برشلونة (إسبانيا) - وكالات - على وقع الحداد والحزن الذي لف إسبانيا وسط تضامن أوروبي وعربي ودولي واسع معها في مواجهة الإرهاب، واصلت الشرطة، أمس، ملاحقة منفذي اعتداءي برشلونة وكامبريلس، اللذين وقعا ليل أول من أمس، وسط معلومات عن أنهم كانوا يخططون لـ«هجوم على نطاق أوسع» باستخدام اسطوانات غاز. وقال الناطق باسم شرطة كاتالونيا جوزيب لويس ترابيرو، خلال مؤتمر صحافي، إن المشتبه به الرئيسي الذي يجري البحث عنه والذي كان يقود الشاحنة الصغيرة (الفان) التي دهست عشرات المارة في جادة لاس رامبلاس وسط برشلونة (بعد ظهر أول من أمس)، قد يكون بين المهاجمين الذين قتلوا لاحقاً (ليلاً) في كامبريلس إلى جنوب غربي المدينة (وهو ما أكدته لاحقاً وسائل الإعلام). وأضاف «ان التحقيق يسير في هذا الاتجاه، هناك مؤشر، أكثر من مؤشر، لكن ليس لدينا دليل ملموس»، رداً على سؤال صحافي عما إذا كان السائق قتل، بعدما كان الناطق أفاد في وقت سابق أنه تم التعرف إلى ثلاثة من المشتبه بهم الخمسة. وقال «الفرضية التي تدرسها الشرطة حالياً» هي أنه «كان يجري التخطيط منذ بعض الوقت لاعتداء أو أكثر في محيط ذلك المنزل في الكنار»، مشيرا إلى أن المخططين هم «من ضمن المجموعة التي يتحتم تحديد عدد أفرادها». وكان يشير الى تفجير وقع مساء الأربعاء الماضي في منزل في مدينة الكنار على مسافة 200 كيلومتر جنوب برشلونة، ذكرت الشرطة أنه أوقع قتيلا ونجم عن محاولة صنع عبوة ناسفة. وأقامت الشرطة «رابطاً» بين هذه «المجموعة من الأشخاص» و«السيارات المستأجرة» التي استخدمت و«البلدات الأربع» في كاتالونيا التي يتمحور التحقيق في شأنها، وهي كامبريلس وبرشلونة وألكنار وريبول. وفي ريبول، اعتقلت الشرطة ثلاثة مشتبه بهم بينهم شقيق المطلوب الذي لا يزال البحث عنه جارياً، وأعلنت أيضاً عن «توقيف شخص رابع على علاقة بأحداث الساعات الأخيرة في كامبريلس وبرشلونة». وقال الناطق باسم الشرطة «كانوا يعدون لاعتداء أو اعتداءات عدة. وأتاح انفجار ألكنار تفادي... اعتداءات أوسع نطاقا»، مضيفاً «لم يعد لديهم المواد التي يحتاجونها لتنفيذ هذه الاعتداءات على نطاق أوسع». ولفت ترابيرو إلى أن اعتداءي برشلونة وكامبريلس نفذا «بطريقة بدائية أكثر، في أعقاب الاعتداءات الأخرى التي وقعت في المدن الأوروبية، غير أنهما لم يكن لهما الحجم الذي كانوا يأملونه». وقال إن الشرطة تواصل العمل للتعرف على المهاجمين، مشدداً على أن أيا من الذين تم التعرف عليهم لم يكن مدرجاً على قوائم الشرطة في وقائع على صلة بالإرهاب، غير أن بعضهم كان معروفاً في قضايا جنح. من جهته، قال مصدر قضائي إن المحققين يعتقدون أن ثمانية أشخاص على الأقل، وقد يصل عددهم إلى 12 شخصاً، ربما شكلوا الخلية المنفذة للهجومين، كاشفاً أنهم كانوا «يخططون لاستخدام أسطوانات غاز». وفي اعتداء جادة لاس رامبلاس في قلب