تحقيق:إيمان سرور الفراغ مشكلة لها آثارها السلبية في الفرد والمجتمع، وتظهر هذه المشكلة بشكل واضح في فصل الصيف، خاصة لدى طلاب المدارس بعد نهاية كل عام دارسي، فكي لا تتحول الإجازة الصيفيّة إلى مضيعة لأوقاتهم، ينبغي استثمار أوقات فراغهم بالمُجدي المفيد وبما يعود عليهم بالنفع والفائدة كالالتحاق بالمعاهد التعليمية ومراكز الأنشطة الصيفية التي تنمّي ثقافتهم وتعلّمهم روح التّعاون والأخوّة فيما بينهم، بطرق ترتقي بمهاراتهم تتخللها المتعة والتسلية.ويمكن للأهالي تشجيع أبنائهم على استثمار أوقات الفراغ واستغلال أيام الإجازة الصيفية لتهيئة أبنائهم للعام الدراسي الجديد بمعنويات عالية، خاصة وأن هذا الوقت يكون فرصة طيبة للتخفيف عنهم من ضغوط الدروس التي تلقوها خلال عامهم الدراسي الماضي.. فهل يستفيد أولياء الأمور من هذه الفترة بشكل جيد ويكرسوا جهودهم في تنمية حب التعلم والمثابرة في نفوس فلذات أكبادهم؟ وكيف يمكن تنظيم أوقات وساعات فراغهم خلال العطلة الصيفية؟ وماذا قدمت الجهات التربوية المعنية لطلابها لملء وقت فراغهم بالمتعة والفائدة.«الخليج» بحثت وتابعت مع عدد من التربويين وأولياء الأمور مدى إمكانية الاستفادة من العطلة الصيفية، من خلال رصد البرامج والأنشطة التي خططت لتنفيذها بعض الأسر خلال الإجازة الصيفية، حرصاً منها على الاستفادة المُثلى في توسعة وتنمية مدارك الأبناء وتهيئتهم بشكل جيد للعام الدراسي الجديد. أوضحت الأبحاث التربوية أنه في حال إخفاق الأسرة في حماية عقول أطفالها حاضراً وخلال الاستراحة المدرسية، فإنه ربما يفقد الطفل في المتوسط، ما يعادل 2.6 شهر من تحصيله على مستوى الصف في مهارات علم الحساب وكذلك ما يعادل عاماً كاملاً على مستوى القراءة، لذلك ينبغي أن نحسن التخطيط لحياتهم ولأوقاتهم، ومن أهم الأوقات التي تحتاج للإبداع في التخطيط هي فترة العطلة الصيفية، حيث يتسع وقت الأبناء للكثير من الأنشطة والخبرات، وإلا فإن ترك فترة العطلة للنشاط العشوائي هو الطريق السريع لتكوين جيل تافه لا يأبه بمعالي الأمور، ولا بقيم الحياة الرفيعة.وفي هذا الصدد التقينا بعدد من التربويين والمهتمين وأولياء الأمور وعدد من طلبة المدارس من مختلف الأعمار للتعرف إلى آرائهم حول كيفية الاستفادة من أوقات الفراغ خلال الإجازة الصيفية، وما هي الحلول التي تناسب ميول الأبناء وأفكارهم للاستفادة منها، وكان لقاؤنا الأول مع عدد من القائمين على المشروع الصيفي لمجلس أبوظبي للتعليم «صيفنا مميز» والذي حظي بنجاح على مر سنواته الماضية، حيث أكد محمد سالم الظاهري المدير التنفيذي لقطاع العمليات المدرسية في المجلس: أن وقت الفراغ مشكلة يجب وضع حلول لها أو التغلب عليها قدر الإمكان، مشيراً إلى أن استغلال وقت الفراغ يكون من خلال ممارسة الأنشطة المفيدة، بحيث لا يجد الطالب وقتاً يحس فيه بالملل، خاصة في فصل الصيف، مؤكداً أن على الفرد أن يستغل وقت فراغه بما ينفع الناس ويخدم مجتمعه.