استطاعت الفنانة دلال أبو آمنة و «عاشقات التراث» من السيدات المرافقات لها كمرددات أشبه بـ «الكورال» وراويات لحكايات أغان فلسطينية أصيلة مغمورة أو ملتبسة الهوية، تقديم أمسية ناجحة تفاعل معها جمهور مهرجان «وين ع رام الله» الذي تنظمه بلدية رام الله، رافعة شعار «الأمل». وبدأت أبو آمنة سهرة الخميس - الجمعة، بأغنيتها الشهيرة «يا ستي» التي حملت عنوان الأمسية الافتتاحية، سبقها عرس «يا ستي» في البلدة القديمة لرام الله (رام الله التحتا)، وحاراتها وأزقتها القديمة. ثم قدمت تنويعات على أغان فولكلورية فلسطينية من بينها «يا حادي العيس»، و «ليّا وليّا»، لتعلن عن فرحتها بالغناء مجدداً في رام الله، عبر تقديم ما وصفته بأغاني تراث فلسطين التاريخية التي تسترجع وتستحضر روح العائلة الفلسطينية ما قبل النكبة، خصوصاً النساء الفلسطينيات اللواتي كنّ يغنين بالسر ويحببن بالسر. ورافقتها بضع من عاشقات التراث، اللواتي يساهمن معها بالعمل على حفظ التراث ونقله إلى الأجيال الشابة بطريقة يحبها، في حين يسترجعها من هم أكبر سناً بأصالتها. وكان يسبق العديد من الأغاني حوار ما بين أبو آمنة وباحثة التراث نائلة لبس (أم إلياس)، التي كانت تحكي حكايات الأغاني التراثية الفلسطينية، من بينها حكاية أغنية «إسا إجا وإسا راح بيّاع التفاح» النصراوية، مشيرة إلى أن «التفاح» هو تورية للفتاة التي أحبها كاتب الكلمات. وسردت حكاية أغنية «تحت هودجها»، مصححة أم إلياس كلماتها من «تحت هودجها وتعانقنا» إلى «تحت هودجها وتعالجنا»، أي تعاركنا، إذ «لم يكن هناك عناق في تلك الفترة»، بل «سحب سيوف» كما في مطلع الأغنية... فيما تفاعل الجمهور في شكل كبير مع مناظرة أخذت شكل الزغاريد حول أفضلية «السمراء» و «البيضاء» ما بين اثنتين من عاشقات التراث المرافقات للمطربة، وكذلك مع رقص المسنة ذات الروح الشابة أم نعيم (إحدى عاشقات التراث) على وقع أغان تراثية متسلحة بعصاها. وغنّت أبو آمنة «هلا لا لالايا» المشهورة بكلمات للشاعر طارق عصراوي، مهداة إلى الأسرى في زنازين الاحتلال، وصمودهم في معركة الأمعاء الخاوية، في تنويع بالكلمات مع الحفاظ على اللحن، إهداء إلى «من خاضوا إضراب الكرامة». كما قدمت أغنية «بلدي» من كلمات وألحان الموسيقي خالد صدّوق، وأهدتها إلى المحاصرين الصامدين في قطاع غزة، وتتكرر فيها عبارة «بلد الأبطال عامر برجال». وقدمت أبو آمنة مجموعة من أغانيها الخاصة، بينها أغنيتها الأولى «أنا قلبي وروحي فداك» حين كانت في سن السادسة عشرة، والتي كانت سبباً في تعرفها إلى زوجها الطبيب الشاعر عنان عباسي، كاتب كلمات هذه الأغنية التي لحنها علاء عزام. وبعد أن سلطنت الجمهور بوصلة من مقاطع رائعة أم كلثوم «أنت عمري»، وشاركها الجمهور غناءها، قدمت وصلة فولكلورية جديدة اشتملت على أغنية «وين ع رام الله» عنوان المهرجان، وسط تفاعل كبير للغاية، لتختتم بـ «بكتب اسمك يا بلادي ع الشمس اللي ما بتغيب». وانطلق المهرجان في دورته التاسعة التي تتواصل حتى الرابع والعشرين من الشهر الجاري، بكلمة لموسى حديد رئيس بلدية رام الله، شدد فيها على انتصار المدينة للفعل الثقافي والفني كفعل حضاري، وللتنوع والتعدد والحرية كروافع للتحرر من الاحتلال، مشيراً إلى أن «الأمل» هو شعار هذه الدورة، وأن استلهام انتفاضة الحجارة في ذكراها الثلاثين فنياً وإبداعياً هو عنوانها الأبرز.
مشاركة :