برشلونة الذي سارع تنظيم «داعش» الإرهابي إلى تبنيه، قام سائق شاحنة صغيرة بيضاء مسرعة بصدم المارة على طريق عريض يزدحم بالسياح، فقتل 14 شخصاً وجرح عشرات آخرين في مشهد من الفوضى والرعب، ثم ترجل السائق وفر مشياً. وبعد ثماني ساعات في بلدة كامبريلس الساحلية التي تبعد 120 كيلومتراً جنوب برشلونة، قامت سيارة «اودي-ايه 3» بصدم مشاة، مما ادى الى جرح ستة مدنيين، احدهم في حالة الخطر، وشرطي، حسب السلطات. وأعقب ذلك اطلاق نار قتلت الشرطة خلاله المهاجمين الخمسة، وبعضهم كان يرتدي أحزمة ناسفة تبيّن لاحقاً أنها مزيفة. وتذكر العمليتان بسلسلة من الاعتداءات المماثلة في أوروبا، حيث استخدمت السيارات والشاحنات أسلحة لتنفيذ اعتداءات إرهابية. وروى شهود عيان مشهد الجثث على شارع لاس رامبلاس الشهير حيث نفذ السائق المجزرة، فيما كان آخرون يركضون وهم يصرخون مذعورين. وفيما ندد قادة العالم بالمجزرة، تبنى تنظيم «داعش» في بيان بثته وكالة «أعماق»، هجوم لاس رامبلاس، مؤكداً أن «منفذي هجوم برشلونة هم من جنود الدولة الاسلامية». في غضون ذلك، أفادت أجهزة الدفاع المدني في كاتالونيا أن ضحايا الاعتداءين (14 قتيلاً ونحو 130 جريحاً) ينتمون إلى 35 جنسية، مشيرة إلى أن بين القتلى إيطاليين اثنين (أحدهما قتل أمام زوجته وطفليه الذين نجوا من الموت) وبلجيكية وبرتغالية، إضافة إلى أميركي واحد أكد وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون سقوطه في الحادث. وحسب وكالة الحماية المدنية الاسبانية، ينتمي الضحايا إلى دول عدة بينها فرنسا وايطاليا وبلجيكا وفنزويلا واستراليا وايرلندا والبيرو والجزائر والصين. وجرح 26 فرنسياً بينهم 11 حالتهم خطرة، و3 هولنديين و3 يونانيين، حسب ما أكده مسؤولون من تلك الدول، فيما ذكرت تقارير أن 17 من المصابين في حالة حرجة و30 في حالة خطيرة. وقال وزير الخارجية الاسباني ماريانو راخوي في كلمة تلفزيونية «نحن متحدون في الحزن»، وذلك بعد أن توجه إلى برشلونة أكبر مدن منطقة كاتالونيا في شمال شرقي اسبانيا والتي تسعى للانفصال عن مدريد وتطالب بالاستقلال. ويعد لاس رامبلاس احد اكثر الشوارع ازدحاما في برشلونة وتنتشر على جانبيه المتاجر والمطاعم ويعج عادة بالسياح والساهرين حتى الليل. وقال عامل في احد تلك المتاجر يدعى تشابي بيريز «عندما حصل ذلك خرجت مسرعاً ورأيت الاضرار. كان هناك جثث على الارض والناس يلتفون حولها. كان الناس يبكون». وعلى وقع تضامن العالم مع بلاده، أعلن رئيس الوزراء الإسباني ماريانو راخوي الحداد لثلاثة أيام، مشدداً على أن «الحرب ضد الإرهاب هي اليوم الأولوية الأولى للمجتمعات الحرة والمنفتحة مثل مجتمعاتنا. إنه تهديد عالمي والرد يجب أن يكون عالمياً». من جهتها، كتبت العائلة المالكة في إسبانيا على «تويتر»: «هم قتلة... لا شيء أكثر من مجرمين لم يرهبونا».
مشاركة :