نشر الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، 30 ألفاً من المسلحين الموالين له في صنعاء، أمس، لتأمين «مهرجان السبعين» المقرر اليوم، وأكد أن المهرجان ليس ضد أي جهة، ودعا الميليشيات الحوثية إلى التهدئة، وحذرها من أن الوضع في اليمن بات قريباً من الانفجار ودعاهم إلى تحكيم العقل، وإلى عدم «صب الزيت على النار»، فيما قامت ميليشيات الحوثي باحتجاز المئات من أنصار صالح بمديرية باجل في محافظة الحديدة أثناء توجههم إلى صنعاء، بينما قال الدكتور أنور قرقاش، في تغريدة على «تويتر»، إن «المؤتمر الشعبي العام (حزب صالح) أمام اختبار تاريخي غداً في ميدان السبعين بصنعاء، ليكون قراره بالتراجع عن التمرد، ليكن قراره لمستقبل اليمن». وفي التفاصيل، قالت مصادر عسكرية إن صالح نشر أكثر من 30 ألف جندي من قوات الحرس الجمهوري الموالية له، لاسيما في جنوب العاصمة اليمنية، لتأمين مهرجان السبعين ومقار حزب المؤتمر الشعبي والمؤسسات التي يديرها أنصاره، والطرق الممتدة من مداخل صنعاء إلى وسط ميدان السبعين. ويحيي حزب المؤتمر الشعبي العام الذكرى الخامسة والثلاثين لتأسيسه، واستعرت الخلافات بين الطرفين المشاركين بالانقلاب في اليمن، بعد محاولات ميليشيات الحوثي إعاقة إحياء ذكرى تأسيس الحزب الذي يترأسه صالح في صنعاء. في المقابل، دفعت عناصر الحوثي بأكثر من 10 آلاف مقاتل من أبناء القبائل الموالين لها إلى تخوم العاصمة، في حين عملت عناصر تابعة لحزب صالح على إزالة جميع شعارات الحوثيين في ميدان السبعين ومحيطه. على الصعيد ذاته، اختطف الحوثيون ثلاثة من أبرز قيادات حزب صالح في مديرية ضوران آنس بمحافظة ذمار جنوب العاصمة، واقتادتهم إلى جهة مجهولة، وفقاً لمصادر محلية أكدت أن تلك القيادات هي من سهلت دخول الحوثيين وسيطرتها على المديرية أواخر العام 2014. وفي وقت سابق، اتهم المتمردون الحوثيون صالح، حليفهم الأساسي في النزاع الجاري في اليمن، بـ«الغدر»، مؤكدين أن عليه تحمل التبعات بعدما وصفهم بـ«الميليشيات». وأفاد بيان للجان الشعبية التابعة للانقلابيين الحوثيين أنهم كـ«قوة شعبية وطنية في طليعة المعركة التاريخية إلى جانب الجيش في مواجهة عدوان هو الأخطر على اليمن، تأتي الطعنة من الظهر بأن توصف بأنها ميليشيا، فذلك هو الغدر بعينه». وبدأت الانقسامات بالظهور هذا الأسبوع بين زعيم الحوثيين عبدالملك الحوثي والرئيس السابق، بعدما تحالفا منذ عام 2014 ضد الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، حيث تبادلا الاتهامات بالغدر والفساد في خطابات متلفزة. وتتفاقم المخاوف حالياً من مخاطر اندلاع العنف في صنعاء مع عزم أنصار صالح الخروج في مسيرة اليوم لإحياء الذكرى الـ35 لتأسيس حزب المؤتمر الشعبي العام. وذكر الحوثيون في بيانهم، أمس، أن ما قاله صالح «تجاوز لخط أحمر»، مؤكدين أن «عليه تحمل ما قال، والبادئ أظلم»، بعدما وصفهم الرئيس السابق