كشف المبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد، عن تلقيه رسالة من الحوثيين وصالح يقول إنها «تؤكد البناء على ما تم النقاش حوله خلال مشاورات الكويت»، ورد ولد الشيخ على انقلابيي اليمن بثلاثة طلبات أوردها خلال إحاطته مجلس الأمن بمستجدات أوضاع الأزمة.أول طلبات ولد الشيخ من الحوثيين وصالح دعوتهم إلى الاجتماع «في بلد ثالث»، وثانيها تحويل نقاشاته معهم إلى «اتفاق يحوي خطوات ملموسة لتفادي المزيد من إراقة الدماء وتخفيف المعاناة الإنسانية»، والثالث «أن يلتزموا بحضور هذه الاجتماعات بأقرب وقت ممكن».وقال المبعوث في إحاطته: «من لم يقتله داء الكوليرا، يعاني حتماً من نتائج الكوليرا السياسية التي أصابت اليمن والتي ما زالت تعيق مساره نحو السلام»، محذرا من أن «إلقاء اللوم على الأمم المتحدة أو على المبعوث... لا يصنع السلام».من جانبه، أعلن نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية اليمني عبد الملك المخلافي استعداد الحكومة اليمنية الشرعية لتقديم التنازلات كافة لإنجاح الحل في إطار المرجعيات الثلاث.وقال المخلافي في كلمة ألقاها في جلسة مجلس الأمن: «يستطيع الانقلابيون أن يحصلوا على السلام مع كل فئات الشعب اليمني إن التزموا بكل استحقاقات السلام ومتطلباته، لكن لا يجب أن يحصلوا على مكافأة لجرائمهم».وحض المبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد، اليمنيين على «تغليب لغة السلام»، في مسعى جديد تريد من خلاله الأمم المتحدة «التوصل إلى اتفاق سياسي يعيد الأمن للبلاد والاستقرار إلى الشعب اليمني الذي لا يستحق أقل من ذلك».وذكر في مقدمة إحاطته بأن اليمن «يعيش اليوم لحظات حرجة وصعبة، ويدفع المدنيون الثمن الأكبر في الصراع المستمر. فمن لم يمت بالحرب قد يموت من الجوع أو المرض مع تدهور الوضع الاقتصادي وتفاقم الحالة الإنسانية».وقال المبعوث: «استمرت قوات الحوثيين والقوات الموالية لعلي عبد الله صالح بقصف الأحياء السكنية في تعز؛ مما أدى إلى إلحاق خسائر فادحة بالمدنيين الذين يعانون الكثير منذ ما يربو على عامين. وكذلك أطلقت صواريخ باليستية باتجاه السعودية. كما أفادت تقارير بوقوع هجمات على سفن في ميناء المخا، وتعد هذه الهجمات دليلا آخر على التهديد المتزايد للأمن البحري في البحر الأحمر؛ ما يعرض للخطر الإمدادات الإنسانية والتجارية التي تشتد الحاجة إليها في البلاد».وبما أن الوضع السياسي حرج ودقيق ويقوّض مؤسسات الدولة التي يعتمد عليها اليمنيون، يقول ولد الشيخ «فلا بد من اتخاذ إجراءات فورية لتحييد المسار الإنساني ومنع البلاد من الوقوع أكثر في مستنقع العنف والأوبئة والمجاعة وأزمات أخرى كان ولا يزال من الممكن تفاديها والحد من انتشارها. وهكذا، فنحن نحث الأطراف على الموافقة على إجراءات ترمي إلى المحافظة على مؤسسات الدولة الحيوية والمساعدة في المرحلة الأولى على تأمين تدفق المساعدات الإنسانية ودفع الرواتب لموظفي الدولة والحد من تهريب السلاح.وأكد المبعوث، أن المقترح «يهدف بشكل أساسي إلى ضمان استمرار عمل ميناء الحديدة دون انقطاع وبشكل آمن؛ كونه الشريان الأساسي للاقتصاد اليمني. ويشتمل المقترح على خطة عملية ترتكز على تسليم الميناء إلى لجنة يمنية مكونة من شخصيات عسكرية واقتصادية تحظى بقبول واسع وتعمل تحت إشراف وإرشاد الأمم المتحدة»، مضيفا: ستعمل اللجنة على الحد من تهريب السلاح وضمان أمن وسلامة الميناء؛ عملياته وبنيته التحتية، كما ستعمل على ضمان التدفق السلس للمواد الإنسانية والبضائع التجارية من خلال الميناء إلى كافة أرجاء اليمن وتحويل إيرادات الميناء لدعم استئناف دفع الرواتب للموظفين المدنيين.