعية في إدارة ملف الهجرة بدأت مؤخراً في التبلور في الاتحاد الأوروبي. ويلخص أوحيدة أهم وجوه هذه الرؤية: "مراجعة أدوات إدارة الملف السابقة مثل التركيز على خفر السواحل الليبي". ويدلل على كلامه باستقبال حفتر في باريس وبدء فرنسا التركيز على الحدود الجنوبية لليبيا بدلاً من الساحل. ويضيف الخبير بالشؤون الأوروبية أنه "يتوجب كذلك أخذ مجمل الظروف الاقتصادية والاجتماعية والأمنية في الدول المصدرة للاجئين ودول العبور بعين الاعتبار". كما تتطلب هذا الرؤية من الاتحاد مراجعة قوانينه وتدابيره الداخلية وتعديلها بما يتوافق مع الواقع الجديد، والكلام للصحفي أوحيدة. قضية لاجئين أم "عصابات اتجار باللاجئين"؟ وصل قرابة 600 ألف لاجئ، غالبيتهم من الأفارقة في دول جنوب الصحراء الكبرى، إلى إيطاليا عبر ليبيا على مدى السنوات الأربع الماضية. ولقي أكثر من 13 ألف لاجئ حتفهم خلال محاولتهم العبور. الصحفي التونسي والخبير بالشؤون الأمنية وبالجماعات الإرهابية، باسل ترجمان، يرى أن القضية "ليست قضية لاجئين، بل جريمة اتجار بالبشر تقوم بها عصابات منظمة". ويتحدث عن "استجلاب" للمواطنين الأفارقة من جنوب الصحراء من قبل تلك العصابات إلى ليبيا. وسألناه عن من تكون تلك العصابات، فأجاب: "الجماعات المسلحة، الإرهابية منها والمتاجرة بالبشر وبالمخدرات والناهبة للبترول الليبي". وحسب معلوماته فإن تلك العصابات هي من تسيطر على الساحل التونسي من سرت وصولاً إلى الحدود التونسية وأن ووجود قوات حكومة الوفاق فيه هو مجرد وجود "رمزي". وينفي ترجمان الطبيعية الحقوقية عن القضية: "المسألة قضية عصابات وليست قضية حقوقية". واللاجئون يدفعون الثمن دائماً! أعلنت البحرية الليبية، التابعة لحكومة الوفاق، الخميس الماضي (العاشر من آب/أغسطس 2017) منع "أي سفينة أجنبية" تشارك في إنقاذ اللاجئين من الاقتراب من مياها الإقليمية، خصوصاً السفن التابعة لمنظمات غير حكومية. وتتهم الحكومة الليبية المنظمات غير الحكومية بأنها تحولت إلى أداة لنقل اللاجئين إلى أوروبا. وكانت حكومة الوفاق، بقيادة فائز السراج، طلبت في تموز/يوليو من ايطاليا دعماً بحرياً لمكافحة تهريب اللاجئين انطلاقاً من السواحل الليبية. وفي هذا الإطار، رست ثلاث سفن ايطالية في ميناء طرابلس للقيام بالدعم المطلوب. الصحفي أوحيدة يرى أن "اللاجئين أضحوا ضحية هذه الصفقة مع حكومة الوفاق، حيث توقفت المنظمات الإنسانية عن العمل". ومن جانبه انتقد حفتر السراج على عدم استشارته قبل طلب الدعم البحري من إيطاليا. وقال في هذا الصدد إن "قراره خيار شخصي غير شرعي وغير قانوني". وأمر حفتر قواته بمنع دخول سفن أجنبية للمياه الليبية. وصل قرابة 600 ألف لاجئ، غالبيتهم من الأفارقة، إلى إيطاليا عبر ليبيا على مدى السنوات الأربع الماضية تحذيرات حقوقية نددت منظمة العفو الدولية في الثالث عشر من شباط/فبراير من هذا العام بعواقب اتفاقية اللاجئين بين الاتحاد الأوروبي وتركيا وحذرت بشدة من إبرام اتفاقيات مشابهة مع دول مثل ليبيا والسودان والنيجر. وقالت المنظمة: "ليس من الشرف أن يثني سياسيون أوروبيون على الصفقة الأوروبية التركية باعتبارها نجاحاً بينما يغضون الطرف إزاء التكاليف المرتفعة بشكل لا يحتمل بالنسبة للذين يعانون من تداعيات هذه الاتفاقية". وفي سبتمبر/أيلول الماضي أعربت الخبيرة في فرع المنظمة في ألمانيا، فيبكه يوديت عن استيائها: "المفوضية الأوروبية تحاول إبعاد مسؤوليتها عن اللاجئين دائما خارج حدود أوروبا. ولا تستنكف في هذا الشأن عن التنسيق مع حكومات تقوم هي ذاتها بانتهاكات شديدة لحقوق الإنسان ومن ثم تجبر مواطنيها على الهروب". ومن جانبه، تحدث رئيس منظمة "برو أزول"، غونتر بوركهارت، عن "صفقات غير لائقة" يتم الاستعداد لها. واعتبرت المنظمة في بيان لها في الذكرى الأولى لتوقيع الاتفاقية الأوروبية-التركية أن الاتفاقية "خيانة" بحق اللاجئين. كما نشرت المنظمة المدافعة عن حقوق اللاجئين تقريراً على موقعها الإلكتروني في الثالث من آب/أغسطس الجاريانتقدت فيه التفاهمات الجدية بين الحكومة الليبية والاتحاد الأوروبي، وخصوصاً إيطاليا، واعتبرتها أنها تهدف لجعل "ليبيا حارس البوابة الأوروبية" وأنها في الحقيقة ليست حرباً ضد "مهربي اللاجئين"، كما يتم تسويقها، بل حرباً ضد "اللاجئين" أنفسهم. خ. س./ح. ع. ح.

مشاركة :