من الناحية العملية يفضل السائح العربي الذهاب إلى وجهة قريبة وجديدة توفر له طقسا جيدا وطبيعة خضراء ساحرة بالإضافة إلى المزيد من الخصوصية. وتتوفر كل هذه الصفات في جزر البحر المتوسط التي لم يكتشف بعضها السائح العربي بعد. وتتميز جزر البحر المتوسط بالهدوء النسبي مقارنة بمدن سواحل أوروبا الجنوبية خصوصا في أواخر فصل الصيف. ويجد السائح فرص عطلات فاخرة بأسعار مخفضة في نهاية الموسم تصاحبها مزايا عدم الازدحام سواء في القرى والمدن أو على الشواطئ.وتوفر الجزر عزلة نسبية عن العالم الخارجي وأسلوب حياة وادعة وشواطئ ذات مياه شفافة ونظيفة وكثير من المواقع التي تدعو لاستكشافها. وتعتمد معظم الجزر في البحر المتوسط على الأسماك في وجباتها بالإضافة إلى المنتجات الزراعية المحلية لتقديم وجبات طازجة للسياح على نحو يومي. ومن الجزر ما يحتوي على آثار رومانية وفينيقية قديمة وأيضاً ملاح من الوجود العربي فيها على مر العصور يظهر في أسلوب العمارة والأغذية المتاحة وأسلوب المعيشة.ويتأقلم السائح العربي بسرعة مع المناخ العام في جزر البحر المتوسط لاشتراكها جميعا في حوض حضاري واحد يعرف باسم حضارة البحر المتوسط، فتجد عناصر الوجبات التي تعتمد على زيت الزيتون والتين والتمر والفواكه الأخرى متشابهة كما تتشابه أيضاً مواعيد الوجبات وفترة الراحة في الظهيرة والسهر في الليالي الدافئة بالقرب من الشواطئ.ولمن يفضل العزلة والمزيد من الخصوصية هناك جزر في البحر المتوسط لم يسمع بها أحد من قبل ويتطلب الوصول إليها رحلات جوية وبحرية. ومن هذه الجزر لينوسا وبالمارولا وتتبعان إيطاليا وسوساك بالقرب من كرواتيا وكريسي وسيريفوس ضمن جزر اليونان وميدس في إسبانيا.ولكن الجزر السياحية المعهودة هي الأفضل لمن يستكشف مجال جزر المتوسط للمرة الأولى نظرا لوجود مطارات فيها للطيران المباشر. وأفضل هذه الجزر من ناحية الخدمات السياحية والتعامل مع السياح الأجانب هي:- سردينيا: وهي تستقطب الأثرياء وتقدم لهم كل الخدمات التي يتوقعونها من بوتيكات ومطاعم فاخرة إلى مراسٍ لليخوت ومهابط للطائرات العمودية في ساحات الفنادق. أهم شواطئها يسمى كوستا سميرالدا الذي لا يقل في الرخاء والثراء عن مونت كارلو. وهي لا تناسب هؤلاء الذين يسافرون بميزانية محدودة لأنها باهظة التكاليف خصوصا في الفنادق والمواصلات والأكل. ولكنها توفر عطلة إيطالية من الطراز الأول من دون الازدحام والضغوط التي تواجه السياح في إيطاليا نفسها. وهي تزخر بمختلف خدمات السياحة المتنوعة وتنتشر في أرجائها أفضل شواطئ إيطاليا. ويعرف السياح أن أفضل المواقع في الجزيرة هو ساحل كوستا سميرالدا الذي يشبه بالفيلات المتناثرة حوله منطقة بيفرلي هيلز في كاليفورنيا. وتوجد أيضاً شواطئ منعزلة بعيدة عن ملامح الفخامة ولكنها تمتع بطبيعة خلابة في أنحاء الجزيرة. وفي المناطق الداخلية تتناثر آثار حضارات متعاقبة. ويقول الأهالي إن الجزيرة ترحب بالسياح في معظم شهور العام ولكنهم ينصحون بتجنب شهر أغسطس (آب) نظرا لازدحامه بالسياح الإيطاليين أنفسهم. ويمكن قيادة السيارات في سردينيا بشرط حمل رخصة قيادة دولية ووثائق السيارة