ألقى الرئيس اليمني السابق كلمة وسط حشد ضخم لأنصاره بصنعاء عرض فيها رفد جبهات القتال ضد قوات الحكومة المعترف بها دولياً و«التحالف العربي» بعشرات الآلاف لكنه اشترط على حلفائه «أنصار الله» توفير الرواتب للمقاتلين، الأمر الذي كشف مواجهة الحوثيين «معضلة مربكة» مع مواصلتهم التعنت تجاه إيجاد حل سلمي للنزاع وعجزها عن توفير الدعم المالي لتمردهم. وسط توقعات بتصعيد عسكري بين طرفي الانقلاب في اليمن في الأيام المقبلة، أحيا مئات آلاف اليمنيين من مناصري الرئيس السابق علي عبدالله صالح في صنعاء، أمس، الذكرى الـ35 لتأسيس حزبه، في استعراض كبير للقوة جاء في ظل توتر بين صالح والمتمردين الحوثيين المسيطرين على العاصمة. ومن خلف زجاج مضاد للرصاص، تحدث صالح أمام أنصاره الذين أتوا من عدة محافظات، إلى ساحة السبعين، حاملين أعلام اليمن ولافتات التأييد لزعيم حزب «المؤتمر الشعبي العام». ووسط هتافات «بالروح بالدم نفديك يا يمن»، سار صالح بين الشخصيات المحتشدة في المنصة الرئيسية، حتى وصل إلى موقع ألقاء كلمته، وإلى جانبه مسلحون ملثمون ارتدوا الزي العسكري. وتجنب الرئيس السابق (75 عاماً) في كلمته انتقاد الحوثيين، وتناول شعبية الحزب الذي يقوده في محاولة لإظهار نفوذه الكبير والمستمر في الحياة السياسية، غير أنه كشف في كلمته عجز الحكومة المشكّلة بينه وبين الحوثيين بالمناصفة عن توفير الدعم المالي للتمرد المسلح ضد حكومة الرئيس عبدربه منصور هادي و«التحالف العربي» الذي تقوده السعودية. ودعا صالح مؤيديه إلى «الصبر والصمود»، مؤكداً أنه على استعداد لـ«رفد الجبهات بعشرات الآف المقاتلين» لمواجهة قوات «الفار هادي». وأشار إلى أن حزبه أرسل «متطوعين من المقاتلين إلى الجبهات» وشدد على استعداده أن يرسل الآن «الجيوش الموجودة في حزب المؤتمر في كل المحافظات»، لكنه اشترط على الحكومة التي يقودها الحوثيون تأمين الرواتب للمقاتلين لافتاً إلى أن رجاله يمتلكون العتاد والسلاح. وجاء اشتراط صالح ليعكس حجم الصعوبات التي تواجه جماعة «أنصار الله» الحوثية، المتهمة بـ»التعنت» تجاه الوصول إلى حل سلمي عبر المفاوضات، بتأمين رواتب المقاتلين لمواصلة تمردها المسلح في وقت تلوح بوادر قوية لتصدع تحالفها مع «المؤتمر». وذكر الرئيس السابق بتاريخ انتصار الثورة اليمنية التي أنهت حكم الإمامة الزيدية في اليمن، وهو ما اعتبره مراقبون إشارة غير مباشرة لمواجهة تطلعات الجماعة الحوثية المدعومة من إيران والمتهمة بمحاولة فرض نظام مشابهة لحكم المرشد الأعلى في اليمن. نفوذ وتحذير وعكست أعداد المناصرين النفوذ الكبير الذي لا يزال يتمتع به صالح و«المؤتمر»، الحزب القومي الذي حافظ على حضوره القوي رغم النزاع المسلح وحركة الاحتجاج التي أجبرت زعيمه قبل خمس سنوات في فترة «الربيع العربي» على مغادرة السلطة بعدما حكم البلد الفقير عقوداً. وتوجه تظاهرة، أمس، الحاشدة رسالة تحذير إلى المتمردين الحوثيين بعدما هدد هؤلاء صالح إثر وصفه لهم بـ»الميليشيا»، في ظل تصدع «حلف الضرورة» بين الطرفين واحتمال فك شراكة بنيت على فكرة مواجهة السلطة المدعومة