أكدت وزارة العمل أن من دوافع قرار رفع تكلفة العمالة الوافدة ارتفاع نسبة الوافدين من 48% إلى 62% من إجمالي عدد السكان خلال العقد الماضي. لو لم يكن سوى هذا الدافع خلف القرار لكفاه تبريرا، لكن هل يمكن لقرار وحيد أو لوزارة واحدة مواجهة مشاكل، بل قضايا كبرى كالبطالة وتهديد جبهتنا الداخلية ونسيجنا الاجتماعي؟ أمر جلل كهذا يتطلب خطة طوارئ عامة على مستوى الدولة، وصول نسبة الوافدين إلى حوالي ثلثي عدد السكان جرس إنذار متأخر لمخاطر أمنية واجتماعية واقتصادية أحاقت بنا، مخاطر تستحق أكثر من قرار ووقفة من سلطات هذه الجهات الثلاث تحديدا مجتمعة ومنفردة لاحتواء آثارها. معالجة البطالة كان دافعا آخر لقرار رفع تكلفة العمالة الوافدة، كشفت وزارة العمل عن وجود 341 ألف منشأة صغيرة (من تسعة عمال وأقل، تمثل 35% من إجمالي المنشآت الصغيرة) تدار بالكامل بعمالة وافدة وصاحب المنشأة غير متفرغ، معنى هذا بكل بساطة أن 341 ألف مواطن قاموا بغش وطنهم ومواطنيهم وحكومتهم بطريق أو آخر، أقله التزوير في أوراق رسمية، والأمل التحقيق معهم بصرامة ومحاسبتهم ردعا لغيرهم. هذا عن المنشآت الصغيرة، أما الكبيرة والتي تعالت احتجاجات أصحابها، ذوي الأصوات المسموعة، لتنميط المهن المقبولة للمواطن والمستهجنة، فلا يمثل التوطين إلا نسبة منخفضة من عمالتها الضخمة الممكن استبدال معظمها بمواطنين مؤهلين. ولا ينسى هنا دور تجار التأشيرات وتجار تهريب العمالة وتجار مقاولات الباطن، وكل من له ضلع في تفاقم المشكلة، ولحسن الحظ هي أضلع معروفة ويمكن معالجتها شموليا بخطة متكاملة. بيد أن القضية أبعد من هذا، وتخص وجود تراخٍ في تطبيق الأنظمة أو أنها أنظمة مترهلة بالأساس، ليس وزارة العمل وحدها ونظام العمل والعمال المهترئ، هناك جهات حكومية أخرى كان يجب أن يكون لها دور، وزارة التجارة ــ مثلا، فأصحاب هذه المنشآت تجار في الأساس فكيف كانت تتجدد سجلاتهم؟ الأمن العام، إدارة الجوازات ــ تحديدا ــ تسأل عن أفواج العمالة السائبة في شوارعنا ومدى تهديدها لأمننا وهي تلاعبهم كل حين لعبة القط والفأر، وإدارات الشرط وارتفاع وتيرة حوادث السطو والإجرام في مدننا، وإدارات المرور ونقص كوادرها الميدانية. آخرا وليس أخيرا، وزارة الاقتصاد وكيف سكتت دهرا على ضرر العمالة الوافدة على اقتصادنا، بل حتى الجامعات كان يجب أن توجه أبحاثها للتنبيه إلى هذا الخطر الديموغرافي، أليس من مهام جامعاتنا خدمة المجتمع؟. Hadeelonpaper@gmail.com
مشاركة :