صدقة الفطر في بعديها النفسي والاجتماعي

  • 7/25/2014
  • 00:00
  • 14
  • 0
  • 0
news-picture

أوشك شهر رمضان على المغادرة، وكل منا يود لو أن صيامه قد حقق الغاية التي من أجلها شرعه الله، وهي تجديد بناء التقوى في النفوس كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (183) سورة البقرة.. لكن يظل هاجس التقصير يراودنا، مما بدر منا في نهار رمضان وليله من أخطاء، أو تجاوزات، وهنا يتفضل الله علينا بعبادة تجبر هذا الخلل، وهي زكاة الفطر، كما جاء عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: (فرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث، وطعمة للمساكين، من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات".(رواه أبو داود) واللغو: ما لا فائدة فيه، وما لا يعني، وقيل: الباطل، والرفث: هو في الأصل ما يتصل بالجماع وما يتعلق به مما يجري بين المرء وزوجه. ثم استعمل في كل كلام قبيح. فهذه العبادة تحقيق هدفين في آن واحد: الأول نفسي: وهو تطهير الصوم مما شابه من لغو القول، ورفث الكلام، وقلما يسلم صائم من مقارفة شيء من ذلك، بحكم الضعف البشري الغالب، فجاءت هذه الزكاة في ختام الشهر، بمثابة الطهرة من أوضار القصور. الثاني اجتماعي: ويتعلق بالمجتمع وإشاعة المحبة والمسرة في جميع أنحائه وخاصة المساكين وأهل الحاجة فيه. فالعيد يوم فرح وسرور عام، فينبغي تعميم السرور على كل أبناء المجتمع المسلم. فاقتضت حكمة الشارع أن يفرض له في هذا اليوم ما يغنيه عن الحاجة وذل السؤال، ولهذا ورد في الحديث: (أغنوهم في هذا اليوم)، ومن حكمة الإسلام تقليل مقدار الواجب وإخراجه مما يسهل على الناس من غالب قوتهم، حتى يشترك أكبر عدد ممكن من الأمة في هذا العطاء. وزكاة الفطر فرض على كل مسلم؛ لما ثبت عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: (فرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زكاة الفطر صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير على الذكر والأنثى والصغير والكبير من المسلمين. وأمر أن تؤدى قبل خروج الناس للصلاة) متفق على صحته. وليس لها نصاب بل يجب على المسلم إخراجها عن نفسه وأهل بيته من أولاده وزوجاته إذا فضلت عن قوته وقوتهم يومه وليلته. والواجب في ز كاة الفطر صاع من جميع الأجناس بصاع النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو أربع حفنات باليدين المعتدلتين الممتلئتين، وهو بالوزن ما يقارب ثلاثة كيلو جرامات. وقال الإمام عبدالعزيز بن عبدالله بن باز رحمه الله تعالى: ((والسنة توزيعها بين الفقراء في بلد المزكي، وعدم نقلها إلى بلد آخر؛ لإغناء فقراء بلده وسد حاجتهم...)) وهذا لقول النبي - صلى الله عليه سلم - لمعاذ حينما بعثه إلى اليمن: ((...فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم)) وقال رحمه الله عندما سئل عن حكم نقل زكاة الفطر: ((لا بأس بذلك، ويجزئ إن شاء الله في أصح قولي العلماء، لكن إخراجها في محلك الذي تقيم فيه أفضل وأحوط، وإذا بعثتها لأهلك؛ ليخرجوها على الفقراء في بلدك فلا بأس)). كما أجاز سماحة مفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ، إخراج الزكاة لأهالي قطاع غزة. وأكد في خطبة الجمعة أن أهالي غزة يعانون من قتل وتشريد وتدمير للبيوت والممتلكات ودفع الزكاة إليهم أولى من غيرهم، فهم بحاجة ماسة للوقوف معهم في محنتهم وتقديم العون لهم ونصرتهم، ونجدتهم والسعي لتضميد جراحهم. وهذه الفتاوى من علمائنا تفتح المجال لإغاثة أهلنا في غزة الذين يتعرضون الآن إلى حملة صهيونية إجرامية، أوقعت مئات الشهداء والجرحى، وهدمت المساجد والمنازل والمنشآت والجامعات والمباني السكنية. وقد أطلقت الندوة العالمية للشباب الإسلامي، حملة في جميع مناطق المملكة لإغاثة أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع "غزة"، وناشدت الندوة العالمية جميع فئات المجتمع من المواطنين والمقيمين بمساندة إخوانهم في "غزة"، وتقديم الدعم لهم وذلك من خلال مكاتب الندوة في جميع مناطق "المملكة" أو عبر الحساب الخاص بذلك لدى مصرف الراجحي (279608010666331) أو عبر شبكة الإنترنت من خلال موقع الندوة الإلكتروني WAMY.ORG.

مشاركة :