اتخذت الدراما الكويتية لنفسها منذ فترة منحى جديدا، وتوجها مستنيرا في عرض القضايا الاجتماعية والسياسية التي تتعلق بالواقع المحلي خاصة والعربي عامة، وعندما تذكر الدراما الكويتية لا بد من ذكر أسماء وأعمدة فنية لها قيمتها وتاريخها الطويل في هذا المجال، كالفنانة القديرة حياة الفهد والفنانة سعاد عبد الله والفنان عبد الحسين عبد الرضا الحاضرين وبقوة هذا الموسم في أعمالهم الدرامية. ففي مسلسل ريحانة، نشاهد الفنانة حياة الفهد التي ما زالت تعطي وتمتع جمهورها العربي بأعمال هادفة وذات قيمة، وعلى الرغم من نسبة المشاهدة الضئيلة للعمل يظل توقيع الفهد له هدف بعيدا عن الابتذال الفني الذي نلمسه في أعمال فنية كثيرة، فهي قدمت نموذجا للمرأة من خلال قضية محورية بعيدا عن الأعمال التي لا تستهدف عقل المشاهد الواعي، وهو ما اشتهرت به الدراما الخليجية في فترة مضت، حيث اعتمد العاملون فيها على ندب الحظ والصراخ والعويل المستمر في أغلب الحلقات، إضافة إلى الاستعراض المبالغ فيه من ناحية الديكور والبذخ في الحلي والاكسسوارات مع حوار رديء ومشاهد ضعيفة، لكن الفهد أعادت الرونق نوعا ما للأعمال الخليجية بمسلسلها ريحانة الذي يضم مجموعة من الفنانين الخليجيين، وهم عبد المحسن النمر وزهرة عرفات صلاح الملا وأسيل عمران وعبد الله بوشهري، اجتمعوا في عمل درامي مستلهم من الواقع الذي تعيشه المرأة العربية، عمل متداخل في خطوط درامية عريضة ومتشعبة، يظهر مدى العنف الأسري الذي تتعرض له المرأة، ولا تجد مأوى لها منه، ولكن الدراما في ريحانة حاولت بشكل فني وتوعوي إيجاد المأوى، وهو "دار الأمان" الذي أنشأته امرأة معنفة، وهي حياة الفهد "ريحانة" العمل الفني، وساعدت النساء المعنفات أسريا من قبل الأهل والزوج على التأقلم مع الوضع الجديد بعد الانضمام قانونيا للدار، وتتوالى الأحداث، ويتعرف المشاهدون على مشاكل النساء التي جعلتهم يلجأون إلى دار الأمان. حياة الفهد كعادتها في أدوارها استعرضت عضلاتها التمثيلية في هذا العمل، وانتقت فريقا من الفنانين أضافوا إليها، وناقشت مشكلة عربية صميمة بمساعدة مخرج العمل الذي جعل المشاهد يعيش حالة جديدة عليه في الدراما الخليجية بعدما خرج عن النمط المعتاد، وصور في أماكن بعيدة عن الترف والبذخ الذي تحدثنا عنه. أما الفنان عبد الحسين عبد الرضا فقد قدم في مسلسله "العافور" بالاشتراك مع الفنانين حسن البلام وأحمد السلمان وهيا الشعيبي وإلهام الفضالة وأسيل عمران قضية جريئة وجديدة، واستطاع الغوص في أعماق المشكلة، وانتقد المؤسسات الحكومية، وقدم بعض الإسقاطات السياسية. وعلى الرغم من أن العمل خرج عن التصعيد والتسلسل في الأحداث والحبكة الدرامية، إلا أنه قدم عرضا دراميا وصف بالجرأة الشديدة، ونجح بالدخول في صلب موضوع مباشر بعيدا عن الالتفاف حوله باستحياء، نجح عبد الرضا في إثارة مشكلة محل جدل ونقاش في دولة الكويت حاليا، وهي مشكلة البدون، وهو ما يعد مجازفة حقيقية بعد الاقتراب من مواضيع حساسة تخص بلده الكويت. من ناحية أخرى، تذمر بعض المشاهدين من حذف عدد من المشاهد الخاصة بهذه المشكلة الشائكة عند عرض العمل على التلفزيون الكويتي بعكس تلفزيون دبي الذي قدم العمل كاملا بدون حذف. أما الفنانة الكويتية سعاد عبد الله فقدمت هذا العام عملا دراميا يخص المرأة العربية والخليجية أيضا، وكأن التفكير الذي يسيطر على كتاب الأعمال الدرامية الخليجية يحاول الوقوف على مشاكل المرأة سواء الاجتماعية أو النفسية للوصول بها إلى القمة من خلال الطرح المباشر الذي قدمته سعاد عبد الله في مسلسلها الذي ضم باقة من ألمع النجوم في الخليج، ومنهم زهرة الخرجي وأمل العوضي وفاطمة الحوسني. واستعرضت فيه المشاكل التي واجهتها مع أزواجها في رحلة ضمت مفارقات ومآسي وُظفت في العمل الفني ببراعة، ثمة مشكلة ما تواجه الأعمال الدرامية العربية والخليجية، وهي محاولة النص مجارة الأحداث خلال 30 حلقة، ما يضعه في مأزق لا يستطيع الخروج منه، وهو مط الأحداث بدون داع، الأمر الذي يبعث الملل في نفوس المشاهدين، لكن تبقى الأعمال الفنية الدرامية الخليجية لهذا العام، وبالتحديد أعمال الكبار واضحة وذات بصمة، أعطت بريقا لنص نقدي واجتماعي، ولكنهم ظلوا حبيسي القنوات الخليجية بدون البحث عن قنوات عرض جديدة لأعمالهم في مختلف الدول العربية التي من المؤكد أنها تشترك معهم في الكثير من المشاكل التي تتطرق لها تلك الأعمال.
مشاركة :