كثيراً ما تترامى إلى مسامعنا بعض محادثات في مكاتب العمل، التي تحيل إلى أن أحدهم عاد من رحلة طويلة وقد أصابته وعكة صحية. وفي الأثناء، يسارع زملاؤه لإخباره أنه قد تعرض لإحدى الجراثيم التي تنتشر في الطائرات. ومن المرجح أن أحدهم قد نقل معه تلك الجراثيم إلى الطائرة، قبل أن تنتشر في أجوائها وتصيب باقي المسافرين. وفي هذا الصدد، أكد باحثون في جامعة ولاية أريزونا وجامعة ولاية فلوريدا، فضلاً عن جامعة إمبري ريدل للطيران بالمملكة المتحدة أن الطريقة التي يصعد من خلالها المسافرون إلى الطائرات قد يكون لها دور كبير في انتشار الأمراض المعدية. وافترض الباحثون ضمن إحدى الدراسات إمكانية انتشار فيروس إيبولا، على سبيل المثال، بين المسافرين، ومدى ارتباط ذلك بمختلف المراحل التي يمر بها الركاب حتى يستقروا في نهاية المطاف في مقاعدهم على متن الطائرة. وبحسب مجلة البريطانية، تتمثل الطريقة التقليدية التي يصعد بها الركاب إلى الطائرة، في تقسيم الطائرة إلى ثلاثة أجزاء، وصعود الركاب من الأمام إلى الخلف. ونتيجة لذلك، يصبح هناك احتمال بنسبة 67 % أن يصاب نحو 20 مسافراً بفيروس الإيبولا، شهرياً. ويُعزى ذلك إلى أن الركاب وفي ظل هذه الطريقة التقليدية لركوب الطائرة، يكونون متجمعين بشكل مكثف، في انتظار أن يقوم الركاب الذين سبقوهم إلى داخل القمرة بوضع حقائبهم في أماكنها. من جانبهم، يقترح الباحثون حلاً لمعالجة هذا الخلل، إذ يقتضي الأمر تقسيم الطائرة إلى جزئين فقط، في حين يجب السماح للركاب بالصعود بشكل عشوائي. وفي هذه الحالة ستتراجع نسبة احتمال إصابة 20 شخصاً بأي نوع من الفيروسات شهرياً إلى 40%. كما قد يسرع ذلك في إجراءات الصعود على متن الطائرة. حجم الطائرة يؤثر في سرعة انتشار الفيروسات في المقابل، كشفت الدراسة أن عملية إخلاء الطائرة ليست مهمة جداً، طالما أنها تجري وفقاً لنسق سريع، ولكن يبقى هناك عامل أساسي آخر فيما يتعلق بإمكانية انتشار الفيروسات، ألا وهو حجم الطائرة. ففي الواقع، تعد مخاطر انتشار الجراثيم في الطائرات الصغيرة، التي لا يتجاوز عدد مقاعدها 150 مقعداً محدودة، مقارنة بالطائرات الضخمة. ويعزى ذلك إلى أن عملية الصعود إلى الطائرات الكبيرة، والاستعداد للتحليق، تستغرق الكثير من الوقت، بالإضافة إلى الفوضى التي عادة ما تنجم بسبب العدد الكبير للركاب، الأمر الذي سيزيد حتماً من خطورة التعرُّض للجراثيم. على ضوء هذه المعطيات، وعند انتشار فيروس ما، على غرار وباء إيبولا الذي تفشَّى في غرب إفريقيا بين عامي 2014 و2016، لن يمثل السفر بالطائرة من وإلى تلك المناطق خطراً يذكر، في حال اتُّخذت الاحتياطات والإجراءات المناسبة. ويقول أحد الباحثين في موقع جامعة أريزونا، إن، "اعتماد الطائرات الصغيرة خلال فترة انتشار الجراثيم، بدلاً من الطائرات الضخمة، قد يخفض بشكل كبير من نسبة الإصابة بها". على العموم، يأمل الباحثون في أن يتم العمل بنصائحهم على نطاق واسع، فضلاً عن أن يسهم مقترحهم في القضاء على الإيبولا وبعض الأوبئة الأخرى، على غرار الإنفلونزا، أو في حث المسؤولين على وضع مخططات جديدة للسفر الجماعي، خاصة بالنسبة للطائرات الضخمة.أكثر الأماكن تلوثاً على متن الطائرة الاختبارات التي أجراها الموقع المتخصص بالسفر كشفت على وجود مكان مثقل بالبكتريا ربما لم يخطر على بالك التفكير فيه: ذلك المكان هو فتحة الهواء الموجودة أعلى رأسك والتي يجب عليك لمسها لضبطها. أرسلت ترافل ماث متخصص في علم الأحياء الدقيقة لاختبار خمسة مطارات وأربع طائرات للبكتيريا، ووجدت أن فتحة الهواء تلك تحتوي على 285 وحدة مكونة من مجموعة من البكتيريا لكل 2.54 سنتيمتر مربع (1 بوصة مربع). ولا يزال يعد ذلك قليلاً مقارنة مع طاولات الطعام التي يمكن أن تحتوي على 2155 وحدة مكونة من مجموعة من البكتيريا لكل 2.54 سنتيمتر مربع (1 بوصة مربع)، والتي احتلت مكان الصدارة خلال الاختبارات التي أجريت في الكشف عن المكان الأكثر قذارة على متن الطائرة. ولكن مع ذلك فإن فتحات الهواء تحتوي على عدد أكبر من البكتيريا من زر تدفق الماء بالمرحاض، الذي احتوى على 265 وحدة مكونة من مجموعة من البكتيريا لكل 2.54 سنتيمتر مربع (1 بوصة مربع).
مشاركة :