أعلن مسؤولون أمس (الاثنين) أن القوات الأفغانية استعادت قرية في شمال البلاد قام متطرفون يشتبه انتماءهم لحركة «طالبان» وتنظيم «الدولة الاسلامية» (داعش) بقتل عشرات المدنيين فيها مطلع الشهر الجاري. وقتل المسلحون أكثر من 50 مدنياً في قرية ميرزا أولونغ. وأعلن الناطق باسم الجيش الوطني الأفغاني نصر الله جمشيدي أن قوات الجيش استردت القرية نتيجة مواجهات حادة أردت 50 قتيلاً على الاقل في صفوف المتمردين وقال، إن «قواتنا تسيطر الآن بشكل كامل على القرية، وتبحث عن حقول ألغام طالبان والشراك الخداعية». من جهته، أعلن الناطق باسم وزارة الدفاع الأفغانية دولت وزيري أن الجيش أخرج «طالبان» من القرية بعد ظهر أمس. وقال إن «المسلحين تكبدوا خسائر بشرية كبيرة»، مشيراً إلى عدم وقوع قتلى في صفوف القوات الافغانية. وستباشر قوات البحث عن مقابر جماعية في القرية، بعدما تحدث ناجون والمسؤولون المحليون عن قتل 50 من السكان، رمياً بالرصاص أو بقطع رؤوسهم. وارتكب مقاتلو «طالبان» وتنظيم «داعش» المفترضين هذه المجزرة، بعد استيلاءهم على قرية ميرزا أولونغ في عملية مشتركة نادرة. ومساء أمس، أعلن «داعش» في بيان مسؤوليته عن مقتل 54 في ولاية ساري بول. وأكدت «طالبان» في وقت سابق الاستيلاء على القرية، مشيرة الى ان مقاتليها وحدهم قاموا بذلك. وروى ناجون وقائع مروعة لما حدث في قريتهم المنكوبة، واصفين كيف كان عناصر «طالبان» والتنظيم يدخلون المنازل ويقتلون من فيها. وتمكن المهاجمون من احتجاز عدد من الرهائن، لكن الحركة أفرجت لاحقاً عن أكثر من 235 رهينة بعد وساطة قام بها وجهاء ومسؤولون. وقال مسؤولون اليوم إن ثلاثة من موظفي الإغاثة في منظمة «خدمات الإغاثة الكاثوليكية» قُتلوا بالرصاص وسط أفغانستان. ووقع الهجوم أمس بالقرب من عاصمة إقليم غور، وهي منطقة كانت هادئة نسبياً في السابق لكنها الآن مأوى لمتشددي «طالبان» و«داعش». وقالت الناطقة باسم المنظمة ميغان غيلبرت في بيان «نشعر بصدمة وحسرة لفقد زملائنا في أفغانستان. أفرادنا يكرسون حياتهم لمساعدة الآخرين، وسنظل دائماً ممتنين لخدماتهم الكبيرة للمحتاجين». وأضافت أن هذا الهجوم «غير مسبوق» بالنسبة إلى المنظمة، وأن دوافع المهاجمين غير معروفة. وقال الناطق باسم شرطة الإقليم إقبال نظامي إن الهجوم أسفر أيضاً عن إصابة موظفين اثنين آخرين، لكن هوية المهاجمين مجهولة. وتعتبر أفغانستان واحدة من أخطر دول العالم بالنسبة لموظفي الإغاثة. وقالت الأمم المتحدة إن 12 موظف إغاثة قتلوا في أفغانستان حتى الآن خلال العام الحالي مقارنة مع 15 قتلوا في العام 2016 كله. وقال منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في أفغانستان ريتشارد بييبركورن في تعليق على الهجوم «أدعو جميع الأطراف أن تضمن الوصول الآمن لمن يقدمون المساعدات الإنسانية إلى الضعفاء، وأن يتمكنوا من القيام بعملهم في إنقاذ الأرواح من دون إعاقة». ووفقاً للموقع الإلكتروني لـ «منظمة خدمات الإغاثة الكاثوليكية» توفر المنظمة المساعدات لأكثر من 200 ألف أفغاني خصوصاً في مجالات الزراعة والتعليم ومواجهة