من الرياض والمستقرة في عدن جنوباً. ودفعت الأوضاع المتردية في العاصمة اليمنية آلاف الأشخاص أمس، إلى المشاركة في تظاهرة احتجاجا على الظروف المعيشية. وهتف بعضهم «لا حوثي بعد اليوم». وظهرت إلى العلن بوادر انشقاق بين صالح والمتمردين الشيعة بعدما اتهمه هؤلاء بـ»الغدر»، مؤكدين أن عليه تحمل تبعات وصفه لهم بـ»الميليشيا». تفادي الصدام وتحسباً لهذا التجمع الذي نظم في ظل التوتر غير المسبوق بين الطرفين منذ سيطرة الحوثيين على صنعاء في سبتمبر 2014، أقام الحوثيون عدة نقاط تفتيش عند مداخل صنعاء لكن بدون منع أنصار صالح من التوجه إلى الساحة. كما تعاونوا مع رجال الأمن الموالين لصالح من أجل تسهيل مرور الحشود. ونجح زعيم «أنصار الله» عبدالملك الحوثي في تفادي صدام مسلح كان متوقعاً في العاصمة بين أنصاره وأتباع صالح من خلال بيان مقتضب مساء أمس الأول، دعا فيه ميليشياته إلى ضبط النفس والمساعدة في تنظيم احتفال «المؤتمر» لـ»عدم إنجاح ما وصفها بالمؤامرات والمكائد الخارجية». وباستثناء مواجهات محدودة بالأيدي بين عدد من المشاركين في المهرجان وعناصر من الحوثيين وإطلاق نار في الهواء لتفريقهم، لم يشهد التجمع حوادث أمنية كبرى. في السياق، استغلت كوادر بحزب «المؤتمر» التجمع الحاشد في ميدان السبعين أمس لإعادة طرح فكرة «توريث نجل صالح»، العميد أحمد، وطرحه مرشحاً رئاسياً لإنقاذ اليمن. «رفض مؤتمري» وبينما ابتعد صالح عن توجيه الانتقادات المباشرة، بدا الأمين العام لحزب «المؤتمر»، عارف الزوكا، أكثر وضوحاً عندما هاجم في كلمته «الفساد والعجز عن تحصيل الإيرادات والخلل في النظام المالي العام». ودعا حكومة المتمردين إلى «تحمل مسؤولياتها والوفاء بالتزاماتها»، مشدداً على أن حزبه يرفض أن تكون شراكته مع الحوثيين «مجرد ديكور». فشل واغتيال في المقابل، تجمع العشرات من أنصار الجماعة المتمردة عند نقاط متفرقة ومحدودة بمداخل العاصمة صنعاء تلبية لدعوة رئيس «المجلس الثوري» محمد الحوثي التي أطلقها لمواجهة أنصار صالح. وأفادت تقارير يمنية بتعرض الرئيس السابق إلى محاولة اغتيال من قبل عناصر محسوبة على الحوثيين بجوار منزله قبل توجهه إلى ساعة السبعين أمس. تعليق وخيبة وعقب كلمة صالح، قال نائب رئيس الجمهورية الفريق الركن علي محسن الأحمر على موقعه بـ»فيسبوك» إن «طهران مهما دعمت أذيالها ومخالبها بصواريخها وعتادها فلن تنجح»، في إشارة لجماعة الحوثي والرئيس السابق. وعبرت أوساط محسوبة على حزب «المؤتمر» عن خيبة أملها تجاه كلمة الرئيس السابق بعدما كانت تتوقع إعلانه بشكل صريح فك الارتباط والتحالف مع الحوثيين. اعتراض ومعارك إلى ذلك، اعترضت منظومة التحالف العربي، مساء أمس الأول، صاروخاً باليستياً أطلقه المتمردون باتجاه مدينة المخا، الخاضعة لسيطرة القوات الحكومية غربي البلاد. وتجدد القصف المدفعي في كهبوب وكرش شمال محافظة لحج الجنوبية، بين الحوثيين والقوات الحكومية. في سياق آخر، اغتال مسلحون مجهولون عضواً في «المجلس الانتقالي الانفصالي» التابع لمحافظ عدن المقال عيدروس الزبيدي في محافظة الضالع.
مشاركة :