بالإضافة إلى جاكيت أصفر اللون ومثلث أحمر للطوارئ. وتمنع سردينيا تشغيل أدوات اكتشاف رادارات السرعة في السيارة. وتطير كثير من شركات الطيران إلى مطار الجزيرة ومنها شركة الطيران الرخيص «إيزي جت» ولا تبعد مدينة أولبيا عن المطار أكثر من عشر دقائق بالسيارة وهناك باص خاص كل 20 دقيقة بين المطار والمدينة. ويوجد كثير من شركات تأجير السيارات في الجزيرة. ويمكن استكشاف وسط المدينة على الأقدام حيث توجد كل المعالم حول الطريق الرئيسي كورسو أومبرتو.- كورفو: وهي من أكثر جزر المتوسط جذبا للعائلات حيث بها حديقة ملاهي مائية ورياضات ركوب الخيل وشواطئ محمية هادئة الأمواج. والمسافر إلى كورفو يضمن الطقس المشمس المعتدل خلال الصيف. وباستثناء المناطق السياحية الساحلية التي تم تطويرها فإن كورفو ما زالت تعيش مناخ القرى الإغريقية خصوصا في المناطق الزراعية الداخلية. وهناك من المعالم والطرق التي لم تتغير منذ أيام الحكم البريطاني. ولا بد من زيارة عاصمة الجزيرة التي تسمى كركيرا وتم ضمها إلى تراث اليونيسكو مؤخرا. وعانت كورفو من الأزمة الاقتصادية التي تعم اليونان حاليا ولكن أهلها ما زالوا يحتفلون بمهرجانات دورية يقومون خلالها بالرقص والغناء. من هذه المناسبات احتفال يقام في شهر أغسطس من كل عام بنهاية الحصار العثماني على الجزيرة في عام 1716 حيث تدوي طلقات المدافع يعقبها عرض العاب نارية. ومن أفخم الفنادق في الجزيرة فندق كورفو بالاس ومنتجع كونتاكالي الساحلي. ويمكن زيارة قلعة باليو فوروريو التي توفر مشاهد بانورامية للساحل وللمدينة. كما يوجد متحف للآثار والفنون الآسيوية يفتح أبوابه من أبريل (نيسان) إلى أكتوبر (تشرين الأول) يحتوي على مجموعة نادرة من الأعمال الفنية الآسيوية والصينية جمعها اثنان من الدبلوماسيين اليونانيين. وهناك أيضاً متحف بيزنطي تعود معظم معروضاته إلى العصور الوسطى. ويمكن ترتيب رحلة بالخيول لمدة ساعتين على الساحل عبر مدرسة خيول اسمها «تريل رايدرز» يديرها بريطانيون مقيمون في الجزيرة. أما الوجبات فهي متوفرة في كثير من المطاعم التي تطل على الشاطئ وتبلغ قيمة الوجبة نحو 30 يورو في المتوسط.- مينوركا: وهي الشقيقة الصغرى لأختها الأكثر شهرة مايوركا. ولذلك فهي أكثر هدوءا وتوفر المزيد من الاستجمام. ومن هم المزايا السياحية في الجزيرة وجود شاطئ مثالي لتعلم التزلج على المياه بالشراع حيث المياه هادئة وغير عميقة وتيارات الهواء مستقرة في المنطقة. والغريب أنها على رغم حجمها الصغير فإن بها شواطئ أكثر من مايوركا وهي تصلح تماما لسياحة العائلات وتم استكمال رصيف الكورنيش الذي يحيط بكل الجزيرة وهو يوفر مجالا غير محدود لرياضة المشي. ويمكن استئجار سيارة لاستكشاف الجزيرة بداية من العاصمة ماو وحتى القلعة التاريخية على مقربة 50 كيلومترا والشواطئ الجنوبية للجزيرة. أعلى نقطة في الجزيرة اسمها مونت تورو ومنها يمكن مشاهدة ملامح كل الجزيرة التي تنقسم جيولوجيا إلى نصفين: شمالي مكون من الصخور الرملية الحمراء وجنوبي من الحجر الجيري. وبالجزيرة بعض الآثار التي تعود إلى حضارتها القديمة التي تمتد 1500 سنة قبل الميلاد. واكتشف الرومان الجزيرة في عام 123 قبل الميلاد. ويمكن مشاهدة منحوتات هذه الحضارة في متحف ليثيكا الذي يمكن زيارة بالقرب من العاصمة برسم دخول أربعة يورو. وتوجد بعض مخلفات حقبات استعمارية منها القصور والمزارع البريطانية. ويعد منتجع «ارينال دين كاستيل» هو أكبر المنتجعات السياحية في الجزيرة وتنتشر حوله أفضل الشواطئ وملعب غولف هو الوحيد في الجزيرة.