تشاد وسنوات من المواجهة مع الإرهاب القطري بقلم: الحبيب الأسود

  • 8/27/2017
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

حكومة نجامينا على قناعة بأن نظام الدوحة يحتاج إلى موقف إقليمي ودولي صارم لكي يرتدع، وإلا فإنه لن يكف عن مشروعه في دعم الإرهاب ونشر الخراب بعد أن أضحى جزءا أصيلا من عقيدته.العرب الحبيب الأسود [نُشر في 2017/08/27، العدد: 10735، ص(5)] قرار حكومة تشاد غلق السفارة القطرية وطرد السفير من نجامينا لم يأت من فراغ ولا من محاولات ابتزاز سياسي كما ادّعى نظام الدوحة، وإنما جاء ليعبّر عن موقف رسمي وشعبي في دولة مركزية داخل منظومة الساحل والصحراء ضد العنجهية القطرية التي طالما تجسّدت في دعم التطرف والإرهاب والتدخل في الشؤون الداخلية للدول والتآمر على وحدة الشعوب واستقرار المجتمعات بإيواء وتمويل وتسليح المعارضات الراديكالية كما هي الحال في الوضع التشادي. منذ أعوام بدأت قطر ممارسة لعبتها المفضلة في تشاد عندما فتحت أبواب الدوحة لمعارضي نظام الرئيس إدريس ديبي إثنو، ودفعت في مارس 2013 باتحاد قوى المقاومة المسلحة إلى الإعلان عن استئناف حركة التمرد التي كان أوقفها بعد اتفاقات السلام الموقعة في 2009 بين تشاد والسودان، وقد كان لافتا أن ذلك الإعلان تم انطلاقا من العاصمة القطرية وعلى لسان تيمان أرديمي أحد أبرز قادة المتمردين بعد أن سبقه محمد شريف جاكو في 2010 بالإعلان عن اشتراط المعارضة التشادية أن تكون قطر الضامن لأيّ اتفاق سلام مع نجامينا. تصريح الدوحة بعدائها لنظام إدريس ديبي إثنو في 2013 كانت له دوافع عدة أبرزها انخراط تشاد في الحرب ضد الإرهاب التي خاضتها فرنسا في شمال مالي، حيث قاد محمد إدريس ديبي، نجل الرئيس، قوة قوامها ألف عسكري ومئة عربة مدرعة وعربات جيب وشاحنات إمداد للمشاركة في التصدي للتحالف الذي انبثق آنذاك بين حركة أزواد الانفصالية وتنظيم القاعدة وجماعة بوكو حرام وعدد من الجماعات المتشددة الأخرى في المنطقة.الرد على تهديد كان سيؤدي إلى ما لا تحمد عقباه وشاركت القوات التشادية في خوض المعارك إلى جانب القوات الفرنسية انطلاقا من كيدال البلدة الصحراوية على بعد 1200 كيلومتر إلى الشمال الشرقي من العاصمة باماكو، حيث ساهمت بدور كبير في مهاجمة مخابئ المتشددين في سلسلة جبال أدرار أفوغاس على الحدود بين مالي والجزائر، وصرّح نجل الرئيس التشادي الذي كان آنذاك على رأس رتل قوات بلاده أن مهمة القوات التشادية هي محاربة الإرهاب واجتثاثه من المنطقة. في تلك الأثناء كانت قطر تدعم الجماعات الإرهابية المتحالفة ظاهريا مع المتمردين الأزواد، والتي كانت تقود في الخفاء حربها للسيطرة على المنطقة تحت لواء تنظيم القاعدة، ما جعل صحيفة “لوكانار أنشينيه” الفرنسية تنشر في 2012 مقالا بعنوان “صديقتنا قطر تموّل الإسلاميين في مالي”، نقلت فيه عن مصدر بالمخابرات الفرنسية معلومات موثقة تفيد بأن حركة أنصار الدين التابعة للقاعدة وحركة التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا والانفصاليين الطوارق تلقّوا دعمًا ماليًا من قطر. وقال عمدة مدينة غاو شمالي مالي سادو ديالو في حوار مع راديو “آر تي أل” الفرنسي “الحكومة الفرنسية تعرف بشكل قاطع من يدعم الإرهابيين، فقطر على سبيل المثال تواصل إرسال ما تسمّيه بالمساعدات والغذاء كل يوم إلى مطارات غاو وتمبكتو”، في إشارة إلى أن تلك المساعدات كانت للمسلحين المتطرفين في