أعلن الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون اليوم (الثلثاء)، أنه جمّد تنفيذ خطة إطلاق الصواريخ باتجاه المياه القريبة من غوام، إلا أنه حذر من أنه سيقدم على هذه الخطوة الاستفزازية رداً على أي «عمل متهور» جديد لواشنطن. ويرى محللون أن تصريحات كيم جونغ أون تفتح المجال إلى إمكان خفض التصعيد في الأزمة المتنامية والتي اججتها التصريحات النارية بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب والزعيم الكوري الشمالي. من جهته، قال وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون اليوم إن بلاده لا تزال مستعدة لإجراء حوار محتمل مع كوريا الشمالية. وقال تيلرسون «لا نزال مهتمين بالسعي إلى طريق يقود إلى الحوار، لكن هذا الأمر رهن به» في إشارة الى الزعيم الكوري الشمالي. وأضاف رداً على سؤال للصحافيين بعدما عرض التقرير السنوي للولايات المتحدة حول الحرية الدينية في العالم «لا جواب لدي على قراراته حتى الآن». وسبق أن اكد الوزير استعداد الإدارة الأميركية للتفاوض مع بيونغيانغ شرط أن تتخلى عن طموحاتها النووية. وكتب أمس في مقال مشترك مع وزير الدفاع جيم ماتيس أن «الولايات المتحدة تريد التفاوض مع بيونغيانغ»، ولكن الديبلوماسية الأميركية تشترط للجلوس إلى طاولة واحدة مع موفدين كوريين شماليين أن يظهروا أدلة حسن نية يمكن أن تتخذ شكل «وقف فوري للتهديدات الاستفزازية والتجارب النووية وعمليات إطلاق صواريخ واختبار أسلحة أخرى». وأعرب مسؤولون في جزيرة غوام عن سعادتهم الغامرة بقرار كوريا الشمالية. وقلل وزير الداخلية في الجزيرة جورج تشارفوروس من أهمية تقارير تفيد بأن بيونغيانغ نقلت صاروخاً لوضعه على منصة إطلاق معتبراً أن الأمر مجرد «استعراض قوة» احتفالاً بيوم تحرير كوريا الشمالية الذي يصادف اليوم. وقال وزير الداخلية: «قد يكون الأمر مجرد خدعة (...) إنه يوم التحرير (...) كوريا الشمالية تميل إلى التحركات الرمزية في آليتها لاتخاذ القرار». وأضاف: «يمكننا القول أننا فرحون بتراجع كيم جونغ أون». وكان الجيش الكوري الشمالي أعلن الأسبوع الماضي أنه بصدد وضع اللمسات الأخيرة على خطة لإطلاق أربعة صواريخ إلى جزيرة غوام حيث يتواجد ستة آلاف جندي أميركي. واطّلع زعيم كوريا الشمالية خلال تفقّده أمس مركز قيادة القوة الاستراتيجية المسؤولة عن الوحدات الصاروخية، على خطة لإطلاق صواريخ باتجاه المياه القريبة من جزيرة غوام الأميركية في المحيط الهادئ، بحسب ما أعلنت «وكالة الأنباء الكورية الشمالية» الرسمية اليوم. إلا أن الزعيم الكوري الشمالي قال إنه «سيراقب لفترة أطول بقليل السلوك الجنوني والأحمق لليانكيز» قبل أن يصدر أي أمر بالتنفيذ. ونقلت الوكالة الكورية الشمالية عن كيم قوله اذا «اصروا على افعالهم المتهورة والشديدة الخطورة في شبه الجزيرة الكورية»، عندها ستتصرف كوريا الشمالية «بحسب ما تم الاعلان عنه». وبدا كيم وكأنه يفتح نافذة للحوار مع واشنطن. وقال: «من اجل نزع فتيل التوتر والحول دون نزاع عسكري خطر في شبه الجزيرة الكورية، فإنه من الضروري ان تتخذ الولايات المتحدة اولا خياراً ملائماً»، من دون أن يحدد هذا الخيار. يبدو ان تصريحات كيم تتناول المناورات العسكرية السنوية الواسعة النطاق التي تجريها كوريا الجنوبية والولايات المتحدة والمتوقع ان تبدأ في وقت لاحق من الشهر الجاري. ونددت كوريا الشمالية باستمرار بالمناورات العسكرية واعتبرتها تدريباً استفزازياً على اجتياحها. وكانت طرحت سابقاً وقف اجراء تجارب نووية وصاروخية مقابل الغاء تلك المناورات، في مقايضة سوّقت لها بكين وقوبلت