برامج صيفيةوأكد ناصر خميس مدير قسم الأنشطة اللا صفية في مجلس أبوظبي للتعليم، أن طلبة المدارس انجذبوا بشكل مدهش إلى فعاليات صيف هذا العام والتي تضمنت أنشطة نوعية إضافية جديدة، وذلك من خلال إتاحة الفرصة للطلبة لتحديد رغباتهم العلمية والرياضية والإبداعية مع تعزيز مفهوم التعاون بين الطلبة وأولياء أمورهم أثناء فترة البرنامج، بالإضافة إلى الاهتمام بالعادات والتقاليد ضمن التعامل المجتمعي مع المؤسسات الحكومية وتعزيز الهوية الوطنية وزرع ثقافة العمل التطوعي وعمل الخير لدى الطلبة.وقال إن المجلس نفذ هذا العام 6 برامج لدعم قدرات الطلبة في الصيف تتضمن «صيفنا مميز»و«صيف التحدي» الذي يقوي مهارات الطلبة في مادة اللغة الإنجليزية وتكنولوجيا المعلومات، لتحضيرهم لامتحان «ايلتس» وبرنامج قادة المستقبل، وبرنامج الريادة والأعمال، ومواقع التواصل الاجتماعي وبرنامج الطباعة ثلاثية الأبعاد، إضافة إلى برنامج «مهنتي» و«الصيف بالخارج» و«هويتي صيف شباب الخير» وبرنامج الجوجيتسو وفعاليات المسابح، حيث توفر هذه البرامج العديد من الأنشطة التي تسعى لتطوير مهارات الطلبة واستثمار عقولهم الإبداعية. إهدار الوقتوترى موزة الظاهري مديرة مدرسة البطين، أن الكثير من الأسر تركت الحبل على الغارب، حيث يهدر أبناؤها أوقات إجازاتهم الطويلة بما فيها إجازة نهاية الأسبوع والإجازات الفصلية القصيرة بين السهر أمام التلفاز ليلاً والنوم نهاراً، فيما وضعت أسر أخرى ضوابط ساعدت أبناءها على الاستفادة من أوقاتهم بشكل جيد، وسعت إلى تعويدهم على إدارة أوقات فراغهم في كل ما هو مفيد وإيجابي، إدراكاً منها أن الإجازة لا تعني الفوضى وتضييع الأوقات من دون فائدة، مؤكدة أن الإجازة تمنح الأبناء الوقت الذي إن أجادوا استغلاله أفادوا أنفسهم وأسرهم ومجتمعهم، مشيرة إلى أن ذلك لا يمكن أن يتم دون تدخل الأسرة وإشرافها وجديتها في تربية أبنائها على الاستفادة من الوقت في كل ما هو مفيد لهم، لافتة إلى أنه لا تأتي تربيتنا لأولادنا على حسن استغلال الوقت في الإجازة فقط، بل ينبغي أن نواصل ذلك في أي وقت فراغ آخر، فعلى سبيل المثال يوم الجمعة يمكن الاستفادة منه، وكذلك أيام الأعياد، لأن تمضيتهم لإجازاتهم دون نشاط تولد عندهم الخمول والكسل، وهي ضارة بهم، خاصة أنهم مقبلون على فترة دراسية أخرى.وفي ذات الخصوص شدد عدد من الطلبة على ضرورة الاستغلال الأمثل لإجازة الصيف، حيث أكد الطالب خالد المسافري - الصف الحادي عشر- أن وقت الفراغ مشكلة تواجه الكثير من الشباب وخاصة في العطلة الصيفية وحول كيفية استغلاله، قال إنه يلتحق سنوياً خلال الإجازة الصيفية بمعهد لتعليم اللغة الإنجليزية والخط العربي والتدريب الإداري، ليستفيد من وقت فراغه ولصقل مهاراته.استثمار الفراغوقالت منى عبد اللطيف - خريجة ثانوية عامة -: يجب على الطلبة أن يستثمروا وقت الفراغ فيما يعود عليهم بالنفع كالالتحاق بالمعاهد وغيرها لتقوية مهاراتهم في المواد الرئيسية مثل اللغة الإنجليزية والرياضيات والعلوم خاصة وأنهم سيقبلون على مرحلة دراسية جديدة، أما عبد الله السعدي، طالب بالصف الثاني الثانوي قال: فكرت أن أقضي إجازتي في شيء مفيد يعود عليّ بالنفع والفائدة ولذلك قررت مواصلة الدراسة الصيفية في أحد مراكز تقوية المواد الدراسية خاصة وأنني سأنتفل في العام المقبل لمرحلة دراسية مصيرية.