انسحاب أحرار الشام من إدلب هزيمة للفصائل المعارضة في سوريا

  • 8/17/2017
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

فشل القيادة الرهيب في المعركة مع هيئة تحرير الشام يعد تتويجاً لمسيرة طويلة من تردد الحركة وهويتها القلقة وخسارة الحلفاء المحليين أو الإقليميين. العرب  [نُشر في 2017/08/17]أزمة إيديولوجية ساهمت في انهيار حركة أحرار الشام بيروت - طوال سنوات من النزاع، كان ينظر إلى حركة احرار الشام على أنها الأكثر نفوذا بين الفصائل السورية المعارضة، لكن الهزيمة التي منيت بها على يد هيئة تحرير الشام في محافظة إدلب جردتها من موقع القوة وشكلت خسارة جدية للمعارضة المسلحة. واندلعت في منتصف يوليو الماضي مواجهات بين الحليفين السابقين، حركة أحرار الشام وهيئة تحرير الشام (تحالف فصائل إسلامية بينها جبهة النصرة سابقا)، في محافظة إدلب (شمال غرب)، انتهت باتفاق تهدئة انسحبت على إثره الحركة من عشرات المدن والبلدات والقرى لتكتفي بمناطق محدودة في جنوب المحافظة. ويقول نوار اوليفر، المحلل العسكري من مركز عمران الذي يتخذ من اسطنبول مقرا، لوكالة فرانس برس "الحركة كموقع قوة قد انتهت". ويضيف "في أقل من 48 ساعة، خسرت حركة الأحرار أهم المواقع الإستراتيجية التي كانت تسيطر عليها لصالح هيئة تحرير الشام، بدءا من المعابر الحدودية وانتهاء بالعديد من المدن الإستراتيجية" وبينها مدينة ادلب التي انسحبت منها في 23 يوليو، اي بعد اسبوع واحد فقط من المواجهات. وفقدت حركة احرار الشام الشريط الحدودي مع تركيا لا سيما معبر باب الهوى الذي كان يعد مصدر إيرادات أساسيا لها. ومن شأن "الانهيار العسكري السريع" ان ينعكس ايضا على شرعيتها كجهة حاكمة، بعد سيطرة هيئة تحرير الشام على المؤسسات في ادلب وبينها المحاكم الشرعية. نفوذ محلي وتعد إدلب أحد آخر معاقل الفصائل المقاتلة ضد النظام السوري، ولو ان السيطرة عليها ما كانت لتتم لولا التحالف مع جبهة النصرة سابقا. ومقارنة مع العام 2012، وبعد اقصائها من الجزء الاكبر من محافظة ادلب، لم يبق لدى الفصائل المعارضة وبينهم أحرار الشام، سوى بعض المناطق المتناثرة، في محافظة حلب شمالا او قرب دمشق او بعض المناطق المحدودة في الوسط والجنوب. ويقول الباحث المتخصص في الشأن السوري في مؤسسة "سنتشوري" سام هيلر لفرانس برس "يمكننا القول انه إلى جانب هيئة تحرير الشام، كانت الأحرار الفصيل الأكثر تأثيرا في مناطق سيطرة الفصائل المعارضة في شمال غرب سوريا". وتعد تلك المناطق "مركز الثقل بالنسبة للفصائل المعارضة في البلاد بشكل عام". لذلك فان تقاسم حركة أحرار الشام النفوذ هناك مع "تحرير الشام" منحها مكانة مهمة على صعيد البلاد كافة. وبالنتيجة من الممكن القول، وفق هيلر، ان "هزيمة احرار الشام تعد هزيمة للفصائل المعارضة في سوريا بشكل عام". ولم يبق في شمال غرب البلاد اي فصيل قادر على تحدي سلطة هيئة تحرير الشام، وفق هيلر. اما في باقي أنحاء سوريا، فهناك فصائل "ذات نفوذ محلي" على غرار فصيل جيش الاسلام، اهم فصائل الغوطة الشرقية قرب دمشق. فشل رهيب ولم يكن انهيار حركة احرار الشام بالامر المفاجئ، وفق ما يرى المحللون. فقد أنشئت حركة أحرار الشام في العام 2011، وهي جماعة سلفية كانت تعد من الأكثر تنظيما بين الفصائل التي تقاتل قوات النظام السوري. ويقدر عديد مقاتليها بما بين عشرة آلاف وعشرين ألف مقاتل. تلقت الحركة ضربة قاسية في سبتمبر العام 2014 في تفجير ضخم استهدف اجتماعا لقياديين، وقتل خلاله 28 قياديا. ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عنه. في العام 2015، سيطر تحالف بين حركة أحرار الشام وتنظيم القاعدة وقتها على كامل محافظة إدلب، وحكم الفصيلان المحافظة طويلا قبل ان يتصاعد التوتر بينهما في العام 2017. وبرغم عقيدتها السلفية وتحالفها مع الجهاديين، حاولت الحركة تقديم نفسها للغرب بوصفها فصيلا معتدلا، وكانت تتلقى دعما تركيا وخليجيا. وكان ينظر اليها على انها صلة الوصل بين الفصائل الجهادية والاخرى الاكثر اعتدالا. ويرى المحللون ان لدى حركة أحرار الشام أزمة ايديولوجية ساهمت في انهيارها. وكتب احمد ابازيد من مركز طوران، ومقره اسطنبول، ان "فشل القيادة الرهيب في المعركة (مع هيئة تحرير الشام) يعد تتويجاً لمسيرة طويلة من تردد الحركة وهويتها القلقة وخسارة الحلفاء المحليين أو الإقليميين". ويرى اوليفر بدوره ان رفض الحركة دعم الفصائل المعارضة في معارك سابقة ضد هيئة تحرير الشام جعلها تخسر مساندة تلك الفصائل لها حين اتى الدور عليها. ويشير الى "الغياب التام لأي تحرك من جانب تركيا التي اكتفت باغلاق حدودها". مهمة صعبة بعد المواجهات مع هيئة تحرير الشام، سمت حركة أحرار الشام قائدا عاما جديدا لها هو حسن صوفان، المعتقل السابق في سجن صيدنايا. وفي أول خطاب مصوّر له، اعترف صوفان بـ"الوهن" في صفوف الحركة، متعهدا بان تعود اقوى "مما كانت عليه" كما حصل بعد تفجير 2014. الا ان المحللين يشككون بقدرة الحركة على الخروج من ازمتها. ويقول أوليفر ان "تغير القيادة بعد الانهيار التام كان أمرا محتوما، ولكن من الصعب أن تقوم قيادة الأحرار الجديدة بالبناء السريع على أسس ضعيفة". ويتوقع ان تزيد الانشقاقات في صفوف الحركة لصالح فصائل اخرى او حتى هيئة تحرير الشام. ويرى ابازيد بدوره ان مخطط صفوان يتضمن مواجهة هيئة تحرير الشام أو تحصين حركة أحرار الشام، لكن المهمة تبقى صعبة خصوصا "انهم ما زالوا مهددين من هيئة تحرير الشام". ويضيف "لا شك أن دورهم كأكبر فصيل في إدلب انتهى لصالح هيئة تحرير الشام"، متوقعا مواجهات جديدة بين الطرفين "في حال نهضت الحركة من جديد".

مشاركة :