استمرار علاقة بريطانيا بمحكمة العدل الأوروبية يقلق أنصار بريكستكشف التقرير البريطاني الأخير الذي قدمته الحكومة البريطانية كرؤية مستقبلية تناول العلاقات مع دول الاتحاد الأوروبي في مرحلة ما بعد الخروج البريطاني عن تراجع لندن عن موقفها المتشدد في ما يخص قضية حقوق المواطنين الأوروبيين، حيث ألمحت بأن التعاون المستقبلي في مجال القضاء المدني يجب أن يأخذ في الاعتبار بعض النفوذ لمحكمة العدل الأوربية أثناء الفترة الانتقالية، فيما اعتبرت المعارضة أن مثل هذا الإقرار انحياز عن أبرز أهداف البريكست.العرب [نُشر في 2017/08/24، العدد: 10732، ص(5)]مهمة شاقة لندن - أثارت قضية المواطنين الأوروبيين وتلميحات الحكومة البريطانية بتعامل غير مباشر مع محكمة العدل الأوروبية بعد ترتيبات المغادرة النهائية من البيت الأوروبي جدلا وانتقادا من قبل مؤيدي وأنصار بريكست بجهة التمهيد للتراجع عن أبرز أهداف الخروج البريطاني. ورفضت الحكومة البريطانية أن يكون لمحكمة العدل الأوروبية أي سلطة قضائية مباشرة بعد بريكست، بحسب ما أعلنت عنه الثلاثاء، وهو ما اعتبرته المعارضة تراجعا عن الدعوات لقطع العلاقات معها بشكل كامل. وأصرّ الاتحاد الأوروبي مرارا على ضرورة استمرار السلطة القضائية للمحكمة الأوروبية العليا لعدة أسباب، بينها حماية حقوق المواطنين الأوروبيين المقيمين في بريطانيا. إلا أن الحكومة البريطانية رفضت ذلك في محادثات بروكسل الأخيرة في يونيو الماضي. وقال روبن وولكر العضو في الوزارة البريطانية المكلفة بخروج بريطانيا من الاتحاد إن “بلاده لا تريد الاعتراف بصلاحية محكمة العدل الأوروبية في هذا الشأن”. وأشار متابعون إلى أن قضية حقوق المواطنين الأوروبيين كشفت عن أول الانشقاقات بعد البريكست بين بروكسل ولندن، حيث أرادت دول الاتحاد الأوروبي أن يحفظ مواطنوها حقوقهم في بريطانيا من خلال محكمة العدل الأوروبية، الأمر الذي استبعدته رئيسة الحكومة البريطانية تيريزا ماي في محادثات بروكسل الأخيرة. وبدت الزعيمة المحافظة التي تكافح لاستعادة سلطتها بعد خسارتها الغالبية في الانتخابات المبكرة في بريطانيا من خلال الخطط التي عرضتها مع نظرائها الأوروبيين في مسار تصادميّ مع بروكسل. فهي لم تحدد موعداً نهائياً لمن يحقّ له الإقامة الدائمة من الأوروبيين على الأراضي البريطانية، ورفضت طلباً بأن تنظر محكمة العدل الأوروبية في مسائل حقوقهم والإشراف عليها. لكن الموقف البريطاني المتشدد تراجع الآونة الأخيرة حيث خاطبت لندن الأوروبيين بلهجة أقل حدة في طرحها لمستقبل العلاقات الأوروبية بعد الخروج، حيث أكدت بريطانيا في أحدث تقاريرها لوضع رؤية للعلاقات المستقبلية مع الاتحاد الأوروبي اعتزامها الخروج عن دائرة الاختصاص المباشر لمحكمة العدل الأوروبية، لكنها قالت “إن الحكومة تتفهم أن التعاون المستقبلي في مجال القضاء المدني يجب أن يأخذ في الاعتبار الترتيبات القانونية الإقليمية مثل محكمة العدل الأوربية”. ووضعت الحكومة البريطانية الأطر لاقتراحات أكثر شمولا قبيل جولة ثالثة من المفاوضات بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا ستنطلق في بروكسل الأسبوع المقبل. وقالت بريطانيا إنها “تريد التوصل لاتفاق يحاكي بدقة النظام الراهن المطبق في الاتحاد الأوروبي، ويوفر أساسا قانونيا واضحا لدعم الأنشطة عبر الحدود، بعد خروج بريطانيا”. وأفادت الحكومة البريطانية الثلاثاء، قبل نشر الوثيقة الكاملة، “ليس من المهم أو المناسب بأن تكون لمحكمة العدل الأوروبية سلطة قضائية مباشرة على دولة غير عضو، سيكون الترتيب من هذا النوع غير مسبوق”. وأشارت بريطانيا إلى “وجود طرق لحل النزاعات في المجتمع الدولي، دون أن يكون لمحكمة العدل الأوروبية سلطة قضائية مباشرة”.