في خطاب الأحد بـ«الميليشيات». وازدادت حدة التوتر منذ أيام عدة في العاصمة اليمنية التي يسيطر عليها الحوثيون وأنصار صالح، وأشار شهود عيان إلى أن أنصار الطرفين كثفوا تواجدهم في صنعاء وحولها. وتجاوزت الخلافات بين حليفي الانقلاب الحوثيين وصالح الدوائر المغلقة، لتصل إلى اتهامات رسمية، إذ كشفت قيادات في حزب المؤتمر الشعبي العام بقيادة صالح حقيقة شراكتهم مع الحوثيين، ودور حكومة الانقلاب غير المعترف بها دولياً. فقد اتهم رئيس ما تسمى «اللجنة الثورية» محمد علي الحوثي، حلفاءه في الانقلاب، حزب المؤتمر الشعبي العام بقيادة صالح بممارسة الفساد، ودعا الحوثي لمحاسبة أنصار صالح على ما فعلوه خلال فترة حكمه التي امتدت 35 عاماً. ومن جهة أخرى، وجّه أمين عام الحزب رئيس الوفد التفاوضي باسمه، عارف الزوكا، انتقادات حادة للحوثيين، متهماً إياهم بنهب أربعة مليارات دولار من خزينة البنك المركزي، وهو الاتهام الذي لطالما وجهته الحكومة الشرعية، لكن الاتهام جاء هذه المرة على لسان حليفٍ رئيس للحوثيين أنفسهم. وأشار الزوكا إلى ما كانت تتحدث عنه تقارير سابقة بشأن سيطرة اللجنة الثورية التي تدرب قادتها في إيران ويرأسها محمد علي الحوثي، على مؤسسات الدولة في صنعاء ومحافظات أخرى، فيما بقي دور ما يسمى المجلس السياسي وحكومة الانقلاب بصنعاء صورياً ومجرداً من أي صلاحيات. وخلال التراشق الإعلامي بين الجانبين، كشف وزير الاتصالات في حكومة الانقلاب، جليدان محمود جليدان، أن قطاع الاتصالات فقط ورد إلى الخزينة العامة في البنك المركزي اليمني، منذ ديسمبر 2016، أكثر من 98 مليار ريال، مؤكداً بحديثه اتهامات صالح بنهب جماعة الحوثي للإيرادات العامة. وتكفي إيرادات الاتصالات التي أعلن عنها جليدان لصرف رواتب أربعة أشهر للموظفين في المناطق الخاضعة لسيطرة الانقلابيين. وغير جليدان كشف وزراء ومسؤولون موالون لصالح عن أرقام ومبالغ خيالية تقوم الميليشيات الحوثية بنهبها وترفض توريدها للبنك المركزي. وقد دعت هذه التصريحات بناطق جماعة الحوثي محمد عبدالسلام، إلى التهديد بفتح ملفات فساد صالح وقيادات حزبه، في حين طالب رئيس ما يسمى اللجنة الثورية محمد الحوثي بمحاسبة الرئيس السابق على 35 عاماً من الفساد والنهب في السلطة. ويبدو أن الحوثيين مستمرون في إجراء تعيينات وقرارات عسكرية بعيداً عن صالح، في ظل تصاعد التوتر بينهما أخيراً، وآخر هذه التعيينات أصدرها القيادي الحوثي صالح الصماد بصفته الشخصية لا بصفته الرسمية في ما يسمى «المجلس السياسي». وعيّن الصماد المسؤول العسكري في جماعته المتمردة عبدالله الحاكم، المدرج اسمه في قائمة عقوبات مجلس الأمن، رئيساً جديداً لما يسمى «هيئة الاستخبارات» في وزارة الدفاع. إلا أن عسكريين يرون تعيين الحاكم الذي تدرب في إيران بهذا المنصب، تدشيناً لمرحلة جديدة للحوثيين، موجهة ضد القيادات العسكرية الموالية للرئيس السابق صالح.
مشاركة :