هي قاعدة ثابتة لابد من تذكيركم بها، إيران كانت دائماً وأبداً «منعزلة» و«منفردة» حتى في تحالفاتها، بمعنى أنكم لو لاحظتم اليوم مثلاً وجود تقارب إيراني روسي في شأن سوريا، فإن هذا التحالف يمكن الرهان على انتهائه بسهولة وسرعة، مقارنة بديمومته واستمراره لمدة طويلة.هذا واقع مبني على تركيبة «الفرس» منذ أمد بعيد، وبات أصلاً متأصلاً في طبيعة النظام الإيراني الذي ينهج أي نهج كان، ويفعل أي شيء طالما يخدم مشروع التوسع «الصفيوني»، حتى لو كان التحالف مع الشيطان نفسه.العقيدة الإيرانية المبنية على الولاء المطلق لمرشد نصب نفسه متحدثاً باسم الرب، تقوم على عدم الثقة بأحد، بل تبني تحالفات «وقتية» تنتهي بسرعة بزوال «المصلحة» أو ببيان «انعدام الفائدة» لو استمرت، وتتمادى في الإيغال لتصل لمرحلة الخصومة والشقاق والعداء.لنعيدكم سنوات في الوراء، ولنتعلم من التاريخ، في رد على من يسارع للصراخ بـ«لا تعيدونا للوراء»، والذين نصنفهم في خانة «الهاربين للأمام» الرافضين لاستيعاب الدروس المستفادة من الظروف والمواقف، القابلين بأن يغمضوا أعينهم ويستمروا في غفلتهم حتى تأتيهم ضربة أخرى في الرأس، ليبدأوا معها فاصلاً جديداً من الصراخ والعويل، القائم على الدهشة والاستغراب.لنأخذكم لسنوات قريبة مضت، وكيف أن إيران من خلال طوابير عملائها وخونتها ومواليها، مارست كل أنواع التحركات للإضرار بالبحرين وتقويض أمنها ولتأليب الناس على النظام الحاكم الشرعي.من ضمن تلكم التحركات محاولات «التقارب» مع القوى الأجنبية صاحبة النفوذ في القرار السياسي العالمي، والممثلة بسفارات مؤثرة في مملكة البحرين. وكيف أن وكلاء إيران في البحرين، حاولوا باستماتة التقارب مع المسؤولين في السفارتين البريطانية والأمريكية، وتأتى لهم النجاح بنسبة كبيرة فيما يختص بسفارة واشنطن، بالاستفادة من التوجه القائم حينها، المبني على رؤية كوندوليزا رايس وزيرة الخارجية السابقة في عهد جورج بوش الابن، القائمة على مشروع «الشرق الأوسط الجديد» وبرامج إعداد القادة الشباب وتهيئتهم لقيادة التغيير، أو بتعبير أدق صنع ثوار على أنظمة بلدانهم.في تلك الفترة، وما تبعها من حقبة كانت سنوات 2011 و2012 من ضمنها، لعبت السفارتين البريطانية والأمريكية دوراً مزعجاً من خلال مسؤوليهما، عبر تقاربهم المفضوح مع قيادات جمعية الوفاق الانقلابية الموالية لإيران، وكيف أن وثائق «ويكيليكس» كشفت مضامين خطيرة لأحاديث وتخطيطات كان أطرافها ممثلين رسميين لسفارات بلدانهم.يومها كان الانقلابيون «يحلفون» باسم بريطانيا وأمريكا، وسعوا لإقامة فعاليات تستهدف البحرين في «غرف» بمجلس اللوردات البريطاني بمساعدة أعضاء بريطانيين ممولين من «حزب الله»، وفي جانب آخر وصلوا لواشنطن ونيويورك.يومها كان البريطانيون والأمريكان «معشوقين» لدى الوفاق وعناصرها، وتحولت أمريكا التي وصفها الخميني نفسه بـ«الشيطان الأكبر» إلى «الحليف الأكبر» فقط لأن بعض مسؤوليها في البحرين دعموا «الوفاق» وساندوها.لكنها إيران، الشهيرة بالخيانة والانقلابات والإقدام على كل شناعة وبشاعة لتحقيق مآربها، ها هي اليوم يتحول إعلامها وخونتها ومن ضمنهم العملاء في البحرين إلى منصات لمهاجمة بريطانيا والولايات المتحدة، واعتبار هاتين القوتين العالميتين بمثابة «محاور شر» تمارس انتهاكات حقوق الإنسان وترخص بمبادئ الحرية، فقط لأنهما تدعمان مملكة البحرين في إصلاحاتها وحراكها في مجال حماية حقوق الإنسان والحريات.الموقف البريطاني سبق نظيره الأمريكي في «التبدل» تجاه البحرين، خاصة بعدما أدرك البريطانيون حقيقة المخطط الانقلابي الطائفي الذي تعرضت له بلادنا، والموقف الأمريكي تبدل بقوة بمجيء نظام دونالد ترامب، وفضحه لكثير من المخططات الخبيثة التي كانت تستهدف البحرين ودول المنطقة ووقف عليها أوباما وهيلاري وسفرائهم في منطقتنا.الآن تحول من كانت تعتبره طوابير إيران الخائنة من «حليف» الأمس إلى «عدو» اليوم!هذه هي عقيدة الإيرانيين، يستغلون من معهم لتحقيق مآربهم، وحينما ينتهون منه أو يتبدل موقفه منهم، يحولونه مباشرة إلى عدو أو أداة تم استخدامها وحان رميها.
مشاركة :