منذ حوالي عشرين سنة كنت مع أحد الإخوة السلفيين وكان مدرساً وإماماً وخطيباً، وتشعب الكلام معه حتى جاء ذكر الإخوان المسلمين، فقال: الفرق بيننا نحن السلفيين وبين الإخوان المسلمين في العقيدة. فتعجبت عجباً شديداً حتى دُهِشْتُ دَهْشَةً أسكتتني فلم أردّ عليه؛ إذ لم أكن أعلم موقف السلفيين من الإخوان. أما أنا فكان الكل (إخوان وسلفيون) عندي سواء في العقيدة؛ إذ إن الجميع يعبد الله وحده، ويؤمن بمحمد وما أنزل عليه، ويوالي الله ورسوله، ويعادي مَن يعادي الله ورسوله. وأما الإخوان فقد كان لي منهم أصدقاء ومعارف أعرفهم جيداً، خالطتهم، وشاركتهم، وأعرف أخلاقهم، ومبادئهم، وأفكارهم، وعقيدتهم. وشغلتني كلمة الرجل -الفرق بيننا نحن السلفيين والإخوان في العقيدة- شغلتني شغلاً، وقعت في صدري وقع السكين، فأخذتُ أبحث في موقف السلفيين ونظرتهم في عقيدة الإخوان، فإذا بي أجد بعضهم يُفَسِّقُ الإخوان، وبعضهم يقولون عنهم خوارج، وبعضهم يمنع تزويجهم أو الزواج منهم، لكنهم ما زالوا يعتبرونهم مسلمين، هذا مع نظرة تَعَالٍ على الإخوان واستخفاف بهم وبعقيدتهم. ولم أكن قد اختلطت بهؤلاء الذين يقولون عنهم أنفسهم سلفيين، فلم يكن يعجبني فيهم هيئة التنسك التي يظهرونها، ولم يكن قلبي يطمئن للورع الذي يظهر عليهم وأشعر فيه بكثير من الكذب. لذلك لم أكن أختلط بهم، وقد لاحظت فيهم أني أجد فجأة بعض الشباب قد تنسك، فلبس جلباباً قصيراً، وسروالاً قصيراً، وأطلق لحيته، وأمسك مسواكاً. ثم تجد هذا السلفي الجديد إذا خاطبته كَلَّمَكَ من موقع العالم العارف العلامة، والغريب أنَّ بعض عوام الناس قد خُدِعُوا بمظهرهم، فصاروا يلجأون إليهم ليستفتوهم، وأعجب من ذلك جرأتهم على الفتيا. وظلت هذه الكلمة -الفرق بيننا نحن السلفيين والإخوان في العقيدة- كلما تذكرتها، وقعت على قلبي كالسيف؛ لأني علمتُ أنَّ صَفَّ المسلمين قد شُقَّ شقاً عظيماً. وأسوأ ما تلمسه في نفوس شباب السلفيين أنك تجدهم يبغضون الإخوان بغضاً شديداً، فقد غرس شيوخهم في قلوبهم بغض الإخوان غرساً مد جذوره في نفوسهم وقلوبهم حتى أَعْمَى أبصارهم، وأَصَمَّ أسماعهم، ولو حَاوَرْتَ وناقَشْتَ بعض شبابهم تكاد تجد عقله خاوياً إلا من أفكار مسمومة، وعقائد مقلوبة، منحرفة بعيدة كل البعد عن حقيقة الإخوان وعقائدهم. وإلى الله الْمُشْتَكَى في شيوخ هؤلاء الشباب من المداخلة والمرجئة والجامية والأمنجية. حسبنا الله ونعم الوكيل. ملحوظة: التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.
مشاركة :