كتبت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية أن السلطات الإسرائيلية سحبت المواطنة من آلاف المواطنين العرب في النقب، ضمن خطة هادئة تحت حجج مختلفة. وبحسب مركز «عدالة» الحقوقي، المدافع عن حقوق العرب في إسرائيل، وعضوة الكنيست عايدة توما، فإن الداخلية الإسرائيلية بدأت منذ عام 2010 سياسة تُجرّد بها المواطنين العرب في صحراء النقب من جنسيتهم الإسرائيلية بشكل مبهم. ووجد كثير من البدو أنفسهم دون مواطنة بعدما راحوا يقصدون مكاتب وزارة الداخلية الإسرائيلية لأهداف روتينية كالتسجيل أو إضافة الأولاد إلى الهوية، أو حتى تجديدها أو إصدار جواز سفر. وذكرت الصحيفة أن موظف الداخلية الذي يستقبل المواطنين البدو لإجراء المعاملات يغيّر تعريفهم من مواطنين إلى مقيمين، ويخبرهم بسحب جنسيتهم لأنها «مُنحت لهم عن طريق الخطأ»، ويدعوهم إلى تقديم طلب إلى السلطات لاستعادتها. وأحد مسلوبي المواطنة هو محمود الغريبي من عشيرة العزازمة في منطقة بئر السبع، ولديه 12 ولداً من زوجتين. وقال الغريبي إنه توجّه إلى مكتب وزارة الداخلية من أجل تجديد بطاقة هويته، فوجد أن المواطنة سُحبت منه. وأضاف: «لم يشرحوا لي ما هو الخطأ وماذا يعني ذلك. ومنذ ذلك الوقت قدمت 10 طلبات، وفي كل مرة كنت أتلقى رفضاً». وقال مسلوبو المواطنة ومواطنون آخرون مطلعون على هذه الظاهرة للصحيفة، إن موظفي وزارة الداخلية يسلبون المواطنة خلال لحظة. وقالت الناشطة الحقوقية ياعيل أغمون، من بلدة يروحام، التي ترافق البدو إلى وزارة الداخلية لدى طلبهم استصدار بطاقة هوية أو جواز سفر، وكانت شاهدة على ممارسات الداخلية: «هنا يفقد الناس مواطنتهم خلال ثانية. وبعد ذلك يواجهون عملية بيروقراطية لا نهاية لها». وقالت الصحيفة إن المحامية سوسن زهر، من مركز «عدالة»، توجهت إلى وزير الداخلية الإسرائيلي، أرييه درعي، والمستشار القضائي للحكومة، أفيحاي مندلبليت، وطالبت بإلغاء هذه السياسة ضد عرب النقب. ووفقاً لزهر فإن هذه السياسة تمارس منذ عام 2010 على الأقل. وتبين أن قسماً من البدو كانوا يحملون المواطنة لـ20 أو 30 أو حتى 40 عاماً، وصوتوا في الانتخابات وسددوا الضرائب، وفجأة سُلبت المواطنة منهم ولم يعودوا يحملون الجنسية، بحسب ما يذكر مركز «عدالة». وقالت المحامية زهر إن «كثيراً من طلبات الحصول على المواطنة، أو الجنسية تُرفض بسبب نقص في الوثائق أو ماضٍ جنائي، علماً بأنه ليس ذريعة لرفض منح المواطنة، أو بسبب عدم معرفة اللغة العبرية. ويوجد بين مسلوبي المواطنة أشخاص ولدوا في إسرائيل لوالدين يحملان المواطنة وأصبحوا الآن مقيمين دائمين، بينما بقيت المواطنة مع الوالدين. وهناك من حضر إلى مكتب وزارة الداخلية من أجل تجديد سريان جواز سفره الإسرائيلي من أجل تأدية مناسك الحج، وعندها يتم إبلاغه بسحب المواطنة منه». ودعا النائب طلب أبو عرار، في رسالة بعثها إلى درعي، إلى «إعادة حالة (مكانة) كل مواطن ممن قام موظفو الداخلية في مكتب بئر السبع، بسحب جنسيتهم»، مضيفاً أن «سحب الجنسية وتغيير حالة المواطنين العرب عن طريق موظفي مكتب الداخلية مرفوض ومخالف للقانون، والأمر مستهجن». ووفق الصحيفة، أكد مندوبو وزارة الداخلية خلال جلسة للجنة الداخلية في الكنيست، العام الماضي، وجود مثل هذه السياسة. وكلفت اللجنة مندوبي وزارة الداخلية بفحص حجم هذه الظاهرة وما إذا كانت قانونية أم لا. وبعثت وزارة الداخلية برسالة إلى رئيس لجنة الداخلية بالكنيست، في نهاية العام الماضي، قالت فيها إن عدد مسلوبي المواطنة يصل إلى 2600، وإنه لم يتم إجراء فحص تفصيلي، ولذلك فإن العدد قد يكون أكبر. وظهر من جلسة عقدت في إحدى اللجان البرلمانية في الكنيست أن سبب هذه السياسة يعود إلى أن أجداد هؤلاء المواطنين، خضعوا لحكم عسكري إسرائيلي بين عامي 1948 – 1952، وعليه فإن من توفي من أجدادهم في هذه الفترة، لم يحصل على جنسية. وقالت جهات مطلعة في الجلسة إن «موظف الداخلية، حين يعالج طلبات هؤلاء المواطنين، فإنه يعود إلى سجل أجدادهم ليجد أن هؤلاء لا يملكون جنسية، ومن هذا المنطق فإنه يسحبها منهم، لأنها مُنحت لهم بالخطأ، ويحيلهم على مماطلة لا تنتهي». ويعتبر البدو، ومعهم الأحزاب العربية في إسرائيل، هذه السياسة «عنصرية» و«جزءاً من سياسات أخرى تهدف إلى اقتلاعنا من أرضنا». واعتبرت عضو الكنيست توما، وهي المبادرة لتلك الجلسة البرلمانية، هذه السياسة «مقدّمة لتهجير لن نسمح بمروره، وزارة الداخلية اعترفت أن 2600 مواطن من أهالي النقب العرب معرّضون لخسارة الجنسية الإسرائيلية، وهي أرقام غير نهائية». وخيّرت توما الداخلية الإسرائيلية، قائلة: «إما أن تتراجعوا وتعيدوا الجنسية لأصحابها، وإلا سنتوجه للمحكمة العليا».
مشاركة :