في تطور مفاجئ، أعلن الجيش الليبي أن أحد ضباطه، اتهمته المحكمة الجنائية الدولية مؤخرا بارتكاب جرائم حرب، يخضع حاليا للتحقيق في سابقة تعد الأولى من نوعها لمسؤول عسكري في الجيش، الذي يقوده المشير خليفة حفتر في شرق ليبيا.وقالت القيادة العامة للجيش الوطني الليبي، القوة التي تسيطر على معظم شرق البلاد، إن مدعيا عسكريا يحقق مع الرائد محمود الورفلي، وأكدت أنه «تم توقيفه عن العمل وإيداعه بالتوقيف على ذمة القضية».وأكد بيان القيادة استعداد الجيش للتعاون مع المحكمة الدولية واطلاعها على مجريات التحقيق وسير عملية المحاكمة، موجها التحية للمحكمة ومجهوداتها لتحقيق الاستقرار والأمن المجتمعي، وحماية الشعوب من ويلات الحرب والنزاعات المسلحة.وقال البيان الذي كتب بطريقة توحي وكأنه يخاطب المحكمة الجنائية الدولية: «نحيطكم علما بأن المتهم في دعوتكم القضائية يخضع الآن للتحقيق أمام المدعي العام العسكري في القضايا نفسها المنسوبة له في صحيفة (الدعوة)، وهو رهن التوقيف الآن منذ تاريخ التكليف الصادر بالتحقيق من المشير خليفة حفتر في الثاني من الشهر الحالي».كما أكدت قيادة الجيش احترامها للاتفاقيات الدولية والقانون الدولي الإنساني وتعاليم الشريعة الإسلامية، مشيرة إلى أن «المشير حفتر أكد في عدة مناسبات وبلاغات لمنتسبي القوات المسلحة، والقوة الساندة لها، ضرورة التقيد بهذه التعليمات والأوامر الصادرة بالخصوص، ومنها احترام الحريات الشخصية، وتسليم المعتقلين الإرهابيين لجهات الاختصاص».كما أكدت تبرأها من هذه الأفعال ومرتكبيها: «لكونها لا تمثل إلا من يقترفها، ويكون بذلك عرضة للقانون والعقوبات الرادعة»، لافتة إلى أن «التحقيق مع الورفلي سيسير وفقا للقانون العسكري، بما يضمن تحقيق العدالة». والورفلي مطلوب بخصوص مزاعم إعدام عشرات السجناء في ربيع وصيف هذا العام، خلال حملة شنها الجيش الوطني الليبي على مدى ثلاث سنوات ضد متشددين وخصوم آخرين من أجل السيطرة على مدينة بنغازي في الشرق. لكن البيان لم يحمل إشارة إلى أن الجيش الوطني مستعد لتسليم الورفلي إلى المحكمة الجنائية الدولية، التي أصدرت أمر اعتقال بحقه الثلاثاء الماضي.وكان متحدث باسم القوات الخاصة قد رفض في وقت سابق أمر الاعتقال، إذ قال العقيد ميلود الزوي إنه كان يجدر بمحكمة الجنايات الدولية اعتقال من قتل وشرد الرجال والنساء والأطفال والأشخاص، الذين تعرضوا للتعذيب والقتل والدمار والخراب، ومن قام بقطع رؤوس الجنود واللعب بها كرة، وساهم في دمار مدينة بحجم وطن.وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي مؤخرا عدة لقطات مصورة تظهر الورفلي، وهو يشرف على عمليات إعدام بحق معتقلين رميا بالرصاص. وقبل توقيفه، علق الورفلي على قرار المحكمة الجنائية الدولية في صفحته على موقع «فيسبوك» قائلا: «إذا كان أمن بلادي في خطر فلا تحدثني عن حقوق الإنسان».وكانت منظمة «هيومن رايتس ووتش» الأميركية قد دعت السلطات التي تدير شرق ليبيا إلى تسليم الورفلي، واعتبرت أن مذكرة الجنايات ضده هي إنذار لباقي من وصفتهم بالقادة المسيئين في ليبيا.والجيش الوطني الليبي، الذي يقوده خليفة حفتر، قوة مهيمنة في شرق ليبيا؛ لكنه يناوئ حكومة الوفاق الوطني التي يترأسها فائز السراج وتساندها الأمم المتحدة في العاصمة طرابلس، علما بأنه أعلن النصر في حملة بنغازي خلال الشهر الماضي.من جهة أخرى، اعتبر رئيس الحكومة الإيطالية السابق رومانو برودي أن ما وصفه بـ«عدم التحكم في قضية الهجرة هو ثمرة الصراع الدائر في ليبيا»، بعد الإطاحة بنظام حكم العقيد الراحل معمر القذافي.ونقلت عنه وكالة «أكي» الإيطالية للأنباء قوله خلال تقديم كتابه الجديد (السطح المائل): «هذا الصراع الذي كان ينبغي أن يدوم بضعة أسابيع امتد لزمن أطول من الحرب العالمية الثانية»، معتبرا أن «الاتفاق بين الحكومات غير كاف، ولذلك يتعين إشراك عشرين قبيلة في ليبيا، تمتلك كثيرا من النفوذ؛ ولكن هنا لا أرى أيضا رغبة جادة لأي سياسي أوروبي».في غضون ذلك، ندد رئيس الصليب الأحمر الإيطالي فرانشيسكو روكا بشدة في أروقة الأمم المتحدة بمنع السلطات الليبية بعض المنظمات غير الحكومية من القيام بدوريات داخل المياه الإقليمية الليبية لإنقاذ مهاجرين، واعتبر القرار مناقضا للقانون الدولي، وأنه «ليس هناك إمكانية لإيصال المساعدات الإنسانية إلى المياه الدولية» قبالة السواحل الليبية، منذ استحداث البحرية الليبية منطقة البحث والإنقاذ الجديدة في العاشر من الشهر الحالي تحت إشرافها الخاص.ومنعت السلطات الليبية دخول أي سفينة أجنبية لإبعاد سفن المنظمات غير الحكومية التي تتهمها طرابلس بالتواطؤ مع شبكات المهربين.وأشار روكا إلى أن المنطقة تمتد على ما يقارب مائة كلم في البحر الأبيض المتوسط انطلاقا من السواحل الليبية، وبالتالي فهذه المنطقة تتعدى المياه الليبية الإقليمية، وتشمل قسما من المياه الدولية، معتبرا أن القرار مخالف للقانون الدولي، حسب تعبيره.
مشاركة :