احتكار غوغل وفيسبوك لكم المعلومات الهائل يهدد الديمقراطيةيطالب الإعلامي البريطاني جون سنو بوضع حد لهيمنة غوغل وفيسبوك على المعلومات، وإجبارهما على الدفع مقابل استغلالهما للصحافة التقليدية، في حين لم تبذل هذه الشركات جهودا كبيرة لمحاربة الأخبار الكاذبة التي تهدد الديمقراطية.العرب [نُشر في 2017/08/25، العدد: 10733، ص(18)]للانتشار ضريبة يجب أن تدفعها فيسبوك لندن – انضم إعلامي بريطاني بارز إلى الأصوات الكثيرة المحذرة من الانتشار الواسع للأخبار الكاذبة حول العالم، وأشار بأصابع الاتهام إلى وسائل التواصل الاجتماعي البارزة، مبديا عدم قناعته بالجهود التي تبذلها شركات الإنترنت لمحاربة الشائعات، ومدى جديتها في هذا المجال. واتهم جون سنو المذيع في القناة البريطانية الرابعة، فيسبوك بالمسؤولية عن نشر أخبار كاذبة على نطاق واسع، واصفا عدم قدرة الموقع الشهير على مواجهة ذلك بأنه “تهديد خطير للديمقراطية”. وجاء ذلك خلال كلمة ألقاها الصحافي المخضرم أمام مهرجان التلفزيون الدولي في إدنبرة. وأضاف سنو أن غوغل وفيسبوك احتكرا صناعة الأخبار وقواعد البيانات، وهو ما ألحق خسائر كبيرة بكثير من الصحف والقنوات التلفزيونية. وقال أن كلا من الشركتين تتمتعان بقوة كبيرة ولم يسبق أبدا، منذ ظهور الصحافة المطبوعة، أن احتكرت شركتان كبيرتان هذا الكم الهائل من المعلومات. ويستهدف سنو بكلماته انتقاد زوكربيرغ، الرئيس التنفيذي لشركة فيسبوك، بطريقة قاسية، وقال “إن مبادئ شركة فيسبوك تتغير وفقا لأهواء زوكربيرغ”. ويعترف سنو بالخدمة الكبيرة التي قدمتها مواقع الإعلام الاجتماعي، إلى وسائل الإعلام التقليدية، في الوصول إلى شرائح من الشباب كان يصعب الوصول إليها لكن انتشار الأخبار الكاذبة التي يتفاعل المستخدمون معها لم يتم وضع حد له. وزعم المذيع البريطاني أن فيسبوك تخلى عن واجبه الأخلاقي للقضاء على الأخبار والقصص المزيفة التي انتشرت مؤخراً كالسرطان، مشيراً إلى أحد الأخبار المزيفة التي ادعت أن البابا قد أجاز رئاسة دونالد ترامب للولايات المتحدة، والتي لاقت تفاعل مليون مستخدم على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك.جون سنو: نادرا ما يتم شرح المبادئ العامة لفيسبوك التي تتغير وفقا لأهواء زوكربيرغ واقترح أن تطلب الدول المزيد من الضرائب من هاتين الشركتين في سبيل دعم وتمويل الصحافة التي تتسم بالمهنية، ولا بد من إيجاد طريقة تضمن إلزام تلك الكيانات الضخمة بالدفع. وتابع أن مواقع التواصل “تستخدم نفس الخوارزميات التي تعطي الأولوية لنشر العديد من التقارير الحقيقية والصادقة في بلادنا، لتعطي الأولوية أيضا لنشر التزييف على نطاق واسع”. ويقع على عاتق فيسبوك واجب أخلاقي في إعطاء الأولوية للمصداقية عن سرعة الانتشار. فهذا هو أساس بناء الديمقراطية، التي من الممكن أن تتعرض لخطر مباشر إذا تقاعس فيسبوك عن عمل واجبه في هذا الشأن. ووجه سنو نقدا لاذعا لمؤسس فيسبوك بالقول “نادرا ما يتم شرح المبادئ العامة لفيسبوك بالتفصيل، بل ويمكن أن تتغير بين عشية أو ضحاها وفقاً لأهواء السيد زوكربيرغ الذي يقول دائماً إنه يهتم بالأخبار. فهل يفعل ذلك حقاً؟ أم إنه يهتم بزيادة عدد مستخدمي فيسبوك فقط؟”. ويعتقد الإعلامي البريطاني أيضا أنه ينبغي إجبار فيسبوك وغوغل على دفع ثمن الصحافة التي يستفيدان منها مجانا، على حساب آخرين قاموا بجمع هذه المواد الصحافية بتكلفة مرتفعة. وأضاف سنو “تستفيد فيسبوك من تلك الأخبار والمواد الصحافية دون أن تدفع مقابل ذلك. وهذا غير ممكن بالطبع، ولكن يتعين على الحكومات والاتحاد الأوروبي والجهات الأخرى التصرف والقيام بدور أكبر لإجبارها على الدفع”. وادعى سنو أن محدودية انتشار الصحافة المحلية، نتيجة للإعلانات التي تحولت إلى غوغل وفيسبوك، هي المسؤولة عن قطع العلاقات الاجتماعية، مشيراً إلى التحذيرات التي نشرها سكان برج غرينفيل على الإنترنت قبل نشوب الحريق، والتي فشلت في لفت نظر مجلس حي كنسينغتون وتشيلسي كدليل على ذلك. وقال سنو “في بريطانيا التي من الواضح أنها تتفكك مع مرور الأيام، نتعامل بأريحية مع طبقات النخبة، ولكن بغير وعي أو تواصل مع أولئك الذين لا ينتمون إلى هذه الطبقة. قصة سكان غرينفيل كانت موجودة ونُشرت على الإنترنت وكانت صادمة بالفعل. كان كل شيء واضحاً جلياً أمام أعيننا، ولكننا لم نعد نرى. ويرى سنو أن ثورة وسائل الإعلام الرقمية لم تملأ الفراغ الذي خلفه اندثار صناعة الصحف المحلية، ولم يربطنا حتى بالمُهمشين والمحرومين والمُستبعدين. في الواقع، أدى الاحتكار المعلوماتي التي تمارسه شركتا فيسبوك وغوغل إلى إضعاف الإيرادات الرقمية في السوق والتي علق عليها الكثيرون آمالاً في أنها ستحافظ على جودة الصحافة لسنوات قادمة. نحن الآن بحاجة إلى العمل معاً لإيجاد طريقة دعم أخرى قبل فوات الأوان”. وأكد سنو، الذي اتُهم بانحيازه لليسارية، على أنه ينتمي إلى طبقة النخبة قائلاً “لم أكن بحاجة يوماً إلى التملق لتلك الطبقة، فأنا وُلدت فيها”، موضحاً أن والده كان أسقفا ومدير مدرسة حكومية في ساسكس. وجده، الجنرال السير توماس دويلي سنو، وتلقى تعليمه قديماً في جامعة إيتون كما ساهم في حملة الإغاثة بالخرطوم. ولا تعتبر هذه الاتهامات جديدة بالنسبة إلى شركة فيسبوك، التي أقرت في وقت سابقا بأنها أصبحت ساحة معارك لحكومات تسعى لاستغلال الرأي العام في دول أخرى. ونفذت فيسبوك حملات مؤخرا ضد الأخبار الزائفة وصفحات تنشر مواد إعلانية ورسائل سياسية غير مرغوب فيها. وأصدرت “دراسة حالة” حول الانتخابات الرئاسية الأميركية، خلص فيها فريق فيسبوك إلى أن شخصيات زائفة على فيسبوك نشرت رسائل بريد مسروقة ووثائق أخرى في إطار مسعى منسق نسبته المخابرات الأميركية إلى روسيا.
مشاركة :