بعد أن نسي الأطفال في المملكة العربية السعودية البساطة والابتسامة والفرحة بقدوم العيد بسبب التحضر والعولمة والانفتاح ورغد العيش، فأصبحوا منشغلين بالألعاب الإلكترونية ووسائل الترفيه التقنية التي غلب عليها ألعاب العنف والأكشن والحركة- واصل سكان حي الغدير شمال مدينة الرياض إحياءهم فعاليات (الحوامة)، وهي عادة قديمة لأطفال القرية، يجوبون من خلالها سكك (شوارع) القرى لأخذ عيديتهم، منشدين عددًا من الأهازيج الشعبية. حيث قام أطفال حي الغدير ليلة عيد الفطر المبارك لعام 1435هـ، بالاجتماع والمرور على المنازل مرتدين ملابسهم التراثية، طارقين الأبواب، طالبين عيديتهم على نهج أجدادهم وجداتهم، منشدين (أبي عيدي عادة عليكم عسى الفقر ما يدخل عليكم). وقد أوضح الأستاذ صالح السيف منسق الفعالية أن ما دعاهم لذلك هو إيمانهم بأهمية إحياء الموروث الشعبي الذي يتيح التعارف والتواصل ويعيد العلاقات الاجتماعية التي تقطعت بسبب انشغال المجتمع وتباعد المسافات واللهو بوسائل التواصل الاجتماعي، كما أن الفعالية تسهم في إعادة مظاهر الفرح والبهجة التي صارت غائبة حتى في موطنها الأساسي. وأضاف: "هذه هي المرة الخامسة التي نقيم فيها (الحوامة) كأول حي في الرياض -على حد علمي- وقد كانت في بدايتها ضعيفة، لكنها العامين الماضيين تلقى إقبالًا كبيرًا من أهل الحي الذين سعدوا بذلك وتفاعلوا بشكل رائع، فلهم منا كل الشكر والتقدير. وقد شاركنا هذا العام عدد من الشخصيات المشهورة على الساحة الفنية والكوميدية، رغبةً منهم في إدخال السرور على الأطفال والإسهام في إحياء الموروث الشعبي الجميل". وقالت الأستاذة أثير السيف -وهي إحدى المشرفات على الفعالية- إنه تم التنسيق من قبل الفريق المنظم مع سكان الحي الراغبين في المشاركة بالفعالية عن طريق وسائل التواصل وتوزيع منشورات على المنازل، وتم عمل اللازم لتخرج الفعالية بصورة متميزة؛ حيث تم تأمين الشوارع، وتحديد المنازل المشاركة، كما وضعت خطة سير للمسيرة، وتم إغلاق الشوارع حين مرورها، حرصًا على سلامة المشاركين وأولياء أمورهم؛ حيث إن العدد كبير جدًّا، "ولا ننسى أن نشكر أم طارق الداوود على فكرتها الرائعة في إحياء هذه العادة الجميلة". وقال نجم الكيك عبد العزيز العزام أحد المشاركين: "حرصت على المشاركة في الحوامة لأنها تذكرني بما كان يفعله أجدادي قديمًا، وكذلك لأنها جميلة جدًّا، وأدخلت في نفسي السعادة والسرور". وأضاف ولي أمر أحد المشاركين: "نشكر القائمين على الفعالية؛ فقد أعادت لنا البسمة، وأحسسنا بها بطعم العيد وعشنا أجواءه البسيطة التي عاشها آباؤنا قديمًا". تجدر الإشارة إلى أن فعالية (الحوامة) بدأت تعود بشكل كبير؛ حيث أقام الفعالية هذا العام عدد من الأحياء في مدينة الرياض، مقتدين بنهج إخوانهم في حي الغدير، ولاقت قبولًا واسعًا من أطياف المجتمع، بل ومطالبة بتطبيقها في جميع الأحياء لإعادة فرحة العيد التي غابت بسبب الملهيات، والانشغال بوسائل التواصل الاجتماعي في كل الأوقات، فلم يعد لاجتماعات الأسرة ولا للمناسبات أي طعم؛ إذ غدا الفرد غارقًا في عالمه الافتراضي، غائبًا عما يدور في مجتمعه وأسرته!
مشاركة :