تلك المناطق. كان هدف قطر بعد الإطاحة بنظام الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي في 2011 التمدد في دول الساحل والصحراء خدمة لمشروع يصبّ في مصلحة مخطط صهيوأميركي يستهدف السيطرة على الجغرافيا السياسية الفاصلة بين شمال أفريقيا وجنوبها ووضع اليد على الثروات والمقدرات الطبيعية وقطع يد الصين التي كانت اتجهت بقوة للاستثمار في تلك المناطق، إضافة إلى قناعة معروفة بأن اختراق الجزائر لا يتم إلا عبر جنوبها الكبير، والسيطرة النهائية على ليبيا لا تتحقق إلا بوضع اليد على خاصرتها الجنوبية الرخوة، وذات الأمر يتصل بموريتانيا التي كشفت خيوط التآمر القطري وحصلت على وثائق تدين نظام الدوحة بدعم الإرهاب على حدودها الشرقية. وأثناء مشاركتها في الحرب ضد الجماعات الإرهابية في مالي كان على تشاد أن تنتبه إلى تحركات مريبة في مناطقها الشمالية تشارك فيها قطر بالتمويل والتسليح، ما دفع بها إلى مهاجمة قوات المتمردين في جبال تيبستي، بينما وجه الرئيس إدريس ديبي في 2013 اتهامات مباشرة إلى سلطات طرابلس الخاضعة آنذاك للوصاية القطرية بفتح معسكرات لإيواء وتدريب المعارضين التشاديين الذين سماهم المرتزقة وطالبها باتخاذ الإجراءات الضرورية لوقف هذا النشاط، وتزامن ذلك مع فرار المتمردين من شمال تشاد إلى جنوب ليبيا ليدخلوا في تحالفات مع تنظيم القاعدة تحت أنظار قوات حكومية مرتبطة عقائديا وتنظيميا بالحليفين الرئيسيين لقطر وهما جماعة الإخوان المسلمين والجماعة الليبية المقاتلة. ما حدث بعد ذلك كفيل بأن يكشف طبيعة الدور القطري في حبك خيوط المؤامرات ضد نجامينا، حيث أضحى المتمردون التشاديون جزءا من الميليشيات المسلحة كقوة الدرع الثالثة وسرايا الدفاع عن بنغازي وعصابات إبراهيم الجضران وبعض ميليشيات مصراتة التي قادت مواجهات ضد الجيش الليبي في الهلال النفطي وأجدابيا والجفرة وبراك الشاطئ. وفي أبريل الماضي بث التلفزيون الحكومي التشادي لقاءات مع بعض أفراد المجموعة المسلحة التي يقودها محمد حامد ويوسف كلوتو والتي أعلنت عودتها إلى شرعية الدولة التشادية. خلال الاعترافات أكد حامد وكلوتو أنهما عادا رفقة عدد من مسلحي المعارضة إلى شرعية الحكومة في تشاد بعد مشاركتهم في هجوم مسلحي سرايا الدفاع عن بنغازي المدعوم من قطر على منطقة الهلال النفطي في مارس الماضي. وأبرز يوسف كلوتو أنه ورفاقه المسلحين بالمعارضة اتفقوا معا على القتال ضد تنظيم داعش ليكتشفوا أنهم يقاتلون كمرتزقة ضد طرف ليبي آخر في قضية غير واضحة لهم، في إشارة إلى تورّطهم في القتال ضد الجيش الوطني الليبي الذي تناصبه الدوحة العداء. أدركت تشاد أن قطر سعت بكل قواها إلى دعم المتمردين ضد نظام الرئيس إدريس ديبي، وأن سعي الدوحة لدعم إرهاب بوكو حرام جنوبا والمعارضة المسلحة شمالا لن يتوقف، لذلك كان موقفها حاسما عندما قررت في يونيو الماضي الانضمام إلى الدول الداعية إلى مناهضة الإرهاب القطري، ودعمته بطرد سفير قطر وغلق السفارة بالتزامن مع توطيد علاقاتها الأمنية والعسكرية والسياسية مع مصر والجيش الوطني الليبي ودول تحالف الحزم ضد إرهاب الدوحة، وكما قال أحد مسؤوليها البارزين فإن حكومة نجامينا على قناعة بأن نظام الدوحة يحتاج إلى موقف إقليمي ودولي صارم لكي يرتدع، وإلا فإنه لن يكف عن مشروعه في دعم الإرهاب ونشر الخراب، بعد أن أضحى جزءا أصيلا من عقيدة النظام السياسي في قطر. كاتب تونسيالحبيب الأسود

مشاركة :