يشك سكان غزة في حياد الوساطة الأمريكية في الحرب الدائرة في ضوء المساعدات التي تقدمها واشنطن لإسرائيل، فضلاً عن مشاركة يهود أمريكان كجنود يخدمون في الجيش الإسرائيلي مباشرة، فالمجند ماكس شتاينبيرغ (24 سنة) يهودي أمريكي قتل في الحرب الدائرة بغزة، وعاد في تابوت لموطنه أمريكا ليدفن يوم الأربعاء الماضي، هو أمريكي لم يعش بإسرائيل إلاّ لأشهر قليلة كمجند، إذ غادر حياته المريحة الوادعة بلوس أنجلوس، والتحق بالجيش الإسرائيلي ليقاتل في الخطوط الأمامية. ويقول اليهود الإسرائيليون: إن أشخاصًا مثل ماكس شتاينبيرغ يعمقون الصلات الإسرائيلية الأمريكية. وفي الوقت الذي يضغط فيه جون كيري وزير الخارجية الأمريكي من أجل وقف لإطلاق النار يدوم بين إسرائيل وحماس، فإن مثل هذه الصلات الوثيقة يمكن أن تكون «لعنة وميزة حسنة» في الوقت نفسه. فهذه الصلات بين إسرائيل وأمريكا تنشأ عنها أسئلة من نوع: هل ستكون الولايات المتحدة وسيطًا أمينًا من أجل السلام؟ الولايات المتحدة تقدم لإسرائيل 3 مليارات دولار سنويًّا، ونظام الدفاع من الصواريخ عن طريق القبة الحديدية الذي حمى ويحمي إسرائيل من وابل الصواريخ المنطلقة من مقاتلي حماس، وقد تم إنشاء هذه القبة بمساعدة أساسية من أمريكا. كما أن المئات من الأمريكيين تجندوا للجيش الإسرائيلي وأصبحوا مقاتلين فيه كما في مثال شتاينبيرغ. الشراكة بين الولايات المتحدة وإسرائيل لها جذورها في التعاطف الأمريكي مع إنشاء وطن لليهود عام 1948، وخلال عقود منذ ذلك التاريخ ظل الرؤساء الأمريكيون من الحزبين يعتقدون فيما أطلق عليه الرئيس أوباما في العام الماضي (الالتزام عديم القابلية للتفاوض حوله فيما يتعلق بأمن إسرائيل). وبالنسبة لإسرائيل فإن الولايات المتحدة حليف لصيق للدرجة التي يحس الإسرائيليون بنوع من الخيانة إذا حاولت واشنطن الضغط على إسرائيل للقبول بالمطالب الفلسطينية، أو اتخاذ قرارات تعتبر مدمرة لإسرائيل، ومن ذلك مثلاً فإن حظر الطيران من وإلى إسرائيل الذي بدأته أمريكا ظل ينظر إليه بواسطة العديد من الإسرائيليين باعتبار أنه يؤذي المصالح الداخلية لإسرائيل ببينما يمنح حماس نصرًا.
مشاركة :