Glass Castle... نقلة دقيقة إلى الشاشة الفضية

  • 8/19/2017
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

بنى الكاتب والمخرج ديستن دانيال كريتون عملاً متكاملاً يسلّط الضوء على نجاة الفرد ضمن مجموعة، راسماً صوراً عن التأثيرات العاطفية الخفية. في فيلمه المميز Short Term 12، الذي أطلق بري لارسون ولاكيث ستانفيلد إلى النجومية، تفحّص كريتون بيئة أناس يعيشون ويعملون مطولاً في منشأة رعاية ربيبة. أما فيلمه السينمائي الثالث المستوحى من مذكرات جانيت والز، التي حققت أعلى المبيعات، The Glass Castle، فيتناول قصة مجموعة بائسة مماثلة. يوثّق كتاب The Glass Castle، الذي نُشر عام 2005 لصحافية «مجلة نيويورك» جانيت والز، طفولة هذه الكاتبة المعدمة غير التقليدية. تنقّلت والز (وإخوتها) في مختلف أنحاء البلد برفقة والدَيها، وكانا زوجين حالمين فاشلين، قبل أن تحطّ العائلة رحالها وتمضي فترة في بلدة الوالد ريكس في ويلش بغرب فيرجينيا. عمل الكاتب والمخرج ديستن دانيال كريتون، الذي نقل الكتاب إلى الشاشة الفضية بمساعدة أندرو لانهام، على تبديل بنية القصة، مضيفاً لمحات من طفولة جانيت (بري لارسون) إلى حياتها عام 1989 فيما تتخبّط للموازنة بين حياتها ككاتبة مشهورة تعيش في المدينة وبين تقبّلها عائلتها. يؤدي وودي هارلسون ونعومي واتس دور ريكس الأب والأم روز ماري. يغوص هارلسون عميقاً في شخصية ريكس الجذاب، والمخادع، والمتلاعب. رجل رسم أكبر الأحلام، إلا أنه أخفق في الهرب من مشاكله الخاصة. أما واتس ففنانة حيوية شغوفة كان من الأفضل ألا تصبح أماً، إذ أدى حبها وإخلاصها لعملها إلى إهمالها أولادها. تبدو مذكرات والز قوية بتكرارها المؤثر المتواصل لتقلبات طفولتها، التي تحوّلت إلى ما يشبه لعبة أفعوانية لا يمكنها الخروج منها. لذلك يُضطر كل عمل يستند إلى مذكراتها إلى انتقاء بعناية أكثر الأجزاء بروزاً. إلا أن قصتها في هذا الفيلم تبدو مضغوطة ومجزأة، وتُعتبر أوسع من أن ينجح كريتون في تحويلها إلى نوع اللحظات الفردية المحددة التي يبرع في إبراز ما يتخللها من مشاعر وعواطف. رغم ذلك، ثمة مشاهد يحقِّق فيها نجاحاً كبيراً لأنه يخصِّص لها المساحة الكافية، كما عندما يملي ريكس الثمل، الذي كان اختفى طوال اليوم بعدما وعد بإحضار الطعام لأولاده الجياع، على جانيت الصغيرة الباكية والمرتعشة (إيلا أندرسون) ما عليها فعله لتخيط جرحاً في ذراعه. ولا يقل مشهد درس السباحة المريع قوة وتأثيراً. قوة العاطفة نظراً إلى مهمة التبني الصعبة، يفتقر The Glass Castle إلى القوة العاطفية التي امتاز بها عمل كريتون السابق والتفاصيل المؤثرة التي تفردت بها مذكرات والز. نتيجة لذلك، يشعر المشاهد بأن لباقة الفيلم الرقيقة لا تلائم هذه المواد. أما لارسون، التي تعرب في بعض المشاهد عن وحشية مكبوتة، فقلما تطلق العنان لنفسها، متحررةً من قيود شخصيتها بشعرها المرفوع وسلوكها المتعالي. في المقابل، تقدّم جانيت الصغيرة، لارسون، الصورة الأكثر تأثيراً من هذه الشخصية: فتاة بريئة تثق في رغبات والدها قبل أن تتعلّم الانغلاق وحماية نفسها من تلاعبه. إصابة الهدف ينجح The Glass Castle في نهاية المطاف في التركيز على هدفه، فالرسالة التي يقدِّمها شاملة. ربما تشوب عائلاتنا عيوب كثيرة، ربما يكون أهلنا فاشلين ويقترفون أخطاء خطيرة مريعة. ولكن ما من قبول للذات أسمى من تقبّل الإنسان هويته بالكامل، ومنشأه، وماهيته. وبالنسبة إلى جانيت والز، يعني ذلك تقبّل ثنائي من الفنانين الحالمين، وسكان الريف، والسكارى، فضلاً عن مجموعة متلاحمة من الإخوة والأخوات الذين يستمرون رغم الظروف المعاكسة وينجحون في تحويل التراب إلى ذهب.

مشاركة :