- كيفالونيا: وهي جزيرة يونانية تعيش أسلوب الحياة الهادئ الرتيب الذي قد يفضله بعض السياح خلال فترة العطلة. وهي مفضلة بين السياح لسهولة الوصول المباشر اليها عبر المطار المحلي. واشتهرت الجزيرة بعد رواية وفيلم «ماندولين الكابتن كوريللي». وهي جزيرة تزخر بمختلف المشاهد الطبيعية من التلال الصخرية إلى بعض أفضل الشواطئ اليونانية. وهي لم تمس بعد بالزحام السياحي المعهود في مناطق وجزر أخرى. وتنصح شركات السياحة بتجنب شهر أغسطس نظرا لشدة الحرارة ولكنها في نهايات الصيف توفر الطقس المشمس ودرجات الحرارة المعتدلة حتى شهر أكتوبر. وتطير شركات سياحة عالمية مباشرة إلى الجزيرة مثل توماس كوك ومونارك وتومسون بالإضافة إلى شركة أوليمبيك اليونانية. أفضل الشواطئ يقع في جنوب الجزيرة وأفضل أوقات السفر في سبتمبر (أيلول) وأكتوبر ويمكن استئجار فيلا خاصة في الجزيرة توفر إقامة فاخرة للعائلة أثناء العطلة. الخيار الآخر هو الإقامة في فندق فاخر مثل كيفالونيا بالاس على الشاطئ الجنوبي أو اختيار فندق متوسط مثل باناس هوتيل الذي يوفر إقامة بسيطة ولكنه مكيف الهواء. أهم الشواطئ هو «ميرتوس بيتش» الذي تحميه تلال صخرية ويتميز بمياه تركوازية اللون. وينصح الخبراء السياح باستئجار سيارة مع أداة ملاحة وخرائط إلكترونية نظرا لضعف شبكة المواصلات العامة في الجزيرة.- كورسيكا: وهي جزيرة المغامرات وأولى هذه المغامرات هي المشي عبر تلال وجبال المدينة للشباب عبر طريق شاق يعرف باسم «جي 20». ويحتاج من يشارك في هذه المغامرة أن ينام الليل في مخيمات وأن يحمل طعامه بنفسه. وتعد كورسيكا من الجزر القليلة في البحر المتوسط التي لم تتطور لاستقبال آلاف السياح موسميا، فهناك فقط مجموعات من المنتجعات في مواقع متفرقة من الجزيرة ولكن من يريد استكشاف شواطئ غير مأهولة بالسيارة سوف يجد الكثير منها. ويعد معدل الأسعار في كورسيكا أعلى منه في بقية أنحاء فرنسا ويساهم هذا في تخفيض زحام السياحة الفرنسية الداخلية. ولكن هناك كثير من عشاق كورسيكا من فرنسا وإيطاليا يأتون إليها كل عام. ويتميز أهل الجزيرة بروح استقلالية إلى درجة أنهم يعتبرون الفرنسيين محتلين منذ قرنين من الزمان. وفي التسوق تعتبر سكاكين الرعاة من الأسواق المحلية هي أشهر ما يشتريه السياح مع نصيحة عدم حملها في حقائب اليد على الطائرة. النشاطات السياحية في المدينة تشمل رحلات بحرية لاستكشاف معالم الشواطئ غير المأهولة حول كورسيكا أو لعب الغولف أو زيارة مدينة اجوشيو عاصمة جنوب الجزيرة ومسقط رأس نابليون بونابرت. ويمكن مشاهدة بعض ممتلكات نابليون في المتحف القريب المفتوح يوميا برسوم رمزية. ويمتد الموسم السياحي في كورسيكا من أبريل وحتى أكتوبر.
مشاركة :