بالرفض من قبل واشنطن وسيول. ويرى محللون ان كيم جونغ اون يسعى الى مقايضة مشابهة هذه المرة عبر تهديده باطلاق صواريخ باتجاه جزيرة غوام. ويقول المحلل السياسي في «مركز التقدم الاميركي» آدم ماونت: «إنها دعوة مباشرة لاجراء محادثات في شأن وضع قيود متبادلة حول المناورات وتجارب اطلاق الصواريخ». ويقول الاستاذ المساعد في «جامعة يونسي» في سيول جون ديلوري ان كيم يسعى الى «خفض التصعيد بتجميده خطة غوام»، على الاقل في الوقت الراهن. وأضاف ديلوري: «لم نخرج من الازمة. على الطرفين اتخاذ خطوات لخفض التصعيد بالقول والفعل. ويجب تفعيل الديبلوماسية». وتصر الولايات المتحدة وكوريا الشمالية على أن مناوراتهما المشتركة محض دفاعية ولا يمكن الربط بينها وبين البرنامج الصاروخي الكوري الشمالي الذي ينتهك مجموعة من قرارات الامم المتحدة. من جهته قال الباحث في «معهد ميدلبوري للدراسات الدولية» في مونتيري جوشوا بولاكان ان تهديد بيونغ يانغ ضد غوام هو «ابتزاز واضح وصريح». تصاعد التوتر في المنطقة منذ اجراء بيونغ يانغ تجربتي اطلاق صاروخين بالستيين عابرين للقارات الشهر الماضي، أعلنت انهما تضعان اراضي الولايات المتحدة في مرمى نيرانها. وتوعد الرئيس الأميركي دونالد ترامب نظام بيونغ يانغ بـ«نار وغضب لم يشهد العالم لهما مثيل» رداً على التجربتين الصاروخيتين، فيما واجهت بيونغ يانغ التهديد الاميركي بخطة اطلاق صواريخ في المياه المحيطة بغوام. واستدعت التهديدات المتبادلة موجة تحذيرات دولية، إذ دعا قادة العالم بمن فيهم الرئيس الصيني شي جينبينغ الطرفين الى الهدوء وضبط النفس. كذلك شدد الرئيس الكوري الجنوبي مون جاي إن اليوم على ان سيول ستعمل على تفادي حرب كورية ثانية باي ثمن. وقال مون إن «الجمهورية الكورية هي وحدها من يتخذ القرار بعمل عسكري في شبه الجزيرة الكورية وليس لاحد ان يقرر شن عملية عسكرية من دون موافقة الجمهورية الكورية». الا انه رأى انه لا يمكن اجراء حوار قبل وقف الشمال «لاستفزازاته النووية والصاروخية». تصريحات مون اعقبت مقالا كتبه وزيرا الدفاع الاميركي جيمس ماتيس والخارجية ريكس تيلرسون ونشرته صحيفة «وول ستريت جورنال»، أكدا فيه ان «لا مصلحة» للولايات المتحدة بتغيير النظام في بيونغ يانغ. وكتب الوزيران الاميركيان: «لا نسعى الى حجة لنشر قوات اميركية شمال المنطقة المنزوعة السلاح. لا نية لدينا لالحاق الاذى بالشعب الكوري الشمالي»، داعيان الى التمييز بين الشعب الكوري الشمالي ونظام بيونغ يانغ المعادي. ووجها دعوة الى الصين، اكبر حلفاء النظام الكوري الشمالي وشركائه التجاريين، الى الاستفادة من «فرصة لا مثيل لها» لاثبات مدى تأثيرها على بيونغ يانغ. وقال ماتيس وتيلرسون: «اذا ارادت الصين اداء دور اكثر فاعلية في حفظ السلام والاستقرار الاقليميين، ما يصب في مصلحتنا جميعا ولا سيما المصالح الصينية، عليها اتخاذ قرار بممارسة ديبلوماسيتها الحاسمة ونفوذها الاقتصادي على كورية الشمالية». وقال رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية الجنرال جوزيف دانفورد اليوم، إن هناك الكثير من المشاكل الصعبة في العلاقة بين الولايات المتحدة والصين، لكن البلدين يتشاركان التزام العمل على حلها. وجاء تصريح دانفورد أمام رئيس هيئة الأركان المشتركة لجيش التحرير الشعبي الصيني فانغ فنغ هوي خلال زيارة إلى بكين وسط تفاقم التوتر حيال أسلحة بيونغيانغ النووية. وأضاف: «نتشارك التزاما لحل هذه المواضيع الصعبة». وأشار فانغ إلى أن الصين تعلق أهمية كبرى على زيارة الجنرال دانفورد، مشيراً إلى أنه رتب حضوره لتدريب عسكري.
مشاركة :