الرباط - توفي صباح السبت في العاصمة المغربية الرباط مدير عام وكالة بيت مال القدس الشريف ووزير الأوقاف السابق عبد الكبير العلوي المدغري عن عمر يناهز 75 عاما قضاها في محافل العلوم الدينية والسجالات الفكرية. وقالت مصادر في أسرته أن العلوي المدغري المولود عام 1942 بمدينة مكناس (وسط) وافته المنية صباح السبت بمستشفى الشيخ زايد بالرباط بعد معاناة مع المرض. ومنذ العام 2002 وحتى وافته المنية شغل الراحل منصب مدير عام وكالة بيت مال القدس الشريف التي يوجد مقرها بالرباط والتابعة للجنة القدس المنبثقة عن منظمة التعاون الإسلامي ويرأسها العاهل المغربي الملك محمد السادس. ويعتبر المدغري أشهر وزير للأوقاف والشؤون الإسلامية في عهد الملك الراحل الحسن الثاني وبداية عهد الملك محمد السادس حيث ظل يشغل المنصب لمدة 18 عاما متواصلة من 1984 إلى 2002 بعد حوالي 3 سنوات من اعتلاء الملك محمد السادس عرش المملكة في يوليو 1999. جمع الراحل في دراسته بين القانون والعلوم الشرعية وعمل محاميا كما عمل أستاذا جامعيا وباحثا في كلية الشريعة التابعة لجامعة القرويين بمدينة فاس وأستاذا بالمعهد المولوي بالرباط. وبعد حصوله على شهادة البكالوريا (الثانوية العامة) التحق بكلية الآداب العلوم الإنسانية في فاس وحصل على شهادة البكالوريوس ثم حصل على شهادة الإجازة في العلوم القانونية من كلية الحقوق بالرباط وشهادة الماجستير في العلوم الإسلامية ودكتوراه الدولة في العلوم الإسلامية من دار الحديث الحسنية، وهي مؤسسة حكومية للدراسات العليا في العلوم الإسلامية. وعرف المدغري بسجالاته الفكرية مع التيارات اليسارية في تسعينات القرن الماضي وبداية الألفية الثالثة خصوصا في قضايا حقوق المرأة. أمّا كتابه "ظل الله" الذي يشرح فيه الحديث المنسوب إلى الرسول محمد "السلطان ظل الله في أرضه" والذي كان أصلاً درسا دينيا ألقاه المدغري في حضرة العاهل المغربي الراحل الحسن الثاني في رمضان فقد أثار جدلا كبيرا مع عدد من العلماء والمثقفين وخصوصا اليساريين منهم. وخاض الراحل سجالات فكرية وسياسية مع الإسلاميين وخصوصا "حزب العدالة والتنمية" المحسوب على تيار الاخوان المسلمين بمناسبة صدور كتابه "الحكومة الملتحية دراسة نقدية مستقبلية" عام 2006 قبل وصول الحزب إلى الحكومة بخمس سنوات. وقال المدغري في كتابه إن "الحكومات الملتحية القادمة لن يكون لها من الإسلام إلا الإسم" مشيرا إلى أن "الحكومة الملتحية قادمة في عدد من بلدان العالم الإسلامي بسبب عوامل متعددة غير أنها لن تكون إلا مجرد مقدمة لحكومة أخرى تأتي بعدها على إثر عقود من الزمن تسمى بحق الحكومة الإسلامية". واعتبرا أنه "إذا كانت الأولى لن يكون لها من الإسلام إلا الاسم فإن الحكومة الثانية ستكون ثمرة مخاض عسير شامل على المستوى الثقافي والديني والسياسي والاجتماعي والاقتصادي وستكون تعبيرا عن اختيار يختاره الشعب بإلحاح تحقيقا للمعادلة البسيطة: شعب مسلم + ديمقراطية = حكومة إسلامية". صدر للراحل عدة مؤلفات في العلوم الدينية وفي بعض القضايا الفكرية والسياسية بينها كتاب "الناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم لأبي بكر بن العربي المعافري – دراسة وتحقيق" وكتاب "الفقيه أبو علي اليوسي نموذج من الفكر المغربي في فجر الدولة العلوية" و"المرأة بين أحكام الفقه والدعوة إلى التغيير. وإلى جانب اهتماماته الفكرية والشرعية عرف عن الراحل اهتمامه الأدبي حيث صدر له عدد من الروايات بينها "ثورة زنو" و"في مرآتنا علم آخر".
مشاركة :