شاي بالياسمين

  • 8/27/2017
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

شاي بالياسمين هي حكاية بانتظار 23 يوليو/تموز جزائري! في بداية عام 1952، قرر "فاروق الأول"، ملك مصر وقتها، تعيين رئيس وزراء جديد، وجعل مهمته الأولى "محاربة الفساد"، في مناخ كالح السواد، فحريق القاهرة من جهة، وثقل هزيمة حرب 1948 وقضية الأسلحة الفاسدة وحركة الفدائيين الداعية لطرد الاحتلال البريطاني من مصر الذي رغم إعلان فبراير/شباط 1922 المتعلق بالاستقلال، فإنه وجد لنفسه صيغة أخرى للبقاء والاستمرار. وزاد الطين بلة الفساد وتغوّل رجال الأعمال على العمل السياسي، رشاوى وتربح وفساد. لم يجد الملك فاروق من رجل يستطيع امتصاص الغضب الشعبي المتصاعد غير الهلالي باشا، فعيّنه رئيساً للوزارة. رئيس الوزراء الجديد أخذ مهمته على محمل الجد، وانقض على رجل أعمال نافذ يدعى "عبود باشا"، الذي اشتهر باستيلائه على كل الصفقات العمومية، وبقربه من محيط الملك، فهو مقاول رئيسي مع الجيش الإنكليزي، وصاحب شركة نقل بحري ساهمت بقوة في المجهود الحربي البريطاني أثناء الحرب العالمية الثانية، ورئيس شركة السكر، ورئيس النادي الأهلي! مصادفة غريبة مع الجزائر 2017، أليس كذلك؟ مع بعض الفوارق الطفيفة. وقام رئيس الوزراء بإرسال الإنذارت ومصالح الضرائب، لكن "عبود باشا" عرض على الملك مليون فرنك سويسري مقابل تنحية رئيس الوزراء، فأقال الملك رئيس وزرائه بعد بضعة شهور من تعيينه، وقبض الثمن! وقام الملك ورجل الأعمال بتسليط "صحافتهما" على رئيس الوزراء المخلوع، لكن الصفقة انكشفت، وتحولت إلى فضيحة مدوية. وبعد شهور استدعى الملك رئيس الوزراء المخلوع، وعهد إليه بتشكيل حكومة جديدة، وكانت ليلة 23 يوليو/تموز 1952، هي الليلة التي كان منتظراً أن تشهد إعلان الحكومة الجديدة، لكنها كانت ليلة الثورة ونهاية نظام فاروق، وانتهى معه حكم أسرة محمد علي في مصر. الجزائر 2017 الاقتصاد الجزائري على شفا الانهيار، أسعار النفط تتهاوى ولا تتعافى رغم الجهود التي تبذلها منظمة الأوبيب، الفساد في كل مكان، ورجال الأعمال يمزجون بين المال والسياسة، ظاهرة جديدة على الجزائريين، وإن كانت مشابهة لما حدث في مصر قبل 1952، وما تكرر في مصر بعد ذلك قبل 2011 بظهور طبقة رجال الأعمال المرتبطين بالحزب الوطني وحديد عز. ظهرت طبقة من رجال الأعمال يستثمرون ويحتكرون النشاط في كل مكان وزاوية، تركيب السيارات، الحديد والصلب، الأشغال العمومية والمقاولات. دعا عبود باشا الكبراء والعظماء إلى حفل غداء على ظهر الباخرة "الخديو إسماعيل"، حضره سفير أميركا المفوض في مصر المستر "بنكي تك" الذي قال إن بواخر عبود باشا المصرية ستكون رسول صداقة وطيدة بين مصر وأميركا، وإن أميركا لتشعر عندما تصل إليها باخرة الخديو إسماعيل بالسعادة؛ إذ ترى هذا الخط الملاحي الجديد بينهما وبين مصر مدعماً بالثقة والصداقة وحسن التعاون. أعلن عبود باشا أن هذين الباخرتين ستحل أزمة نقل ما تتطلبه مصر من أميركا وما تود مصر أن تصدره إلى أميركا؛ حيث موانئ بوسطن ونيويورك، كما ستحفظ عملتها الصعبة النادرة من التسرب خارج البلاد وبذلك ستكون فاتحة خير للاقتصاد المصري. في 2015 يقوم سلال رئيس الحكومة السابق بزيارة إلى أميركا يصطحب معه حداد رجل الأعمال الذي يعد الأميركان بإنقاذ ديترويت بأموال واستثمارات رجال الأعمال الجزائريين فاتحاً عهداً جديداً في العلاقات الأميركية الجزائرية. بوتفليقة يعيّن حكومة جديدة ويكلف رئيسها بفصل المال عن السياسة، كما جاء في خطاب تولي الحكومة الجديدة المهام أمام البرلمان. ويبدأ رئيس الوزارة الجديد حربه ضد الفساد وبارونات الاستيراد، وكل المصانع التي أقيمت بقروض من الدولة؛ لتكون وسيلة لنهب مال الدولة، ويثور رجل الأعمال المعروف الذي يشعر أن الحملة تستهدفه شخصياً، وتتم إقالة الوزارة الجديدة بعد أقل من 80 يوماً من تكليفها. هل مازال هناك مَن يقرأ التاريخ؟ ملحوظة: التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

مشاركة :