وقال الطالب فيصل الحمادي طالب بالصف الثاني الثانوي إنه بعد أن أنهى عامه الدراسي بتفوق فكّر أن يستغل وقت الفراغ بما ينفعه لأن الفراغ قاتل، وأضاف: لقد التحقت بأحد المعاهد للدراسة في الفترة المسائية لتقوية مهاراتي في بعض المواد الدراسية ومنها الرياضيات والفيزياء، وأما في وقت الصباح فإني أحاول أن أقضي وقتي في ممارسة بعض هواياتي المفضلة مثل كرة القدم والسباحة والجوجيتسو التي يوفرها لنا برنامج صيفنا مميز.التخطيط للعطلةفيما أكد علي الصيعري، طالب في الصف العاشر، أنه يجب على الطلبة في الإجازة الصيفية أن يخططوا لقضاء وقت سعيد ومفيد في نفس الوقت حتى لا يشعروا بالملل ولا يتركوا للفراغ مجالاً في حياتهم، وقال زميله حمود العامري إنه يستغل وقت فراغه في الإجازة الصيفية بشيء مفيد حيث إنه يمارس هواياته المفضلة في الرسم والرياضة. أما الطالبة العنود الكلباني فتقول: إن الإجازة الصيفية ليست بالأمر السهل فهي تحتاج إلى تخطيط مسبق وتفكير عميق قبل البدء فيها، وأنها فكرت جيداً في كيفية قضاء هذه الإجازة حيث التحقت بمعهد لتعليم اللغة الإنجليزية وذلك استعداداً للصف الثالث الثانوي، ولكن في نفس الوقت تروح عن نفسها من خلال ممارسة هواية القراءة وكذلك مساعدة الأهل والأصدقاء وزيارتهم.تدخّل الأسرةوحول كيفية يقضي الأهالي الإجازة الصيفية مع أبنائهم، قالت أم مروة الحاج: يجب على الأسرة أن تضع لأبنائها برنامجاً يومياً وتقسمه على فترتين فترة لممارسة هواياتهم المفضلة وفترة يلتحقون فيها بأحد المعاهد إذا كان لديها الإمكانيات، وفي نهاية الأسبوع تقوم الأسرة بزيارة الأهل والأصدقاء مع أبنائها وممارسة بعض الهوايات المفضلة وزيارة الأماكن السياحية في مختلف أرجاء الدولة، حيث إن الإجازة تمثل فرصة ذهبية لتزويد الطالب بالمعرفة، وتغرس فيه حب الوطن والولاء والانتماء، وتعزيز العلاقات الاجتماعية وتقوية الروابط الأسرية.وأشارت أم مصطفى الفاتح إلى أنها حرصت خلال العطلة الصيفية على إلحاق ابنها الذي يدرس في الصف السابع بالمراكز الصيفية خلال الشهر الماضي، فيما وضعت له برنامجاً وأشركته في بعض أنشطة الأسرة وتنظيم مواعيدها، كما أضافت إلى البرنامج فترات محددة لمشاهدة قنوات تلفزيونية وعلى وجه الخصوص مسلسلات اجتماعية وبرامج أطفال.تجديد النشاطوقال عامر الشحي مدير المواصلات المدرسية في أبوظبي إن الإجازة الصيفية هي فرصة للطالب لكي يجدد نشاطه الذهني والعقلي ليكون أكثر نشاطاً واستعداداً للعام الدراسي القادم مؤكداً أن العطلة الصيفية هي متنفس للطالب يستطيع من خلالها أن يمارس هواياته المتعددة وذلك بعد عام دراسي حافل، مشيراً إلى أن الطالب عند قضاء وقت الإجازة الصيفية ينبغي عليه أن يقسم وقته ويضع برنامجاً صيفياً حافلاً بالعديد من المناشط والأعمال.ويفضل عتيق المنصوري - ولي أمر- إقامة معسكرات صيفية على مستوى المناطق التعليمية وذلك لشغل وقت فراغ الطلبة من جهة وصقل مهاراتهم العملية من جهة أخرى، لما لهذه المعسكرات من فائدة وأبرزها تعويد الطالب على حب الاطلاع والاستكشاف، والعمل التعاوني وخلق صداقات جديدة. اهتمام بالسلوكوقالت معلمة التربية الإسلامية منال رفعت إن قضاء وقت الفراغ وكيفية استغلاله يختلف بحسب الفئة العمرية للطالب، ففي مرحلة الطفولة يجب الاهتمام