تشوكا أومونا: إنهاء السلطة القضائية المباشرة فقط يمهد الطريق أمام نوع من التراجع ودفع تركيز وزارة بريكست على استخدام مصطلح “سلطة قضائية مباشرة” أحزاب المعارضة إلى الحديث عن تخفيف الحكومة من حدة موقفها وبأنها قد تقدم اقتراحات تسمح بأن يكون لمحكمة الاتحاد الأوروبي بعض النفوذ مستقبلا في النظام القضائي البريطاني. وقال النائب عن حزب العمال المعارض تشوكا أومونا إن “التحول المفاجئ للأهداف إلى إنهاء السلطة القضائية المباشرة فقط لمحكمة العدل الأوروبية يشير إلى أنهم يمهدون الطريق أمام نوع من التراجع”. وأما فينس كابل، زعيم حزب الديمقراطيين الأحرار، وهو حزب معارض صغير يؤيد البقاء في الاتحاد الأوروبي، فاعتبر أن الاقتراحات “معقولة وتراجع طال انتظاره”. وقال في بيان “يبدو أن الحكومة قبلت متأخرة بأنه لن يكون من الممكن إنهاء نفوذ محكمة الاتحاد الأوروبي في بريطانيا دون الإضرار بتعاوننا في مجالات التجارة الحرة والأمن”. وكان إنهاء السلطة القضائية لمحكمة العدل الأوروبية في بريطانيا بين المسائل الأساسية التي دافع عنها أنصار بريكست قبل استفتاء العام الماضي بشأن الخروج من التكتل، إلى جانب الدعوات إلى ضبط الهجرة إلى البلاد. ودعا الوزير المكلف بملف انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ديفيد ديفيس الاتحاد الأوروبي الأحد إلى التخفيف من حدة موقفه بضرورة إحراز تقدم في ما يتعلق بالتوصل إلى اتفاق بشأن عملية الانسحاب قبل بحث العلاقات المستقبلية. وبعد بداية بطيئة للمفاوضات التي ستنهي أكثر من 40 عاما من ارتباط بريطانيا بالاتحاد، تضغط لندن من أجل إجراء محادثات تتركز على فترة ما بعد الانسحاب لطمأنة الشركات حول الأوضاع بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في مارس 2019. وقال ديفيس إن الحكومة البريطانية ستصدر خمس مذكرات جديدة تتضمن الخطوط العريضة لاقتراحاتها حول العلاقات المستقبلية، من بينها كيفية حل أي نزاع في المستقبل دون التقيد بالاختصاص المباشر لمحكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي. وكتب ديفيس في صحيفة صنداي تايمز “أنا على يقين من أن الجولة الأولى من المحادثات قد كشفت بالفعل أن العديد من الأسئلة حول انسحابنا ترتبط ارتباطا وثيقا بعلاقاتنا المستقبلية”. وقال مسؤولون في الاتحاد الأوروبي إنه لا بد من إحراز تقدم كاف في المرحلة الأولى من المحادثات في ما يتعلق بحقوق المغتربين وحدود بريطانيا مع إيرلندا الدولة العضو في الاتحاد الأوروبي والتسوية المالية، قبل النظر في موضوع العلاقات المستقبلية. ولم تسفر المفاوضات بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي، التي بدأت أواخر يونيو الماضي، عن نتائج ملموسة، وطلبت بروكسل من لندن تقديم موقف واضح حول قضايا رئيسية بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بحلول نهاية أغسطس الجاري. ورفضت بروكسل بدء مفاوضات حول العلاقات في فترة ما بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي حتى يتم تسوية القضايا العاجلة.
مشاركة :