تحذير: هذا المقال يحتوي على أفكار انتحارية. " لمَ تفعلين شيئاً كهذا؟ أنت شابة وجميلة جداً. ذكاؤك حاد، ولا تزال الحياة ممتدة أمامك. لمَ تريدين أن تنهيها الآن؟ أنت لم تعرفي معنى الحياة حتى الآن." لا بد من أنني سمعت أسطوانة الاستجواب تلك عشرات المرات وأنا في سرير المستشفى. إن لم يكن هناك أنبوب يبلغ طوله 60 سنتيمتراً قد اخترق أنفي ليصل إلى معدتي، أو إن كنت أعتقد أن أياً من هؤلاء الناس يستحق الجهد المبذول للإجابة، لربما كنت قد أجبته. لمَ أفعل هذا؟ لأنه عندما سألت نفسي عن أسباب تمنعني من ارتكاب تلك الفعلة، لم أجد سبباً واحداً. لأن شبابي وجمالي كانا عديمي الفائدة. لأنني قد أكون ذكية ولكنني لست قوية بما يكفي للتعامل مع " الحياة الممتدة أمامي"، أو لتحويل مسارها. لأنني إن لم أكن أعرف حتى ما هي الحياة وما تحمله الأيام لي الآن، فأنا لست مستعدة للانتظار للمعرفة. لأنه من الواضح أنني غير قادرة على فعل أي شيء بطريقة صحيحة؛ حتى قتل نفسي فشلت فيه.أقوال جاهزة شاركغردأنت شابة وجميلة. ذكاؤك حاد، الحياة ممتدة أمامك. لمَ تريدين أن تنهيها الآن؟... سمعت الأسطوانة عشرات المرات شاركغردلأن شبابي وجمالي كانا عديمي الفائدة. لأنني غير قادرة على فعل أي شيء بطريقة صحيحة؛ حتى قتل نفسي فشلت فيه الكثيرات منا شابات ونمتلك قسطاً من الجمال، ولكننا سوف نختار أن ننهي كل شيء في ثانية واحدة إذا استطعنا، لكوني فتاة شابة فهذا يعني أني فريسة سهلة لأشياء كثيرة: التعامل معي كأنني قطعة من اللحم والتعرض للمضايقات والاغتصاب والهجوم والضرب والكراهية. كل هذا بسبب كوني شابة وجميلة. لأن في بعض الأحيان، نفضل أن نموت على أن نحيا شابات جميلات. لأن الاكتئاب قد أصابني منذ سنوات - وهو مرض يعاني منه الكثير من أبناء جيلي - ولكن ما دمنا شابات وجميلات جداً، فمن الصعب أن تلاحظ أي شيء آخر علينا. لأن المهمات الأساسية في يومنا تحتاج إلى ضعف الوقت والجهد ، وفي المقابل يعطينا من حولنا نصف التقدير. لأننا نشعر وكأن الجميع قد تخطونا ولا يمكن اللحاق بركابهم. لأننا نشعر وكأننا نخوض هذه المعركة وحدنا، ولا يمكننا حتى مساعدة بعضنا بعضاً. لأننا لا نؤمن أن أحدا يهتم بنا إلا لشبابنا أو لجمالنا. شعرت أن هؤلاء من استدعوا سيارة الإسعاف والأطباء الذين افرغوا معدتي كانوا يفعلون ذلك إما لأن المجتمع، أو مهنتهم، يلزمهم بذلك أو لأنهم يشفقون عليَ؛ تلك كانت المشاعر التي أحسست بها تجاه نفسي وكان من المستحيل تماماً بالنسبة لي أن أؤمن أن أي شخص آخر يمكنه أن يشعر بأي شيء مختلف تجاهي، أو تجاه أي من هؤلاء الشابات الجميلات التعيسات. الأهم من ذلك كله، لأن إفراغ العلبة من الست وثمانين حبة، واحدة تلو الأخرى، ووحملها كجبل صغير يرتكز على كف يدي ثم ابتلاعها، كان أسهل شيء فعلته في حياتي. لأنني لم احتَجْ إلى المياه لابتلاع ما يعتقد الأطباء أنه كمية كبيرة جداً من مضادات الاكتئاب. لم تقف أي منها في حلقي وشعرت حينها بالهدوء والسلام. كان هذا الموقف أسهل من الذهاب إلى العمل أو الذهاب إلى الصف أو محادثة والديَ أو الحفاظ على علاقاتي أو التعبير عن نفسي لأحد. لأن مثل معظم ما أقوم به، قيل لي إن تلك الفعلة حرام، ذنب، من شأنها أن تجعلني شخصاً سيئاً، وأنه "لا أحد يفعل شيئاً كهذا"، وأنني غير طبيعية لأنني أفكر في الأمر، وأن الجميع إما سيشفقون علي أو يضحكون مني، وأن الله لن يدخلني جناته بسبب تلك الخطيئة ولأنه قد قيل لي مرات عديدة ألا افعلها، وفي نهاية المطاف رأيت أنها كانت السبيل الوحيد للخروج. كان ذلك فيما مصى، أما الآن فنحن في الحاضر. كان ذلك قبل أربع سنوات، ولم أحاول الانتحار منذ ذلك الحين. أعتقد أنني أفضل حالاً، على الرغم من أنني لا أزال أشارك الفتاة التي ابتلعت ستاً وثمانين حبة ما كانت تشعر به. تلك الفتاة التي كنتها، الفتاة التي كانت ضعيفة جداً لتبقى على قيد الحياة. ما الذي تغير؟ لست متأكدة تماماً. لقد تغيرت، الأحوال لم تصبح أفضل، ولكنني قد اعتدتها. وحتى يومنا هذا، لم أتوصل إلى إجابة عن السؤال الذي طرحه الكثيرون علي منذ أربع سنوات: لماذا؟ هذه التدوينة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي رصيف22. غزلان راضي غزلان راضي، 21 سنة، صحافية مغربية حرة و طالبة اللغة الانجليزية بالجامعة. كاتبة و شاعرة. مرت من Free Arabs, Huffington Post Maghreb, و Telquel. ناشطة الى متمردة. كلمات مفتاحية مدونة التعليقات
مشاركة :