وطالب ولد الشيخ «كافة الأطراف إلى الانخراط بشكل إيجابي مع مطالب ممثلي المجتمع المدني في تعز إلى إعادة فتح الطرقات من وإلى تعز لتسهيل حركة اليمنيين والمؤن الإنسانية والتجارية»، متابعا: «لقد تجاوزت المعاناة الإنسانية في تعز كافة الحدود، وعلى الأطراف المسؤولة العمل بشكل عاجل على تخفيف المعاناة والوفاء بالتزاماتها بموجب القانون الدولي وقيم التضامن والتعاطف العريقة التي طبعت المجتمع اليمني منذ الأزل».إلى ذلك، أكدت الجمهورية اليمنية أنها ما زالت متمسكة بالحل السلمي القائم على المرجعيات الثلاث المتفق عليها محليا وإقليميا ودوليا، وهي المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة وعلى رأسها القرار 2216.وقال المخلافي في كلمة اليمن التي ألقاها، أمس، أمام مجلس الأمن الدولي في جلسة الإحاطة المفتوحة حول الحالة في الشرق الأوسط إن «الحكومة اليمنية مستعدة لتقديم كل التنازلات مهما كانت صعوبتها من أجل السلام العادل والمستدام الذي يستحقه الشعب اليمني العظيم».وأضاف: «لقد قبلنا كل المقترحات التي قدمها المبعوث الخاص إسماعيل ولد شيخ أحمد وسنظل منفتحين على كل الأفكار والمقترحات، لكن في المقابل على هذا المجلس ومن خلفه المجتمع الدولي أن يضغط على الطرف الانقلابي من أجل القبول بهذه المقترحات والذهاب بنوايا صادقة وعقول منفتحة للسلام إلى طاولة المشاورات».وأكد أن هذه المشاركة ما هي إلا تأكيد لقناعاتنا الراسخة في الحكومة اليمنية بأن الحل الأنسب والأنجع لما تواجهه اليمن من أوضاع إنسانية وصحية غاية في الخطورة والتعقيد بعد مرور قرابة العامين والنصف من الانقلاب الدموي الذي قادته ميليشيا الحوثي بالتحالف مع الرئيس السابق، وبدعم من إيران، هو الحل السلمي القائم على المرجعيات الثلاث التي أجمع عليها اليمنيون، بمن فيهم العناصر التي انقلبت على الدولة لاحقاً، ودعمها المجتمع الدولي ومجلسكم الموقر هذا.وجدد المخلافي استمرار الحكومة دعمها جهود المبعوث الخاص للأمين العام إلى اليمن إسماعيل ولد شيخ أحمد، وتأييدها للمقترحات والأفكار الأخيرة التي طرحها المبعوث على رئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي، والمتمثلة بترتيبات انسحاب الميليشيا من محافظة الحديدة في ضوء مشاورات السلام في الكويت العام الماضي، وكذا تشكيل لجنة فنية من الخبراء الماليين والاقتصاديين لمساعدة الحكومة في إيجاد آلية مناسبة وعاجلة لدفع مرتبات الموظفين في الجهاز الإداري للدولة والتعامل مع الإيرادات في مناطق سيطرة الانقلابيين؛ بهدف توفير السيولة اللازمة لتغطية هذه النفقات والتي وللأسف ما زال تحالف الحوثي - صالح يقابلها بالرفض.وأشار إلى أنه ما كان يمكن لهذه العصابة أن تستمر في رفض كل مقترحات السلام وترفض الانصياع لقرارات الشرعية الدولية لولا الدعم المادي والعسكري واللوجيستي المستمر من قبل إيران، لافتاً إلى أنه بفضل الدعم والأسلحة الإيرانية التي يتم تهريبها لهذه الميليشيا الانقلابية أصبحت تشكل تهديداً خطيراً لجيرانها في المملكة العربية السعودية عبر استهدافها بالصواريخ الباليستية وعلى الملاحة والممرات الدولية في البحر الأحمر عبر مهاجمتها السفن التجارية والعابرة، وزرع الألغام البحرية المهددة لأمن وسلامة الملاحة الدولية.ولفت وزير الخارجية اليمني إلى أن عدد المعتقلين والمخفيين في سجون الحوثيين يزداد يوما بعد يوم من دون أن يرفع المجتمع الدولي صوته للدفاع عن هذه الحقوق الإنسانية المنتهكة، وتتضاعف هذه المعاناة لأن هناك من وراء المعتقلين عائلات وأطفالا يعانون نتيجة عدم معرفة مصير أبنائهم وذويهم وغياب الأب والأخ والمعيل، في حين يواصل الضمير الإنساني الصمت الرهيب حيال هذه القضية.
مشاركة :