بالأطفال في هذه الإجازة وذلك من خلال تنمية مواهبهم وصقل مهاراتهم الإبداعية لأن في هذه المرحلة يكون الطفل أكثر فهماً لاستقبال التعليم، مؤكدة أنه يجب على الآباء والأمهات الاهتمام بالناحية السلوكية لدى الأطفال وذلك بمراقبة تصرفاتهم أيام الإجازات، أما حول مرحلة المراهقة قالت منى العامري: إن لديها ملاحظة حول الشباب حيث يلاحظ ترددهم بكثرة على المراكز التجارية وهذه نقطة سلبية، لأن هذه المراكز لا يوجد فيها شيء يفيد الطالب.استغلال أيام الإجازة بالمُجديقال الدكتور جمال شحوذ معلم اللغة العربية: نتطلع كتربويين وآباء إلى استغلال أيام الإجازة الصيفية لتهيئة أبنائنا للعام الدراسي الجديد بمعنويات عالية، حيث نجد في هذا الوقت فرصة طيبة للتخفيف عنهم من ضغوط الدروس التي تلقوها خلال عامهم الدراسي، وذلك من خلال الاستفادة من هذه الفترة بشكل مُجد وجيد ومفيد وتكريس الجهود في تنمية حب التعلم والمثابرة في نفوس الأبناء وتنظيم ساعات الفراغ الطويلة معهم خلال العطلة الصيفية.ملء أوقات الطلبة بالمفيدأوضح نصر الدين عبد الرحيم الاختصاصي الاجتماعي في مدرسة الصقور، أن نسبة كبيرة من الأسر لا تهتم بتربية أبنائها على حسن استغلال إجازاتهم في المفيد، منوهاً بأن تعويدهم استغلال أوقات الفراغ على مدار السنة وإدارة أوقاتهم ينعكسان على سلوكهم بشكل دائم، مشيراً إلى أنه ينبغي ألا نضيع شهوراً من عمر أبنائنا من دون الاستفادة منها، بل إن البعض منا تركهم عرضة للعادات غير المستحبة دون أدنى احتساب لقيمة الوقت وأهمية استغلاله، حيث تلازم ظاهرة السهر في الليل والنوم نهاراً بعض الأسر خلال الإجازات وغيرها، فهي لا تحث أبناءها على الإدارة الجيدة لأوقات فراغهم، ولا تبدي الاهتمام الكافي بمتابعة تحصيلهم الدراسي، وتحمّل نهاية العام المدرسة مسؤولية تدني مستوياتهم.توفير البرامج الجاذبة للأبناءيرى عمر مبارك الجنيبي الاختصاصي الاجتماعي بمدرسة المستقبل أن كسب فترات الإجازات والعطل والاستفادة منها مرهونان بجدية أولياء الأمور، وينبغي أن تراعى البرامج التي توضع لتوفير عوامل جذب الأبناء إليها وأكثر الجداول نجاحاً تلك التي تأخذ في الاعتبار الجوانب الترفيهية إلى جانب تنمية حب التعليم لديهم، مشيراً إلى أن الكثير من الأسر تستغل أيام الإجازة الصيفية في تنمية مدارك أبنائها، حيث وجهتهم إلى أنشطة مفيدة فيما لم يستغل البعض تلك الفترة الاستغلال الجيد فذهبت هدراً من دون فائدة، ويقضي البعض كل وقته في اللعب والسهر أمام التلفاز.مراقبة الطلبة خلال العطلاتقالت آمنة عبد الله الزعابي اختصاصية اجتماعية بمدرسة الريم الحلقة الثانية بأبوظبي: إن إهمال بعض أولياء الأمور يؤدي إلى إضاعة استفادة أبنائهم من العطل بشكل جيد ليس في الإجازة الصيفية فحسب بل في كل العطل، فهم لا يبذلون جهداً جاداً في توجيه أبنائهم التوجيه الصحيح، ولا يراقبون تحركاتهم وتصرفاتهم، فبدلاً من إشغالهم بأشياء مفيدة يتركون لهم الحبل على الغارب ولا يعلمونهم كيف يديرون الوقت فتضيع الساعات والأيام في لهو ولعب، مشيرة إلى أن لدى الأبناء وقتاً كبيراً من الفراغ سواء في أيام الدراسة أو العطل والبعض منهم يضيعونه في غير ما ينفعهم.
مشاركة :