الكوارث. وتعمل المنظمة في أقاليم هرات وبامييان ودايكندي وكابول الأفغانية إلى جانب إقليم غور. من جهة أخرى، طالبت حركة «طالبان» الولايات المتحدة اليوم في خطاب مفتوح موجه إلى الرئيس الأميركي دونالد ترامب بسحب كل قواتها من أفغانستان وحضته على التوقف عن الاستماع إلى «العملاء» في كابول. وتعمل إدارة ترامب على وضع اللمسات النهائية على استراتيجية إقليمية قد تشمل نشر أربعة آلاف جندي أميركي إضافي في إطار تحالف بقيادة «حلف شمال الأطلسي» استجابة لطلب من القادة الأفغان. وقوبلت تلك الخطة بتشكك في البيت الأبيض، إذ انتقد ترامب وعدد من كبار مساعديه السنوات التي قضتها البلاد في تدخل عسكري هناك وضخ المساعدات. وقالت الحركة في الخطاب الموجه إلى ترامب الذي كتب باللغة الإنكليزية ونشرته وسائل إعلام «أظهرت تجارب سابقة أن إرسال المزيد من القوات إلى أفغانستان لن ينتج عنه إلا مزيد من الدمار للجيش الأميركي وللقدرات الاقتصادية الأميركية». وتسعى «طالبان» إلى إعادة الحكم «الإسلامي» إلى البلاد، وشنت تمرداً عنيفاً ضد الحكومة الأفغانية المدعومة من الغرب منذ أن خسرت السلطة في عملية عسكرية قادتها الولايات المتحدة العام 2001. وفي الخطاب المطول انتقدت «طالبان» من وصفتهم بأنهم «عملاء وقادة كاذبون وفسدة وخونة بغيضون» في الحكومة الأفغانية الذين يقدمون لواشنطن «صوراً وردية» مفرطة التفاؤل عن الوضع في أفغانستان. وقال الخطاب «وضع الحرب في أفغانستان أسوأ كثيرا مما تظنون»، وأضاف أن الأمر الوحيد الذي يمنع المتمردين من السيطرة على مدن كبرى هو خشيتهم من سقوط ضحايا مدنيين. وانتقد الخطاب أيضاً قادة عسكريين تقول «طالبان» إنهم «يخفون الأرقام الحقيقية لقتلاكم ومعاقيكم». وقال «لاحظنا أنكم أدركتم الأخطاء التي ارتكبها من سبقوكم ولجأتم إلى مراجعة شاملة لاستراتيجية جديدة في أفغانستان... إن عدداً من أعضاء الكونغرس وقادة الجيش مشعلي الحروب في أفغانستان يحضونكم لتطيلوا أمد الحرب لأنهم يسعون إلى الاحتفاظ بامتيازاتهم العسكرية». وطلب قائد القوات الأميركية في أفغانستان الجنرال جون نيكلسون آلاف عدة من القوات الإضافية للعمل مستشارين لقوات الأمن الأفغانية التي تواجه صعوبات في التعامل مع الموقف. كما دعت أصوات ذات نفوذ في الحكومة الأميركية، من بينها السيناتور الجمهوري جون مكين إلى وجود عسكري أميركي «متواصل» هناك. وقال وزير الدفاع الأميريكي جيم ماتيس للصحافيين أمس إن إدارة ترامب «اقتربت جداً جداً» من اتخاذ قرار في شأن أفغانستان مشيراً إلى أن كل الخيارات مطروحة. ويعتقد مسؤولون أميركيون أن استراتيجية خاصة بجنوب آسيا ليست على وشك الظهور، وأن إقرارها قد يستغرق أسابيع. واختتمت «طالبان» الخطاب بالقول إن الصراع يمكن أن يحل بسحب القوات الأجنبية. وقالت الحركة في الخطاب «الجميع يفهمون الآن أن الدافع الرئيس للحرب في أفغانستان هو احتلال أجنبي... ليس لدى الأفغان نوايا سيئة حيال الأميركيين أو أي دولة أخرى في العالم، لكن إن انتهك أي طرف مقدساتهم فهم أقوياء بارعون في ضرب المعتدين وهزيمتهم».
مشاركة :