باتت البحيرات المتجمدة الواقعة على قمم جبال كاتشكار في منطقة البحر الأسود في شمال تركيا نقطة جذب تحتل مكانا بارزا بين المعالم السياحية الجاذبة للزوار المحليين والأجانب في تركيا، ولا سيما العرب، خلال السنوات الأخيرة. توجد هذه البحيرات في الحديقة الوطنية أعلى جبال كاتشكار التي يصل أقصى ارتفاعاتها إلى 3 آلاف و937 مترا، والممتدة بين محافظتي ريزه وأرتفين في شمال تركيا. وتتميز الحديقة بطبيعتها الغنية، وقممها التي تغطيها الثلوج طوال العام، وبحيراتها المتجمدة، ومجاريها المائية، وتمتد على مساحة 52 ألفا و970 هكتارا من الأراضي، وتضم عددا كبيرا من الوديان الجليدية، و31 بحيرة جليدية معروفة الأسماء، بالإضافة إلى أكثر من مائة بحيرة جليدية صغيرة لا تحمل أسماء. وتقع تلك البحيرات على ارتفاعات تتراوح بين ألفين و700 و3 آلاف و700 متر، وهو ما يجعلها متجمدة معظم شهور السنة، ويعد أطول الوديان الجليدية الواقعة في جبال كاتشكار هو وادي «إلاويت تكناسي»، حيث يبلغ طوله 12 كيلومترا، كما توجد 4 وديان جليدية أخرى طول كل منهما نحو 10 كيلومترات. وتمنح جبال كاتشكار الفرصة للباحثين عن السياحة البديلة، ومن يمارسون رياضة تسلق الجبال في فصل الصيف، وتكون مياه البحيرات المتجمدة بمثابة مكافأة في نهاية الرحلة الشاقة التي يقطعها المتسلقون للوصول إلى القمم الجبلية، بمياهها التي تتراوح درجة حرارتها صيفا بين 5 و10 درجات مئوية حيث يقفزون للاستمتاع بالسباحة فيها. ويكون النزول إلى مياه البحيرة الباردة صعبا في البداية، فيبدأ من يريدون السباحة فيها بلمس المياه بأرجلهم وأيديهم قبل أن يستجمعوا قواهم ويقفزون للسباحة، ومن لا يقدر على نزول هذه المياه الباردة فإنه يكتفي بغمس يديه وقدميه في الماء والاستمتاع بإحساس الراحة والانتعاش. وتزدان البحيرات والمنطقة المحيطة بها بمناظر طبيعية غاية في الجمال والروعة، وتبدو في شكلها العام كلوحات فنية تصنع رحلة أشبه بالخيال. ويستمتع من يفضلون قضاء الليل في منطقة البحيرات المتجمدة بمنظر السماء الصافي التي تسطع فيها النجوم وتبدو أقرب مما هي على الأرض في الأسفل. وتبدو بحيرة «بويوك دنيز» أو (البحر الكبير) في منطقة يوسف إيلي بمحافظة أرتفين بمثابة عين كبيرة زرقاء لامعة وسط الجبال، وهي تعد من بين أكثر البحيرات ارتفاعا في تركيا، ويمكن الوصول إليها بعد مشي لمدة 6 ساعات من قرية «يايلالار» في يوسف إيلي. ويضرب الزائرون في العادة خيامهم في منطقة «ديلبار دوز»، حيث يمضون الليل ثم يبدأون التسلق مكملين رحلة الصعود إلى البحيرات في الرابعة فجرا. وقال دوران ألطونباش، أحد الأتراك ممن استهوتهم فكرة الصعود إلى البحيرات لوكالة الأناضول: «كنت أرغب دائما في زيارة هذا المكان، وظللت لسنين أعيش على هذا الحلم، حيث كنت أشاهده في البرامج والأفلام الوثائقية، وأتيت لزيارته في أول فرصة أتيحت لي، أعجبتني الجولة كثيرا، خصوصا البحيرة المتجمدة، إذ إنني أحب الماء جدا». وقال أحد السائحين الكويتيين إنه سعيد جدا بهذه التجرية وأخذته روعة المكان، كما أنه لم يخش برودة المياه في البحيرات المتجمدة ونزل للسباحة فيها.
مشاركة :