في حضور عالمي جديد، شهد عرض مسرحية «النمرود»، الليلة قبل الماضية، تزاحم الجمهور على مسرح البلاديوم في مدينة مالو السويدية، إذ حظيت «النمرود»، التي تعد إحدى روائع صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، بإقبال جماهيري كبير، ضاقت به جنبات المسرح السويدي. 2008 انطلق العرض الأول لمسرحية «النمرود» في افتتاح أيام الشارقة المسرحية. انتشار واسع أثرى صاحب السمو حاكم الشارقة مكتبة المسرح بالعديد من النصوص التي نشرت على نطاق واسع، وترجمت إلى لغات عدة، مثل «عودة هولاكو»، و«الواقع صورة طبق الأصل»، و«الإسكندر الأكبر»، و«القضية». ترجمة فورية قُدم عرض «النمرود»، الذي حضره رئيس دائرة الثقافة في الشارقة، عبدالله العويس، وجمهور كبير من المهتمين ومن المجتمع المحلي والجاليات العربية بالمدينة السويدية، باللغة العربية، مع ترجمة فورية عبر شاشة مضيئة وضعت أعلى خشبة المسرح، بمشاركة فريق تمثيلي يتقدمه الفنان الإماراتي أحمد الجسمي. قدمت المسرحية التي وضع تصورها الإخراجي الفنان التونسي الراحل المنصف السويسي، فرقة مسرح الشارقة الوطني، في أولى مشاركتها بالمهرجان السنوي الذي يعد الأضخم، ويتميز بعروضه الفنية المتنوعة بين فنون الأداء والفنون البصرية، والتي تقدم في مسارح مغلقة وأخرى مكشوفة، وفي الساحات العمومية في مدينة مالمو السويدية. كثافة استندت المعالجة الإخراجية لمسرحية «النمرود» على جملة من الحلول الأدائية والتقنية التي تداخلت عبرها العناصر البصرية والتشكيلية والصوتية تداخلاً مبدعاً، حاز إعجاب الجمهور الذي وقف طويلاً يصفق لفريق العرض الذي أظهر مرونة ملحوظة في تشخيص لوحات العرض فوق الخشبة. وقال المخرج العراقي المقيم في السويد كريم رشيد، وهو رئيس إدارة مسرح بلا حدود، إنه لم يشهد إقبالاً على المسرح بهذه الكثافة طوال إقامته في مدينة مالمو، التي امتدت إلى أكثر من عقدين، مشيراً إلى أن المسرح لم يسع العشرات الذين اضطروا إلى الجلوس في المداخل والممرات. من جهته، أعرب الممثل حميد سمبيج، الذي يشارك بالعرض، عن سعادته بتفاعل الجمهور، واصفاً ذلك الإقبال والتفاعل الجماهيري بأنه «نجاح منقطع النظير». بدورها، احتفت الصحافة السويدية، الورقية والإلكترونية، بمشاركة فرقة مسرح الشارقة الوطني، التي تسجل بـ«النمرود» أول حضور للمسرح الإماراتي في مدينة مالمو السويدية، التي تضم العديد من العرقيات والجنسيات، وتعد واحة للتعددية الثقافية. وتمت استضافة فريق عمل «النمرود» في العديد من اللقاءات الإعلامية، وتطرق الفنانون إلى محاور عدة حول مسرح صاحب السمو حاكم الشارقة بشكل خاص، والمسرح الإماراتي بشكل عام. رؤية نقدية تعكس مسرحية «النمرود» رؤية نقدية تندد بظلم الطغاة عبر مقاربته المبدعة لقصة «النمرود»، الذي يعد في مصادر عدة، أول جبار في الأرض. تُستهل المسرحية بمشهد تمهيدي يصور شقاء أهل بابل من ظلم الملك الضحّاك، وصولاً إلى تطلعهم إلى النمرود بن كنعان لنجدتهم، وحين يتولى هذا الأخير المملكة بعد أن يقضي على الضحاك وأهله وحاشيته، ما يلبث أن يبدأ في إذلال أهل بابل، ويبطش بهم، ويتجبر عليهم أكثر ممن سبقه، ويصل به الأمر إلى أبعد من ذلك بكثير، وهو ما تفصله المسرحية التي تبرز نهاية النمرود، الذي تصرعه ذبابة تدخل في رأسه، وتطن بداخله طنيناً مؤلماً، حتى يضطر إلى أن يأمر الأهالي بضربه على رأسه بالأحذية، عسى ذلك يريحه من طنينها حتى يموت. يشار إلى أن مسرحية «النمرود» قدمت في 2008 في افتتاح أيام الشارقة المسرحية، وطافت بلداناً عدة في الشرق والغرب، مثل إسبانيا ورومانيا وألمانيا ومصر ولبنان، ووصفها مخرجها السويسي بـالـ«سفارة الثقافية والمسرحية المتنقلة»، في إشارة إلى ثراء موضوعها الإنساني، وتعدد وتنوع طاقمها الفني والتقني، ولجولاتها المتعددة في أنحاء العالم. وتعد المسرحية الأعلى إنتاجاً والأكبر في سلسلة العروض التي قدمها مسرح الشارقة الوطني الذي تأسس 1975.
مشاركة :